مشاركة السعوديات في الانتخابات بداية مرحلة جديدة

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/11 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/11 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش

قد لا تكون مشاركة النساء السعوديات في الانتخابات شأناً كبيراً، إلا أنها في المجتمع السعودي المحافظ تُعد مثل هذه الخطوة فتحاً لمرحلة جديدة.

ويشارك أكثر من 900 امرأة في 12 ديسمبر/كانون الأول 2015، في أول انتخابات عامة سعودية يُسمح فيها للمرأة بالترشح والتصويت، وهي خطوة حذرةٌ نحو الأمام في بلد لا يُقدِم على التغييرات الاجتماعية بسهولة.

وترى بعض السعوديات – التقت بهم الإندبندنت البريطانية – أن المرأة لا تزال محرومة من حقوق بسيطة، فغير مسموح لها بأن تقود السيارة، ويجب أن تحصل على إذن من الرجل كي تستطيع السفر إلى الخارج بمفردها.

يقول مدير "معهد شؤون الخليج"، علي الأحمد، إن "السعودية قامت بعمل رائع في الترويج لهذه الانتخابات على أنها جزء من الإصلاحات الموعودة. لكن في الواقع ليس هناك ثمة تغييرات كبيرة".

ليست شكلية تماماً

كريمة البخارية، مدرسة تبلغ من العمر 50 عاما قالت بأنها تقف مع الانتخابات من أجل بناتها

لكن في نفس الوقت اعتبار الانتخابات شكليةً بحتة يجانب حقيقة هذه الخطوة.

فرغم أن المجالس المحلية صلاحياتها محدودة – فهي تتعلق مثلاً بالإشارات المرورية والأرصفة أكثر مما تتعلق بالقضايا الأهم – لكن القيام بهذه الخطوة البسيطة لتفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية يشكل – بحسب "الإندبندنت" – إعادةَ تعريف للمواطَنة السعودية في زمن التحديات الكبرى، بما فيها الحرب على الحوثيين في اليمن وانخفاض أسعار البترول التي أثرت بشكل سلبي على مستوى الدخل الوطني.

كريمة بخاري، معلمة العلوم البالغة من العمر 50 عاماً ولديها ابنتان في عمر التصويت، إحداهما في العشرين وتدرس القانون، والثانية في الثامنة عشرة وتدرس الطب – تقول: "على أحدهم أن يمهّد الطريق، وأنا أفعل ذلك من أجل ابنتيّ. إنهما تشهدان طريقة جديدة للمرأة كي تكون سعودية".

هذه الخطوة تعد أيضاً رسالة غير مباشرة من العاهل السعودي الحالي الذي ورث الإصلاحات حين اعتلى سدة الحكم قبل حوالي عام.

فشقيقه الأكبر، الملك عبدالله، كان قد قام بسلسلة من التغييرات التي وإن كانت صغيرة إلا أنها تعد تغييرات مهمة في مجال حقوق المرأة. بما في ذلك وضع قوانين جديدة للانتخاب يتم تطبيقها منذ سنوات، فمجلس الشورى الحالي يضم 30 امرأة، كما تم فتح أول جامعة مختلطة في السعودية.

لكن رغم ذلك ثمة سقف لا يمكن تجاوزه، فقد تم حرمان سعوديتين على الأقل من الترشح لأسباب تتعلق بخرق لوائح الانتخابات، وعدد المرشحات من النساء يشكلن حوالي سُبع عدد المرشحين الإجمالي الذي يصل إلى 7000 مرشح، يتنافسون للحصول على 3100 مقعد في المجالس المحلية المتوزعة على جميع أنحاء المملكة. بينما عدد النساء اللواتي سجلن أسماءهن للقيام بالاقتراع لا يتجاوز 130،637 امرأة، بينما يصل عدد الرجال المسجلين إلى 1،35 مليون رجل، حسب ما أفاد مسؤولون سعوديون.

الأسوأ لم يحدث

مع ذلك، ثمة حالة فزع. فقد طالب الداعية عبدالعزيز الفوزان في مقطع فيديو تم تداوله على الشبكات الاجتماعية، بالتصويت لـ"الرجل الأصلح" وليس للمرأة، إلا إذا كانت ثمة دوائر أو مقاعد قد تم تخصيصها للنساء فقط، فحينها يجب مزاحمة ما سمّاه "المنحرفات" من قبل "الصالحات"، وحذر من النساء اللواتي يحاولن "تغريب المجتمع وإفساده".

لكن بخاري تقول إنها كانت تتوقع الكثير من المضايقات، وتوضح: "توقعنا أن يقف الكثير من الرجال في طريقنا. البعض استشاط غضباً، لكن الأسوأ لم يحدث، وهذا يدل على شيء ما".

بخاري عقدت ندوات "للنساء فقط" وجنّدت بعض التلميذات للقيام بتحديث دوري لصفحاتها على تويتر وفيسبوك. وتضيف: "أحاول حقاً أن أخبر النساء بألا يبقين متفرجات، أريدهن أن يشاركن، أن يفعلن شيئاً".

أما أستاذة العمارة هيفاء الحبابي فإنها تجول الشوارع وتُلصق صور "سناب شات" تتعلق بما يستفزها.

إنها صور حاويات قمامة مملوءة بالمواد التي يمكن تدويرها في مدينة لا تبذل جهداً جدياً في قطاع إعادة التدوير.

هذه بداية فقط

تقول الحبابي، البالغة من العمر 37 عاماً ودرست في بريطانيا وعاشت سنوات عديدة في تكساس الأميركية: "حتى لو لم أفز بالانتخابات أعتبر نفسي فائزة. ذلك أني سأضايق الفائز، أياً كان، ليفكر بشكل أفضل في مسائل التخطيط المدني. هذه فقط البداية، تذكروا كلامي".

لكنْ طالبات الأستاذة الحبيبي ينظرن إلى حماسها على أنه في غير محله.

العديد من الشابات ينظرن إلى الانتخابات على أنها ليست بتلك الأهمية الكبرى وأنها تدل على المرأة السعودية متخلفة عن ركب حتى قريناتها في دول الخليج الأخرى.

تردُّ الحبابي: "أقول لهن إن هذه بلادٌ فتية. قد تبدو متطورة نتيجةً لأموال النفط، لكنها في الحقيقة لا تزال تبحث عن طريقها. هذه الانتخابات خطوة أخرى إلى الأمام، حتى وإن كانت خطوة صغيرة للنساء. لا تقللوا من أهميتها".

شيخة الخليوي، تدعو إلى الملاعب، ودور الحضانة والمكتبات العامة في الانتخابات (واشنطن بوست)

في الضاحية الشرقية من الرياض، تُبقي شيخة الخليوي هاتفين مشغولين طوال الوقت. خططها طموحة، إنها تدعو إلى تغيير في مرافق الأحياء بحيث تتضمن ملاعب، ودور حضانة ومكتبات عامة.

تمنع قوانين الانتخاب من تعليق صور المرشحين، سواءً كانوا رجالاً أو نساءً. لكن الخليوي التي ترتدي حجاباً كاملاً بحيث لا تظهر إلا عيناها حاولت أن تجد منفذاً؛ استبدلت صورة بروفايلها على تويتر بصورة ممثلة مصرية ذات عينين متألقتين.

"عيناها تشبهان عيني"، قالت شيخة البالغة من العمر 37 عاماً والتي عادت إلى السعودية بعد أكثر من عقد من العمل في السفارة السعودية بلندن. وردها اتصال من مسؤول عن حملة الانتخابات يطالبها بحذف الصورة، فاستبدلتها بصورة ملصق من ملصقات حملتها.

تقول شيخة: "حسناً لقد تجاوزت الخط، لا يهم. أنا مشهورة على الشبكات الاجتماعية، انظر"، وتنهدت بينما كان هاتفها بطيئاً يفتح رابط يوتيوب لمقابلة لها مع التلفزيون الياباني. ضحكت قائلةً: "لدي الكثير من التطبيقات المفتوحة، انظر".

كان يوجد حوالي 700 متابع لأحد حساباتها التي فتحتها قبل ثلاثة أيام، و1000 متابع لحساب آخر.

تحميل المزيد