ممّ تعلّمت هذا العام

تعلّمت في هذا العامٍ الكثير، أنّ خوضي كفتاة في معترك عالم صناعة الأفلام لم يكن سهلاً قط، وما زلت قائمة في هذا العراك وأتخطّاه رويداً رويداً مستمتعة في كلّ لحظة منه، ولكنّني بدأت أصل إلى مكان اكتشف أنّه وبرغم أنّه أصعب على الفتيات بالذّات -على الأقل في هذه المنطقة- فهو صعب على الجميع كذلك، الجميع في هذا الجزء من العالم الفنيّ، مُقاتِلون أحرار.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/25 الساعة 04:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/25 الساعة 04:48 بتوقيت غرينتش

في طفولتنا، وضعنا أهلنا في غرف نومٍ آمنة، سيارة آمنة للمدرسة، بيت أصدقاء آمن نقضي فيه عطلة نهاية الأسبوع. في الرّحلات يختارون لنا الحدائق الآمنة، الطّعام الآمن، لا نخرج خارج المنزل إلا إن كان الجوّ آمناً.. كلّ ذلك كان روتيناً اعتدناه، إلى أن وصلنا يوماً إلى مرحلة اتّخاذ القرار، فصرنا نكسر الأمان في سبيل التّجربة، ونخترقه في سبيل وصول الذّروة في متعة الحياة والمُخاطرة.

لعلّ اختياري الخروجَ العنيف في الأعوام السّابقة من "المنطقة الآمنة" التي اعتدتها، جعلني ذلك أقف مُواجِهةً للعديد من التّحديّات والصّعاب..

تعلّمت في هذا العامٍ الكثير، أنّ خوضي كفتاة في معترك عالم صناعة الأفلام لم يكن سهلاً قط، وما زلت قائمة في هذا العراك وأتخطّاه رويداً رويداً مستمتعة في كلّ لحظة منه، ولكنّني بدأت أصل إلى مكان اكتشف أنّه وبرغم أنّه أصعب على الفتيات بالذّات -على الأقل في هذه المنطقة- فهو صعب على الجميع كذلك، الجميع في هذا الجزء من العالم الفنيّ، مُقاتِلون أحرار.

تعلّمتُ الكثير، عندما كتبتها لنفسي خرجت بما يزيد عن 120 درساً، اخترت بعضها..

  • تعلّمت كيف أنّ الحُبّ يبني المعجزات.
  • تعلّمت أن لا أخجل من صفري عندما بدأت الخوض في عالم الكاميرا وعمري 19 عاماً، ولكنّ ذاك الصّفر سيكون أجمل كلّما ابتعدت عنه أكثر، ورحلة الابتعاد لها بداية وليس لها نهاية.
  • تعلّمت في هذا العام كيف لصداقة أن تتحوّل إلى أخوّة، وكيف لصداقة أخرى أن تتبخّر سريعاً وكأنّها لم تكن.
  • تعلّمت أن العقل كالنّبتة، سأجني ثمار ما أزرع بِه. أن لا أملّ من فضول الأمور، وأن لا أتعب من البحث.
  • تعلّمت أنّ أتجاوز ضيق الاستيقاظ السّاعة 5.00 فجراً للتّصوير، فهذا جزء من عقدٍ يوقّعه أيّ إنسان يريد الوصول إلى هدفه.
  • تعلّمت الابتعاد عن كلّ من ثبّط من همّتي يوماً، أو استهزأ بقدراتي أو قلّل من إنتاجي، ليس تعالياً، بل انشغالاً عنه بالمفيد. ودعائي له -بالمقابِل- بالشّفاء العاجل.
  • تعلّمت أن أنتقي معاركي، فإن أردت خوض كلّ ما يمرّ بي جلست أنا وسيفي نقاتل حتّى أهلك. أصبحت أختار ما يستحقّ العناء حقّاً وقتي وجهدي، ولا أغادر إلا ومعي ما أردت، أو بديلاً صالحاً عنه.
  • تعلّمت أنّ البعض يظهر من بعيدِ أنّه جدارٌ قويّ ولكن ما إن اقترب منه أصبح قماشاً تواريه الرّياح لا تستند عليه أبداً.
  • تعلّمت أن أسمع كثيراً، لكلّ من لديه حِكمة يقولها لي.
  • لا يوجد إنسان خُلِق دون مهارة. سافرت هذا العام إلى 4 قارّات، أقمت ورشات ودورات ونّدوات للمِئات، ولم أقابل إنساناً عديم المهارة بعد، بل قابلت الكثيرين ممن لا يعلمون ما هي مهاراتهم بعد.
  • تعلّمت أنّني إن بِعت تواضعي بِعت نفسي وأصبحت كالكثيرين ممن ابتعدت عنهم أنا لتكبّرهم وتعاليهم على غيرهم.
  • تعلّمت أنّ الحياة لديها الكثير لتقدّمه، كإشارة المرور الخضراء تنتظر مروري بنجاح، ولكنّني إن لم أشحن سيّارتي ولم أقدها بالطّريق الصّحيح فلن أتعدّى الإشارة أبداً.
  • أن كلّ عامٍ هو العام الصّحيح للتّغيير، وأنّ كلّ ساعة هي السّاعة الأنسب لاتخاذ قرار التّطوير. أنّ التأجيل مُميت مقيت.
  • تعلّمت أن لا أجعل أمراً واحِداً جُلّ حياتي، فبقدر حبّي لصناعة الأفلام فهو ليس كلّ ما أنا عليه، وليس فقط ما أعيش لأجله. أحبّ السّفر، التصوير الفوتوغرافي، القراءة، أرى نفسي أمًّا، خالة، جدّة.. الحياة أجمل وأكبر من أمرٍ واحد في عيني، أريد خوض جميع تجاربها قدر المستطاع.
  • تعلّمت أنّ البعض يتحدث عن إنجازات غيره كأنّها له، فلا "يغرنّك" بهم الغرور.
  • تعلّمت أنّ رفيقي من أناقش معه المستقبل، وليس فقط الماضي.
  • أن لا أعاتب أبداً، ولا أرضى أن يعاتبني إنسان.
  • أن لا أتنازل عن حقّي.
  • أن أحترم الجميع، دون استثناء. واحترامي لغير المحترم يكون بالابتعاد.
  • تعلّمت أنّني لا أستطيع إتقان كلّ شيء في آن، وأنّ توزيع المَهام من المهارات المهنيّة الأساسية التي يعتمد عليها نجاح العمل.
  • أن لا أكره، فالكراهية تُعمي وتجعلنا نعمل دون تركيز، لا يوجد "كاره" ماهِر في عمله. برأيي أن يكون الفتيل هو الحُب، فعندما تُحب تعمل وتخطط دون ملل.
  • أنّ التخلّي عن بعض المَهام، الأصدقاء، الواجبات، ليس ضعفاً دائماً، بل ذكاء منكَ أنّ هناك من وما بيستحقّ وقتك وجهدك وتفكيرك أكثر.
  • أنّ للجميع معاركهم الخاصّة التي لا تعلمها، فلا ألومهم في أمرهم، وأتركهم وشأنهم إن لم أكن سأساعد.
  • أن لا أقارن "خلف كواليسي" بـ"منصّة غيري".
  • أنّ كل يوم هو أنسب يوم لألبس الألوان التي أحبّها، وأطهو الطّعام الذي أريد، وأشاهد الفيلم الذي أنتظر، وأحضن الحبيب الذي أشتاق إليه.
  • أنّ من أساسيّات النّجاح: التّحضير.
  • أن أحاوِل إصلاح من مَرِضَ قلبه من أصدقائي، ومن ثمّ أبتعد خوفاً من أن ينتقل المرض إليّ، فقد حاولتُ بما فيه الكفاية.
  • أن العالم كبير وجميل وواسع، وليس حِكراً على جنسيّة دون أخرى، ويجب أن يكون التّرحال على قائمة الأولويات بدل السيّارة الفارهة أو الهاتف المحمول الجديد.
  • الفرص ليس مرتّبة في موقع الكتروني أختار منها ما يحلو لي وقتما أشاء. اخلق فرصاً لنفسك.
  • – الأمر الوحيد الذي ستجلبه المشاعر السّلبية لحياتي هو: المزيد من السّلبيّة.
  • أن أقيم علاقة طيّبة مع نفسي، ستصلح حينها علاقتي مع من حولي من الصّالحين.
  • أنّ من يحبّك، فجأة يريد احتساء الشّاي معك في مساء شتويّ في مطعمٍ ما.
  • أنّ الكثير مما ذّكّرتُ فوق تعلّمته "أثناء السّفر".
  • أنّ الحُبّ مفتاح كلّ شيء، ولكن من شروط اقتناء هذا المفتاح: طهارة في القلب والعقل وصلاح في النيّة.

أخبرتني طالبة من طالباتي وعمرها 17 عاماً، أنّنا في هذا العالم لا شيء، صغار، نكاد نكون غباراً لا يهتزّ أيّ شيء برحيلنا. أخبرتها أنّنا فِعلاً صِغار، والعالم كبير وغير مبني على وجود إنسان واحد، فقد رحل رسول الله عليه السلام وما زالت البشريّة قائمة، ولكن ما قدّمه باقٍ إلى الآن. فنحن لن نبقى، ولكن يبقى الأثر.. ولهذا أتعلّم هذه الدّروس، ولهذا لا أريد لهذه الدّروس أن تتوقّف.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد