اعتقلت السلطات التونسية الجمعة 11 ديسمبر/كانون الأول 2015 عمار الشاذلي درويش، صاحب ورشة ميكانيك بعد صنعه لطائرة هيليكوبتر بمعدات يدوية، لعدم امتلاكه رخصة، كما اعتقلت ابنه بتهمة "الانتماء لتنظيم إرهابي"، بعد "اكتشاف كتب تكفيرية في منزله"، على حد تعبير السلطات التونسية.
وقال درويش، الذي أطلق سراحه بعد التحقيق معه، إن صناعة الطائرة "حلم استمر في مراودته طيلة 43 عاما"، ليكلل المشروع بالنجاح في ديسمبر 2015 وقبل أن تحلق الطائرة من ورشة الميكانيك التي يملكها "تلاشى الحلم وماتت الفرحة في قلبه"، على حد تعبيره.
ويضيف بلهجة يائسة لـ"عربي بوست" "لو أني كنت أعلم أن صنع طائرة سيجلب لي ولعائلتي كل هذه المصائب ما كنت صنعتها".
وزاد من كلامه قائلا "وجدت نفسي بين ليلة وضحاها في قفص الاتهام موقوفا ويُحَقق معي بتهمة صنع طائرة هيليكوبتر بدون رخصة، فيما تم الزج بابني ذي الـ24 عاما في السجن بذنب لم يرتكبه، وبتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي".
عمار فقد ابنه الأول أمين في سوريا، حيث التحق سنة 2012 بصفوف التنظيمات المقاتلة هناك، ليُقتل عام 2013، فيما لا يزال شقيقه التوأم محمد رهن الإيقاف حتى اليوم الأحد 13 ديسمبر/كانون الأول 2015، للاشتباه في "ارتباطه بجماعة إرهابية، وبالمشاركة في صنع طائرة هيليكوبتر"، غير مرخصة بحسب رواية الداخلية التونسية.
وأكد عمار أنه رغم حجم المأساة التي يعيشها بين مرارة فقدان ابنه الأول في سوريا والخوف على مستقبل ابنه الثاني والحزن على حلم راوده لـ4 عقود "لا يزال الهوس بالاختراع يطارده"، على حد تعبيره.
السجن بتهمة "المجاوزة في التفكير"
هوس الاختراع قاد أيضا الشاب التونسي حاتم القرمازي ابن محافظة القصرين، وسط غرب تونس، للسجون التونسية، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بالقصرين يوم 30 سبتمبر/أيلول 2015 بطاقة إيداع بالسجن في حقه بتهمة "المجاوزة في التفكير"، و بتهم تتعلق بصنع متفجرات من دون رخصة، بعد أن نجح في صنع صاروخ حربي مداه 5 كيلومترات، أطلق عليه اسم "تونس حرة"، وقد أخرج من السجن الثلاثاء الماضي، مع تأجيل القضية ليوم 23 ديسمبر/ كانون الأول 2015 للبت فيها من جديد.
حاتم، الذي امتهن في البداية الصيد البري بالبنادق، حاول أكثر من مرة الانتحار بسبب ما أسماه "جحود الدولة وعدم إيلاء المواهب حظها" رغم دعوته أكثر من مرة الجهات الأمنية لتبني أفكاره، التي يؤكد أنه يريد استعمالها "لأغراض سلمية".
شاهد بالفيديو حاتم القرمازي يتحدث عن صاروخه "تونس حرة" :
الداخلية ترد على الاتهامات الموجهة لها
من جانبه، اعتبر الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية وليد الوقيني، في تصريح لـ"عربي بوست" أن الاختراعات الثقيلة أي كان مصدرها لا بد أن تخضع قبل ذلك لإعلام مسبق للسلطات، "وهو ما لم يفعله عمار مخترع طائرة الهيليكوبتر، وعلى هذا الأساس تم اعتقاله وقضت النيابة العمومية بالاحتفاظ بالطائرة، وليس كما تداولت العائلة بأن السبب كون أحد أبنائه منخرطا في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا وتوفي هناك في 2013".
ورفض الوقيني الاتهامات الموجهة للداخلية باستغلال قانون الإرهاب وقانون الطوارئ للتضييق على الحريات وعلى المبدعين، مؤكدا أن "الوضع الأمني الحساس الذي تمر به البلاد يجعل مؤسسة الداخلية أكثر حرصا على أمن التونسيين".
كما أوضح الوقيني أن ابن المخترع الذي شارك والده في صنع الطائرة يشتبه بانتمائه لتنظيم إرهابي، معتبرا أن مبتكر الصاروخ حاتم القرمازي خالف القانون.
وختم قائلا "مسألة الأمن القومي خط أحمر ونحن لا نتعدى على حرية التونسيين وكل من لديه أي تظلم فالقضاء مستقل في تونس وسيف مسلط على رؤوسنا جميعا .
حملة تضامن عبر فيسبوك
وكانت حادثة إيقاف مخترع الطائرة الهيليكوبتر من قبل النيابة العمومية قد أثارت استهجان نشطاء عبر فيسبوك اعتبروا أن قانون الإرهاب في تونس "أصبح ذريعة للتضييق على الحريات"
اتّصل بي صديق من الثقات (حريف الميكانيكي و صديق قريب لابنه الذي وقع إيقافه) و أكِّد لي أن البيان الرسمي لوزارة الداخلية …
Posté par Hichem Ajbouni sur samedi 12 décembre 2015
حسب ما فهمت هناك تونسي مخترع سيارة من قبل الثورة و الآن بصدد هيليكوبتر و الداخلية ألقت عليه القبض بتهمة الإرهاب ؟ شنوة ا…
Posté par Chokri Jlassi sur vendredi 11 décembre 2015