في سياق المحاولات التي تجري لمواجهة التنظيمات الجهادية على الإنترنت، ظهرت على مواقع الشبكات الاجتماعية شخصية كارتونية جديدة تدعى "عبد الله إكس" تعد آخر إبداعات التصدي لتطرف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
تقوم فكرة الشخصية الجديدة على مخاطبة الشباب المسلم الأوروبي باللغة الإنكليزية في مقاطع فيديو كارتونية متاحة على منصة يوتيوب لكل من يرغب بالتروي قبل الانسياق والوقوع فريسة سهلة لخطاب التطرف الذي يبثه تنظيم "داعش"، بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الإثنين 14 ديسمبر/كانون الأول 2015.
تُظهر مقاطع الفيديو عبدالله إكس بزي شاب أوروبي يرتدي كنزة رمادية وعلى عنقه سماعات أذن، ويتحدث مع مشاهديه بلكنة إنكليزية ويحادث الشباب المسلم اليافع عن سوريا.
ويتساءل عبد الله مع جمهوره عن الاحتياجات الحقيقية لنساء وأطفال وشيوخ سوريا، ويطلب من الشباب أن يفكروا بعائلاتهم وأن يتفكروا أكثر بالدوافع الحقيقية لتلك الجماعات التي تدعي أنها تحارب باسم الإسلام.
ويختم قائلاً أن هناك حاجة ماسة في سوريا إلى التوثق من مصادر معلوماتنا الصحيحة وليس تصديق المغررين.
مراقبة المحتوى "المتطرف"
فكرة استخدام الرسوم المتحركة (الأنيميشن) لجأت إليه الشبكات الاجتماعية لمحاربة الفكر المتطرف بالتقنيات والتكنولوجيا، خاصة في ظل الضغوطات التي تواجهها هذه الشبكات لمراقبة أي محتوى "جهادي" منشور في منصاتها وحذف هذه المحتويات، الأمر الذي دفع هذه المواقع لتلجأ لنشر رسائل إيجابية في مواجهة التيار المعاكس.
ويذكر أن غوغل وفسيبوك لا تنتجان ولا تقومان بإعداد هذه المقاطع، بل تقدمان العون التقني ووسائل الدعم والأدوات لمنظمات غير ربحية من أجل مخاطبة اليافعين.
رئيس غوغل (إريك شميت) دعا الأسبوع الماضي عبر صحيفة نيويورك تايمز إلى "أدوات" لتخفيف حدة التوتر والكراهية على الشبكات الاجتماعية.
كما شارك فيسبوك في جلسات تدريبية للشبكات الاجتماعية حول "الخطاب المضاد".
جهود حكومية أميركية
إضافة إلى ذلك تقوم الحكومة الأميركية بتمويل "معسكرات تكنولوجية" تجمع الشبكات الاجتماعية بهيئات ومنظمات المجتمع المدني النشطة.
ولدى فيسبوك ويوتيوب وتويتر فرق كبيرة متخصصة في معالجة بلاغات المحتوى المتطرف الإرهابي التي يتم منعها على منصاتها.
غير أن مسؤولين مشرعين في واشنطن يعملون على استصدار قانون يحتم على شبكات التواصل أن تبلغ السلطات المعنية حال مشاهدة أي نشاط إرهابي على شبكاتها ومنصاتها.
لكن منتقدين لمشروع هذا القرار يقولون أن لا وضوح في معايير المحتوى الإرهابي في مسودة هذا القرار.
فمثلاً مواقع التواصل يسهل عليها الكشف والتبليغ عن دعارة الأطفال لأن المركز الوطني للأطفال الضائعين والمستغلين يزودهم بصورٍ تيسر البحث عن محتوى مشابه.
أما في حالة المحتوى الإرهابي الذي يحض على التطرف فيصعب تعريف وتحديد هذا المحتوى.
منافسة الآلة الدعائية لداعش
ولذلك تقول ساشا هافليسيك المديرة التنفيذية في معهد الحوار الاستراتيجي معلقة على صعوبة إزالة المحتوى الإرهابي "علينا البدء بمنافسة الآلة الدعائية للتنظيمات الجهادية عوضاً عن إيجاد طرق لإزالتها بعدما بثت أضرارها، فذلك لا يجدي نفعاً."
وتضيف هافليسيك أن متطرفين سابقين انضموا إلى شبكة ضد العنف المتطرف التي تأسست بعد مؤتمر عقده غوغل لبحث الأساليب والأفكار ضد التطرف، وتحدث هؤلاء مع شبان على فيسبوك يتم تجنيدهم للفكر التطرفي، وقالت هافيليسك أن 60% من أولئك الشبان المجندين انضموا الآن إلى الحوار المضاد للتطرف.
مبادرات أميركية
من جهة أخرى تعكف الولايات المتحدة على تغيير نهجها هي الأخرى في مواجهة دعاية "داعش" على الإنترنت.
ففي العام الحالي، أسهمت في تأسيس "شبكة اتصالات رقمية" في الإمارات تنتج محتوى بالعربية يناهض ويتحدى فكر "داعش".
وقال مسؤول أميركي إن مبادرات مثيلة ستتأسس في ماليزيا ونيجيريا.
وستتلافى هذه المبادرات أخطاء كانت الحكومة الأميركية قد وقعت فيها من قبل عبر إدارتها لحساب تويتر اسمه Think Again Turn Away كان قد فشل في مهمته لأن رسائله أتت من قلب الحكومة الأميركية التي لا تجد أصداء كثيرة بين متعاطفي داعش، في حين أن البرنامج الحالي سيرتكز على رسائل من "طرف ثالث".