على الرغم من أنها أول مشاركة سياسية للسعوديات انتخاباً وترشحاً بالمجالس البلدية في السعودية، إلا أن 21 سيدة حصلن على مقاعد تمثل فيها الرجال والنساء معاً، ما يفتح الآفاق أمام مشاركة أوسع للمرأة السعودية وبخاصة أن التجربة تعد هي الثالثة فقط في تاريخ البلاد.
راشيل مارتن وماريسا بينيالوزا العاملان بالراديو العام الوطني في الولايات المتحدة، سافرا إلى السعودية، ليكتشفا ردود أفعال السعوديات حول ما حققنه وحول ما يطمحن إلى تحقيقه في المستقبل، حسب وول ستريت جورنال.
الحبيبي متفائلة
هيفاء الحبيبي المهندسة المعمارية والأستاذة الجامعية وإحدى اللواتي خضن التجربة الانتخابية الأولى قالت: "في بادئ الأمر، كان لدي الفضول لمعرفة ماذا يحدث، ذهبت إلى الاقتراع لأرى إن كان تحقق المتوقع، لكن بالنسبة لي لم أكن أريد أن أصبح سياسية، فأنا مهندسة معمارية، لذا أردت فقط أن أتأكد، هل الأمر يشبه ما يحدث في الخارج أم أنه مختلف هنا".
الحبيبي، أضافت متفائلةً بمستقبل جيلها وقالت: "أؤمن أننا نستطيع صنع التغيير، حين تجرب شيئاً، تحاول شيئاً وتعيشه، تفهم الأمور أفضل وتحاول تطبيق تلك التجربة في بلدك، لا أحد يكره وطنه، حين تعود إليه فهذا يعني أنك تحبه وتريد جعله أفضل، ما يحدث الآن بالنسبة لي ليس متعلقاً بذكر أو أنثى، ولكنه متعلق برغبة الناس في التغيير، وعليهم فهم دورهم الفعال في المشاركة في مجتمعهم، وأن عدم مشاركتهم لا يجعل البلاد تتقدم نحو الأفضل."
لن تصنع الفارق
بعض النساء لا يدركن الرابط بين الانتخابات وحياتهن اليومية، مثل عزيزة يوسف التي قالت: "لقد قاطعتُ تلك الانتخابات، فمن وجهة نظري أنها تعرقل حركة المرأة نحو الحصول على حقوقها، أنا أرى أنها لتحسين صورتنا أمام الغرب".
ابنتها سارة الخالدي وافقت على كلام أمها، وترى أن الانتخابات لن تصنع فارقاً كبيراً.
الخالدي وهي أم لـ 3 أطفال قالت أنها تريد أن تتحكم بحياتها اليومية أكثر وقالت: "لا أستطيع فتح حساب بنكي"، مشيرة إلى أن كل تحرُكات النساء تكون بإذن من الرجال- سواء كان أباً، أخاً، زوجاً، أو ابناً، والرجال أيضاً يتصرفون على أنهم أوصياء على النساء.
الأميرة ريما
في هذه الرحلة، التقى مارتن و بنيالوزا مع أحد أعضاء الأسرة المالكة السعودية، الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، والتي كانت حتى وقت قريب الرئيسة التنفيذية لمتجر "هارفي نيكولز" في الرياض، التي سارت بهم في المتجر وتحدثت عن الجهود المبذولة نحو تحقيق المساواة في بلادها بين المرأة والرجل.
كل العلامات التجارية الكبرى موجودة في الرياض، "شانيل"، "ديور"، "لا مير"، كانت المحاسبات نساء يرتدين نفس الرداء الأسود الطويل الذي يسمى "العباية"، وبعضهن كن يرتدين خُمُراً تغطي وجوههن، لكن معظمهن اكتفين بغطاء الرأس فقط.
خلال الزيارة، أشارت الأميرة ريما إلى مكتب مفصول بجدار زجاجي حيث كانت الموظفاتُ جالساتٍ، وقالت الأميرة "يهمني أن يُدرك الرجال هذه المساواة بينهم وبين النساء، وبأنه بسبب احترامنا لمجتمعنا وثقافتنا، لديهن مكانهن الخاص".
قبل 6 أعوام، قررت الأميرة ريما أن الطريقة المثلى لاستقطاب العديد من النساء إلى متجرها هي أن تشعرهم بمزيد من الراحة وذلك بتعيين موظفين من النساء ليعملن كبائعات في المتجر.
أضافت الأميرة ريما "كان الأمر صعباً في البداية، أي عندما قُمنا بتعيين موظفات من السيدات، لأن العاملين الرجال لم يعرفوا كيف يتعاملون معهن، لم يدروا كيف لهم أن يستخدموا نفس المصعد معهن، لم يكونوا واثقين ما إذا كان من المسموح لهم أن يقولوا لهن صباح الخير أم يكتفوا بتجاهلهن، لكن باعتبارهن زميلات في العمل، كان من الضروري أحياناً التكلم معهن، ومن ثم أصبحنا ننقل السيدات إلى مناصب أعلى في العمل لتجنب مثل هذه المصاعب".
"لحظة جيدة"
بعد عودته الى الولايات المتحدة الأميركية، أجرى مارتن مُقابلة مع خاتون الفاسي أُستاذة الدراسات النسائية في جامعة الملك سعود في الرياض، حيث كانت حينها في واشنطن، وسألها مارتن عن رأيها في أهمية الانتخابات السعودية.
الفاسي، قالت إنه على الرغم من وجود عقبات أثناء الحملات الانتخابية، وحتى في تسجيل تلك الحملات، إلا أن نتائج تلك الانتخابات تبعث على التفاؤل.
وأضافت: "الآن تخرج النساء إلى الأماكن العامة للمرة الأولى، حيث يمكنهن أن يدلين بآرائهن في القضايا الحقيقية التي تخص المجتمع، أعتقد أن مثل هذه المناصب المحلية مهمة جداً، يمكن للنساء التعامل مع العديد من القوانين التي تتناول الوضع المالي للمرأة، صحتها، وحسن معيشتها، حتى لو كان انتصاراً صغيراً فإنه يبقى انتصاراً مصيرياً، هذه لحظة جيدة لتأمل الانتصارات، وذلك يعطيني الأمل في أن التغيير يمكن أن يحدث".