أين يحج الأقباط المصريون في ظل المنع من زيارة القدس؟.. تعرف على أبرز الأديرة

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/12 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/12 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش

على مدى عدة عقود لم يكن متاحا للمسيحيين من أقباط مصر السفر إلى القدس المحتلة لأداء شعائرهم المقدسة (التي تشبه الحج) بسبب قرار بابا الكنيسة الأرثوذكسية السابق بوقف كل أنشطة التطبيع مع إسرائيل لحين تحرير الأراضي المحتلة، وهو القرار الذي أصبح محل نقاش بعد أن قام البابا الحالي بكسر تلك القاعدة زائرا القدس لغرض العزاء… كيف كان الأقباط يحجون على مدى سنوات المنع؟

الإجابة أنهم يزورون الأماكن المسيحية المقدسة في مصر والتي تمثل محطات العائلة المقدسة عندما فرت السيدة مريم العذراء بابنها الصغير (السيد المسيح) ومرت بأماكن في مصر تحولت إلى أديرة بعضها يلقبه المسيحيون بـ"أورشليم الثانية" ويعتبرون زيارته "نصف حجة".

في محافظة أسيوط بصعيد مصر يتمركز ديرا العذراء والمحرق، الذي يطلق عليه "أورشليم الثانية" لما لهما من دلالات دينية وتاريخية تجسد رحلة السيدة العذراء مع وليدها، فريق "عربي بوست" زار تلك الأماكن المسيحة المقدسة ليلقي عليها نظرة من قريب.

الدير المحرق


فبعد رحلة امتدت لقرابة الثلاث ساعات انطلاقا من مدينة أسيوط والتنقل بين أكثر من وسيلة مواصلات في طرق ضيقة، وصلنا إلى الدير الذي يوحي بأنك تدخل حصناً من العصور الوسطى، ولكن سريعا ما يختفي ذلك الشعورعند التجول بين مبانيه وكنائسه التي تتسم ببساطة التصميم.

يُجمع أقباط مصر على أن زيارة دير المحرق بمثابة نصف تقديسة (أي نصف حجة)، ويعتبرون الدير بمثابة أورشليم (القدس) الثانية، كما يرون أن مراسيم "التقديس" والذهاب إلى أورشليم لا تكتمل إلا بعد زيارة الدير المحرق.

سبب الشهرة


الراهب موسى محرق أحد رهبان دير العذراء الجديدة، يؤكد أن هذا الدير ذكر في الإنجيل الذي قال "يكون للرب مذبح في وسط أرض مصر"، حيث ظهرت نبوءات قبل ظهور المسيح عليه السلام بأكثر من 700 عام، وزارته العائلة المقدسة المكونة من السيدة مريم العذراء ونبي الله عيسى المسيح عليه السلام ويوسف النجار وسالومي ابنة خالة السيدة مريم، وذلك عندما كانوا هاربين من هيروديس. وفيه أيضاً نزل على يوسف النجار رؤية تلقى فيها الأمر بأن يأخذ الصبي وأمه -أي السيدة مريم- إلى موطنهما "لأنه مات الذي يطلب نفس الصبي".

ويكمل موسى قصة الدير بأنه كان المحطة ما قبل الأخيرة لرحلة عودة العائلة إلى فلسطين مرة أخرى، بالإضافة إلى أنها المحطة الأطول، حيث مكثوا 6 أشهر و5 أيام في المغارة الموجود بها، أو المذبح حالياً (المذبح الموجود بالمغارة هو عبارة عن حجر أجلست السيدة مريم العذراء طفلها عليه) أو ما يطلق عليها الآن كنيسة العذراء الأثرية بقسقام.

يضيف أنه في نهاية القرن الرابع رأى الأنبا سؤفيليوس، خلال تدشينه للمكان، السيدة العذراء وأخبرته أن السيد المسيح بارك المكان بنفسه، ليعود مرة أخرى عام 34م ويدشنه ويهديه لها لكي يكون عامراً باسمها إلى الأبد، وهو ما تحقق.

وأنشئ الدير عام 350م، حيث أسسه رُهبان الأنبا باخُميوُس بعد وفاته. وفي القرن الرابع قسمت تلك المغارة إلى المذبح في الوسط وغرفة إلى اليمين لملابس الكهنوت وغرفة أخرى إلى اليسار للتعمير. ويعتبر هذا الجزء أهم مكان في الدير كله، كما تم توسيع المكان في القرنين الـ 18 والـ19.

يحيط بالكنيسة عدة مبانٍ أخرى من أهمها كنيسة مارجرجس، التي بنيت عام 1882م ومبنى جلال الرُهبان، بالإضافة إلى كل من الكلية الإكلاريكية وخدمة معهد ديديموس للمرتلين، وهما من الخدمات التي يقدمها الدير لتخريج الكهنة.

وأشار إلى الحصن الموجود بالدير، وقد بناه الملك زينون في القرن السابع الميلادي ليحتمي به الرهبان إذا تعرضوا لهجوم، الأمر الذي لم يحدث قط.

يتكون الحصن من 3 طوابق: الأعلى كنيسة الملاك ميخائيل الملاك الحارس، والثاني غرف معيشة للرهبان، والأول بئر للشرب جف لعدم استخدامه.

دير العذراء


أما دير العذراء الموجود بقرية درنكة المقامة على الجبل الغربي لمدينة أسيوط، فيبعد عن المدينة نحو 25 إلى 30 دقيقة بالسيارة، إلى جانب 20 دقيقة سيرا، وهناك يمكن مشاهدة المغارة التي يقال إن العائلة المقدسة قد احتمت بها في مشهد مهيب في قلب الجبل.

ويرى القس لوقا الراهب أن ما يميز هذا الدير عن غيره أنه المحطة الأخيرة في رحلة العائلة المقدسة لمصر والأولى في رحله عودتهم إلى أورشليم. إذ أقاموا في المغارة مع المقيمين بها، وهي في الأصل مغارة فرعونية عمرها يفوق الـ4500 عام، اعتاد المصريون القدماء اللجوء إليها أثناء فيضان النيل.

ومع دخول المسيحية مصر في منتصف القرن الأول الميلادي، اتبع المسيحيون الأوائل مسار "العائلة المقدسة" في مصر، وتم تحويل الأماكن التي زارتها العائلة إلى كنائس.

وفي نهاية القرن الأول ومع ظهور حركة الرهبنة التي خرجت من مصر إلى العالم أجمع، تحول المكان إلى كنيسة ثم إلى دير كنيسة المغارة، التي يرجع تاريخها للقرن الأول الميلادي.

وأشار لوقا إلى أن الدير بهيئته الحالية عمره 60 عاماً فقط، حيث عَمره الأنبا ميخائيل حتى وفاته العام الماضي. وأضاف أن الدير يستقبل في موسم العذراء مريم في شهر أغسطس ما يقارب 1.5 مليون من المسيحيين والمسلمين على حد سواء. يحضر الزوار من جميع أنحاء الجمهورية للاحتفاء بالسيدة.

وأقدم ما بالدير هو كنيسة المغارة، التي تبلغ واجهتها 160 مترا وعمقها 60 مترا. كما أضيفت من زمن ليس ببعيد كنيسة خاصة بالمعمودية، إلى جانب عدة كنائس أخرى وبعض الأبنية الخاصة بتقديم الخدمات الاجتماعية واستراحات وأماكن لإقامة الزوار.

تحميل المزيد