من بين 20 ألف مقاتل تابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قُتلوا في الضربات الجوية الأميركية، بحسب ما أشار موقع "فوكاتيف" الأميركي، وضع الرئيس باراك أوباما قائمة من 8 قادة اعتبر مقتلهم نصراً مهماً على (داعش) وهم: أبوسيف، حاجي معتز، جنيد حسين، محمد إموازي، أبوصالح، أبومريم، أبورحمن التونسي، وأبونبيل.
أوباما اعتبر هذه الأسماء، بالإضافة الى فُقدان التنظيم 40% من أراضيه، دليلاً على أن استراتيجية إدارته في محاربة "داعش" تعمل، حتى وإن كانت تحرِز تقدماً بطيئاً.
خلال 14 عاماً، منذ شنت أميركا حربها على تنظيم القاعدة وحتى "داعش"، كان البيت الأبيض يعلن مقتل قادة الجهاديين.
باستثناء الأهداف البارزة مثل أسامة بن لادن أو أنور العولقي، معظم الأسماء الأخرى غير مألوفة لغالبية الأميركيين، لكنها مازالت تشير إلى أن الولايات المتحدة تقضي على مُعظم الجماعات الإرهابية الأكثر خطورة في العالم.
ضعيفة التأثير
يقول الخبراء إنه رغم أن عمليات قتل كبار القادة تحبط قدرة التنظيم على شن هجمات في المدى القريب، إلا أن قدرتها على الحدّ من جاذبية الأيديولوجيا الجهادية ضئيلة جداً.
قد يكون تنظيم القاعدة أضعف مما كان عليه في أيام زهوه، وذلك بفضل الهجمات الجوية الأميركية، ولكن عدد المنضمين الى "داعش" تضاعف عن العام الماضي ليصبح 27 ألفاً على الأقل، وفقاً لآخر التقارير من شركة صوفان، و هي شركة أمنية استشارية مقرها نيويورك.
"السبب في ذلك هو أن القضاء على كبار القادة لا يؤثر على معالجة الأسباب الجذرية التي أدت الى تشكيل (داعش) ومثيلاتها"، كما قال باري بافيل، مسؤول الأمن القومي السابق في البيت الأبيض، الذي يدير الآن مركز Brent Scowcroft للأمن العالمي التابع للمجلس الأطلسي.
أسباب نمو داعش
ويضيف بافيل: "الأسباب الجذرية هي الاختلال الوظيفي الكامل والعميق في المجتمعات والأنظمة السياسية في الشرق الأوسط، التي تفتقر للحكومات الشرعية، فيشعر الناس بالغربة، فضلاً عن تفشي البطالة في منطقة غالبية سكانها من الشباب".
يضاف أيضاً الى أسباب نمو التنظيم تلك النظرة إلى الولايات المتحدة على أنها تلعب دوراً بغيضاً في صراعات المنطقة.
هل يمكن القضاء على القادة؟
لن يتحقق أي نوع من النصر حتى يتم الوصول إلى الأسباب الجذرية، ولكن حتى يحدث هذا يجب منع التنظيم من التخطيط والتدريب وشن الهجمات، وهنا يمكن القضاء على القادة فعلاً.
فحينما يموت قائد في هذه الشبكات الإرهابية سيأتي شخص آخر ويحل محله، لكن حين يتم التخلص من أشخاص مهمين في أماكن مهمة فقد يكون للعملية تأثير مهم.
ويهيمن "داعش" اليوم على عناوين الصحافة والحملات الانتخابية الرئاسية، ولكن قلة من الأميركيين يعرفون – أو حتى قد سمعوا – بالرجال الذين وضعهم أوباما على قائمة الاغتيالات يوم الاثنين في وزارة الدفاع، كما أن معظمهم ليس لديهم أي فكرة عن دور هذه الأسماء في عمليات التنظيم الجهادي.
لمقتل القيادات فوائد أيضاً
مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قال لموقع Vocativ إن أبوسياف (التونسي) الذي قُتل في الغارة لم يكن أهم مَنْ تضمنتهم القائمة، لكن عملية اغتياله كانت الأهم لأن القوات الأميركية جمعت معلومات استخباراتية مهمة خلال العملية.
عُرِف أبوسياف في "الدولة الإسلامية" بلقب "أمير النفط والغاز"، بينما قال آخرون إنه كان قائداً من المستوى المتوسط.
قُتل أبوسيّاف خلال عملية نفذتها القوات الخاصة الأميركية في سوريا في مايو/أيار الماضي، وتم خلالها الاستيلاء على أجهزة كمبيوتر محمولة وهواتف وغيرهما من المتعلقات، والعديد من التقارير التي تحتوي على معلومات قيّمة عن المنظمة، بما في ذلك تشكيل القيادات وعمليات التمويل، وأدت العملية أيضاً إلى تحرير الرهينة الأميركية، كايلا مولر، التي كانت أسيرةً هناك مع فتاتين محتجزتين سبايا لدى التنظيم.
تحليل عاجل للمعلومات
وقال توماس ساندرسون، مدير مشروع "التهديدات العابرة للحدود" في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إنه كان لابد من تحليل المعلومات الاستخباراتية التي عُثر عليها خلال المداهمة بشكل فوري؛ لأن قادة التنظيم عرفوا أنهم انكشفوا، و أجبرهم هذا على تغيير هواتفهم ومواقعهم وأي شيء آخر من الممكن أن يكون قد انكشف خلال المداهمة.
أما عن الأسماء الأخرى التي وردت في قائمة أوباما، فقد قال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية إنهم لا يمثلون خسارة كبيرة بالنسبة لداعش، عدا الحاج معتز، الذي وصفه أوباما بأنه الرجل الثاني في التنظيم، وجنيد حسين، من كبار المجندين عبر الإنترنت، وأبونبيل، قائد "داعش" في ليبيا.
وتم قتل الحاج معتز قائد عمليات "داعش" في العراق في 18 أغسطس/آب في غارة قرب الموصل، وقبل ذلك بعام، يُقال إنه قاد الهجوم على جبل سنجار في شمال العراق، وإنه ساعد في التخطيط لاستيلاء "داعش" على الموصل. وكان اسمه الحقيقي فاضل أحمد الحيالي، وعُرف أيضاً باسم أبومسلم التركماني.
بعد أن كان عقيداً في الجيش العراقي تحت قيادة صدام حسين، انضم معتز الى تنظيم القاعدة في العراق في أعقاب الغزو الأميركي في عام 2003، وسُجن في السجن العسكري الأميركي Camp Bucca، مع زعيم داعش، أبوبكر البغدادي، وعدة أشخاص آخرين أصبحوا من كبار قادة "داعش".
قال ساندرسون إنه ثمة شعور بالإحباط داخل الإدارة الأميركية بسبب عدم الإعلان الجيد عن مقتل هدف ذي قيمة كبيرة في "داعش" مثل معتز، إذ إن الخبر قد يضعف صورة "داعش" التي لا تهتز.
المبالغة في حجم القادة
أضاف ساندرسون: "لكن التهميش الذي لقيه خبر موت معتز في البيت الأبيض والبنتاغون يشير أيضاً إلى أن القيادة الأميركية تعلمت بعد سنوات من قتل قادة داعش المتوسطين ورفيعي المستوى، أنه لا فائدة من المبالغة في شرح قيمتهم".
ويضيف: "لقد قتلنا الشخص الثالث في تنظيم القاعدة 5 أو 6 مرات، وما كانت الفائدة حقاً؟ نعم، يتضرر التنظيم من مقتل قادته البارزين، لأن هذا الرجل حلّ محله شخص آخر أقل خبرة، لكن ذلك الشخص يتحسن ويكتسب خبرة، هدف كمعتز هو انتصار دعائي جيد بالنسبة لنا، ولكنه ذو قيمة محدودة، خاصة مع مرور الوقت".
المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية أقر بأن جميع القادة الذين يقتلون يمكن للدولة الإسلامية أن تستبدلهم بسهولة، ولكن ليس بالضرورة برجال يتمتعون بنفس الكفاءة.
أما بالنسبة لباقي الرجال في قائمة أوباما، فثمة محمد إموازي المعروف أيضاً باسم "الجهادي جون" البريطاني المتحدث بالإنكليزية والمتهم بقطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي ورهائن آخرين.
"هذا شخص من الجيد أن تشعر بالقضاء عليه، لكنه على المدى البعيد لا يساوي شيئاً، فهو ليس الوحيد الذي يرحب بقطع رؤوس أشخاص آخرين".
وأنهى ساندرسون كلامه بالقول: "من الجيد قتلُ هؤلاء الأشخاص، لكن الدولة الإسلامية لديها بيروقراطية مرنة وحديثة، وهم يعرفون أن عليهم إيجاد قادةٍ ليكملوا مسيرةَ من سبقوهم".