وضعت حرب اليمن والتنافس الشديد مع إيران، قوى الشرق الأوسط في وضعية دفاعية. لكن هل يكون عام 2016 أفضل حالاً من سابقه؟
2015 كان حافلاً بالتحديات بالنسبة للسعودية، حيث أن دولاً كبرى في مقدمتها أميركا والتي تبدو أكبر حليف ظاهري لها، عقدت صفقة نووية من شأنها إنعاش وتجديد شباب منافستها إيران، أما حروب اليمن وسوريا فمستمرة في زعزعة المنطقة، في حين أن سعر برميل النفط آخذ في الانخفاض.
لكن ليست كل الأخبار سيئة كانت خلال العام المنصرم بالنسبة للسعوديين، فالانتخابات البلدية التي جرت الأسبوع الماضي وشهدت لأول مرة في تاريخ البلاد المعاصر مشاركة المرأة كانت علامة إيجابية.
صحيفة التايم البريطانية استعرضت في تقرير لها 5 حقائق تعطي لمحة عن مسار السعودية مع دخول العام الجديد وهي محملة بأثقال المنطقة وأزماتها،إلى جانب أزمة هبوط أسعار النفط.
1. الحرب في سوريا
السعوديون يريدون وبشدة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد حليف منافستهم اللدودة إيران، لكنهم مع ذلك لا يودون إرسال أي قوات أرضية إلى ميدان القتال.
من جهة أخرى يقض مضجع الرياض 2500 سعودي منضمين إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وتكتفي السعودية حالياً بدعم جهود الحرب في سوريا من على بعد، حيث أنفقت الرياض في العام الماضي وحده مبلغ 6.5 مليارات دولار أميركي في إتمام صفقات شراء أسلحة (فهي الأولى على العالم في مجال استيراد الأسلحة ونظم الدفاع)، وزودت الجيش السوري الحر بـ500 صاروخ تاو أميركي مضاد للدبابات.
إضافة إلى ذلك، فقد وافقت السعودية على استضافة مرافق تدريب أميركية للثوار السوريين، والتي يرجو البنتاغون من خلالها تدريب 5000 مقاتل سوري في العام الأول من التشغيل.
لعل هذه الجهود ستضمن للرياض مقعداً على الطاولة، لكنها لا تكفي لتغيير اللعبة بالمنطقة.
2. الحرب في اليمن
نظراً لعدم نجاعة التدخل السعودي في اليمن، لعل الأفضل للسعودية عدم التدخل كذلك في حرب سوريا، فقد سيطر المتمردون الحوثيون حلفاء إيران على العاصمة اليمنية، وهو أمرٌ لا تقبل به الرياض.
وتقود السعودية حالياً تحالفاً عربياً مؤلفاً من 10 دول في حرب اليمن، كما خصصت 100 طائرة حربية و150 ألف جندي لهزيمة المتمردين، لكن ماذا كانت نتيجة الحرب الدائرة هناك؟، 21 مليون يمنياً (80% من مجموع السكان) يعتمدون على المعونات الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة.
لا بد أن السعودية التي تعد رابع أكبر دولة في الإنفاق العسكري لم تتوقع أن تسير عملياتها العسكرية في اليمن بهذا الاتجاه، لكن على غرار ما جرى مع أميركا، فأن التفوق العسكري في العدد والعتاد لا يعني أبداً سهولة المغانم والانتصارات في الشرق الأوسط اليوم.
3. أسعار النفط المتدنية
تمثل عودة إيران إلى أسواق النفط العالمية الخطر الأكبر على النفوذ والهيمنة السعودية، فمع نهاية عام 2016، يتوقع أن تضخ إيران في الأسواق العالمية ما يقرب من 1.5 مليون برميل يومياً.
والعالم اليوم يشهد وفرة كبيرة في النفط مع جهود منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) التي تعد السعودي أحد أعمدتها وتتحكم بثلث إنتاج النفط العالمي بالمحافظة على مستويات إنتاجية عالية للنفط في محاولة للتحكم بالأسعار الرخيصة واستبعاد المنافسين من السوق، خاصة النفط الصخري في أميركا الشمالية.
وهذا هو السبب الأكبر الذي من أجله هبطت أسعار النفط هبوطاً حاداً من 111 دولاراً للبرميل في يونيو/حزيران 2014 إلى أقل من 40 دولاراً هذا الأسبوع.
ويبدو أن هذه الاستراتيجية نجحت لأن عدد المضخات التي تستخرج النفط الصخري في أميركا هبط إلى أقل من نصفها منذ العام الماضي، لكن المحافظة على حصة السعودية في السوق كلفها ثمناً باهظاً على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
فالنفط يمثل 80% من عائدات الموازنة السعودية، كما يمثل 90% من عائدات صادراتها و45% من ناتجها المحلي الإجمالي.
لكن لدى الرياض احتياطي يقدّر بـ640 مليار دولار يخولها من إطالة أمد اللعبة أكثر، غير أن دولاً أخرى عضوة في أوبك مثل فنزويلا والجزائر لا تملك هذه الرفاهية في احتياطياتها لتتحمل تدني الأسعار كالسعودية.
تقول تقديرات الوكالة الدولية للطاقة أن هبوط أسعار النفط كلف دول أوبك حتى الآن حوالي 500 مليار دولار في العام وأن أصوات الأعضاء تتعالى استياء وتذمراً، وسنشهد المزيد من التوتر والمشاحنات إن استمرت أسعار النفط في الهبوط..
4- ولاية العهد الملكي ونائب ولي العهد
لعل أكبر الأحداث وأهمها على ساحة السياسة السعودية الداخلية هذا العام كان تعيين الأمير الشاب محمد بن سلمان في منصب دقيق حساس هو وزير الدفاع ونائب ولي العهد، ما يجعله الثاني لاعتلاء عرش المملكة.
إنها أول مرة في تاريخ السعودية المعاصر تشهد وصول الجيل الشاب إلى مركز القوة في الأسرة الحاكمة بالسعودية والتي يزيد تعداد أفرادها عن 15 ألف فرد.
إضافة إلى ذلك، فإن صغر سن الأمير الشاب فاجأ المراقبين لأن السن لطالما كان "عاملاً بارزاً" في تحديد ولاية العهد حسب ما قاله الخبير في الشؤون السعودية سايمون هندرسون.
ولعل هذه النقلة الكبيرة في أوساط هيكل السياسة السعودية قد ولدت أصداء غير معهودة.
5- الانتخابات السعودية: ترحيب بالمرأة
في أمر نادر وسط هذه العجالة من الأخبار المقلقة، شهدت انتخابات المجالس البلدية الأسبوع الماضي مشاركة المرأة في التصويت وفي الترشح أيضاً للانتخابات.
فمن أصل 7000 مرشحاً كانت هناك 979 من المرشحات النساء فازت منهن 20 امرأة، أي أنه من أصل 2100 مقعداً بلدياً تم التنافس عليها، فازت النساء بـ1% من هذه المقاعد.
ورغم أنه ليس تغيراً جذرياً، إلا أنه في دولة هي الوحيدة التي تمنع النساء من قيادة السيارات، فإن ذلك التغيير وإن صغُرَ يشكل تقدماً، ومازالت النسوة السعوديات تتقدمن بخطى إلى الأمام.
في عام ،2004 كانت هناك 23 ألف امرأة فقط في سوق العمل، أما اليوم فيشهد سوق العمل بالسعودية مشاركة 400 ألف إمرأة عاملة، لعلها خطى صغيرة جداً، لكنها تبدو في الاتجاه الصحيح.