كنا قد أعلنا في حينه وأكدناه مرارا وتكرارا بأن إعلان فيينا 2 قبل نحو شهر كان بمثابة الحكم بالإعدام من جانب القوى الدولية والإقليمية على فكرة ثورات الربيع وفي مقدمتها ظاهرتها الأكثر فرادة والأغنى تجربة.. الثورة السورية الذي استند إلى قرارت جنيف قبل ثلاثة أعوام ومداولات القوى الكبرى خصوصا الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، وكان القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي في التاسع عشر من الشهر الجاري قرارا تحت رقم (2254) حول سوريا بمثابة الضربة القاضية.. ويتكون من مقدمة وستة عشر بندا تتضمن خلاصة توافق الكبار حول القضية السورية انطلاقا من مصالحهم ورؤاهم من دون مشاركة وموافقة من يمثل السوريين وثورتهم.
وفي هذه العجالة محاولة في مناقشته بالعمق وتقييمه وإبداء مآخذنا على ما يرمي إليه من أهداف خبيثة..
أولا – التزام القرار – كما جاء بالمقدمة – بخطاب النظام حول تسمية سوريا وجميع رموزها وليس بمفهوم الثورة ومفرداتها حول مصدر الشرعية حتى أنه (القرار) لم ينحُ الطريق الوسط المحايد حول الإشكالية الوطنية منذ خمسة أعوام ولم يراعِ مشاعر غالبية السوريين وحتى مواقف العشرات من الدول الأعضاء بمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة بخصوص رفع الشرعية عن نظام الأسد.
ثانيا – تحميل المسؤولية للسلطة – كما جاء بالمقدمة – في الحفاظ على مواطنيها وليس بصيغة اتهامية أو إدانة اعتراف بشرعية النظام الدستورية والقانونية وتجاهل مسؤولية الثورة في إنقاذ الشعب من الاستبداد بحسب أهدافها ومبادئها وشعاراتها.
ثالثا – تناقض بين تأييد بيان جنيف يونيو/حزيران 2012 وهيئة حكم انتقالي بكامل الصلاحيات وبين تعابير "مع كفالة استمرارية المؤسسات الحكومية " في الفقرة ذاتها فهل ستكون هيئة الحكم جزءا أو امتدادا لمؤسسات النظام الحاكم أم ستقام على أنقاضها؟
رابعا – مساواة بين الضحية والجلاد أو النظام وغالبية الشعب الثائر كما جاء بالمقدمة بدلا من إدانة نظام الاستبداد الذي يقترف الجريمة تلو الجريمة منذ خمسة أعوام متحديا الشعب والرأي العام والمجتمع الدولي وهيئة الأمم وكل قوى الحرية في العالم في حين أن السوريين هائمون على وجوههم بالملايين في أصقاع الدنيا والبحار وفي الداخل السوري.
خامسا – عدم وضوح فقرة "وحماية حقوق جميع السوريين بغض النظر عن العرق والدين والمذهب" أولا حمايتهم ممن؟ وتعرضهم للاضطهاد منذ عقود من جانب من؟ وحدود ومضمون حقوقهم وضماناتها الدستورية.
سادسا – الخلط بين الثورة والمعارضة الحقيقية من جهة وبين مدعي المعارضة أو الموالين للنظام عندما يتم التساوي بين مؤتمرات المعارضة وبين لقاءي موسكو والقاهرة واجتماع الرياض "ذي الجدوى" على حد تعبير القرار وهذا مؤشر إلى نجاح الطغمة الحاكمة في موسكو في ضم الجماعات الموالية للنظام قريبا إلى الوفد المفاوض بالرغم من اعتقادنا بأن مختلف كيانات المعارضة بما فيها مؤتمر الرياض تعرضت للاختراق من جانب أدوات النظام.
سابعاً – في الفقرة الرابعة التأكيد على مدة ستة أشهر للمفاوضات ثم انتخابات ومشروع دستور في غضون عام ونصف العام على قاعدة استمرار النظام دون الإشارة إلى مصير رأس النظام وهو أمر غير مستغرب عندما يتم الاتفاق على الحفاظ على مؤسسات الدولة والرئاسة جزءا منها على أي حال.
ثامناً – في الفقرة الثامنة يبدو واضحا تعريف فصائل ومجموعات أخرى بالإرهاب إضافة إلى داعش والنصرة مع غموض في التسمية وهل جماعات إيران والعراق وحزب الله من بينها؟
تاسعاً – الاعتماد في تعريف الإرهابي من غيره على موقف الأردن والدول الأخرى وليس على تشخيص الثورة ومفهومها انطلاقا من مصالح الشعب السوري.
عاشراً – في الفقرة 14 حول اللاجئين والنازحين هناك غموض وعدم حسم وفقدان الخطة والبرنامج مما يوحي بإدامة معاناتهم إلى آجال غير معلومة.
كل ما أشرنا إليه وغيره سيشكل عقبات في طريق الحل السلمي للقضية السورية ومصدر خلاف بين القوى الدولية والإقليمية المعنية وبينها مجتمعة من جهة والشعب السوري من جهة أخرى ومؤشر على إطالة المعاناة والصراع في وقت تفتقد الساحة الوطنية الثورية السورية إلى بديل احتياطي لمواجهة التحديات الماثلة بسبب العجز حتى اللحظة عن عقد المؤتمر الوطني الشامل المنشود لصياغة البرنامج المناسب وانتخاب المجلس السياسي – العسكري لقيادة المرحلة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.