لماذا المرأة؟ لماذا الآن؟

أوَّلُ ما يَخْطُرُ ببالِ القارِئ أهدافٌ خارجيّة، مُؤامراتٌ كَوْنِيّة تَهدِفُ لِزَعْزعَةِ كَيان الأُسرَة العَربيّةِ المُستقرَّة والمُجتمع العربيّ المِثاليّ الذي يَنْعُمُ بالسلام الداخليِّ والتكافل، وهو ما يُثِيرُ تَساؤلاتٍ عديدةً عَن وَعْيِ المُجتمع العربيِّ لِمَشاكِلِهِ المُتفاقِمَةِ وعنْ حالةِ الإنكار الغريبَة التي تَعُمُّ، والتي تجعلُ الفردَ العربيَّ يَقِفُ موقفَ المُدافِعِ المُستَميتِ كلّما تَعرَّضَ مُجْتَمَعُه لِنَقْدٍ مَوضوعيٍّ يَخُصُّ أُسلُوبَ الحياة فيه.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/11 الساعة 03:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/11 الساعة 03:09 بتوقيت غرينتش

"صدَّعْتُمُونا بالمرأة"، "ما سِرُّ هذا الاهتمام المُفاجئ بِقضايا المرأة؟! "مَن أَنتم؟". بعضُ الأسئلة التي تَرِدُنا كلَّما نَشَرْنا مَقالةً أو قِصَّةً بِهَدف نَشْرِ الوَعْيِ بأهميَّة دَوْرِ المرأة في المُجتمع، أو تَحَدَّثْنا عَنِ الأَثَرِ السلبيِّ لِتَهميش المَرأة والتأثير المُدمِّر على المُجتمع جرّاءَ تَعْنِيفِها والتّعامل مَعَها بِدُونيّة.

أوَّلُ ما يَخْطُرُ ببالِ القارِئ أهدافٌ خارجيّة، مُؤامراتٌ كَوْنِيّة تَهدِفُ لِزَعْزعَةِ كَيان الأُسرَة العَربيّةِ المُستقرَّة والمُجتمع العربيّ المِثاليّ الذي يَنْعُمُ بالسلام الداخليِّ والتكافل، وهو ما يُثِيرُ تَساؤلاتٍ عديدةً عَن وَعْيِ المُجتمع العربيِّ لِمَشاكِلِهِ المُتفاقِمَةِ وعنْ حالةِ الإنكار الغريبَة التي تَعُمُّ، والتي تجعلُ الفردَ العربيَّ يَقِفُ موقفَ المُدافِعِ المُستَميتِ كلّما تَعرَّضَ مُجْتَمَعُه لِنَقْدٍ مَوضوعيٍّ يَخُصُّ أُسلُوبَ الحياة فيه.

نعم نحنُ نُواجِهُ مَشاكلَ اجتماعيّةً عديدةً أَصْبَحَ مِن المُلِحِّ الوُقُوفُ عندَها والاعتراف بها، تبدَأُ مِن الفَرد وَتنتهي إلى المُجتَمَع، الطِّفل المَقهُور لن يُبْدِعَ وسَتَنْمُو بِداخله الرّغبة بِالعُنف التي تَظْهَرُ فَوْرًا إذا ما تَحَوَّلَ مِن حالةِ الضعف إلى حالةِ القوَّة، فَيُصْبِحُ الرّجلَ الذي يُعَنِّفُ زَوْجَته مُنْتَقِمًا، والمُديرَ المُضْطَرِبَ أو المُوظَّفَ الحاقِدَ، أو الإرهابيَّ المُجرِمَ.

الأُسرَةُ هي لَبِنَةُ المُجتمع، وَبِناؤُها غيرُ السّليم يَبْنِي مُجتَمعًا مَريضًا مُخْتَلًّا، يَسُودُهُ الكُرْهُ والحِقدُ المُتراكِم، فَالفَقيرُ يَحْقِدُ على الغَنِيِّ، والغَنِيُّ يَحْرِمُ الفقير، والقويُّ يَأْكُلُ الضعيف، كلُّ هذا وَسْطَ بِيئةٍ يَتَراكَمُ فيها الجهلُ والتعليمُ السيِّئ، وزادَت فيها الطبقيَّةُ الناتِجةُ عَن عَدَمِ التكافل المُجتمعيّ، بالإضافَةِ للتَّصنيفاتِ التي تَفْصِلُ المُجتمَعَ بِناءً على الأَصْلِ أو القَبيلة أو اللون أو الدِّين، ما يَخْلُقُ مُجتَمعًا مَرِيضًا مُتَفَكِّكًا مُعَرَّضًا للتَّدمير عندَ أوَّلِ هَزَّةٍ حقيقيّة (سياسيّةً كانَتْ أو مُؤامَراتِيَّةً أو خِلافَه).

أينَ المَرأَةُ مِن كُلِّ هذا؟

المرأةُ هي كلُّ هذا مَعًا، هي نِصْفُ المُجتمع، التي تُرَبِّي النِّصفَ الآخَر، إذا صَلُحَتْ صَلُحَ المُجتمع وإذا جَهِلَتْ جَهِلَ. المرأَةُ الحُرَّةُ المُتَعَلِّمةُ تُرْضِعُ أَطفالَها المَعرفة والحُريَّة، تُساعِدُهم في بِناءِ شخصيَّةٍ قَويّةٍ غَيرِ مَهزُوزة، لا تَتَأَثَّرُ بِأَحَدٍ ولا تَتْبَعُ أَحَدًا، تُرَبِّيهِم على استخدامِ العَقل لا اتِّباع الأَوهام، تُعَلِّمُهم احترامَ الآخَر المُختلف، والوُقُوفَ في الطّابور، وَمُساعَدَةَ الضّعيف، فَيَنْشَأُ مُجْتَمَعٌ يَعْرِفُ أهميَّةَ التكافُل كَعامِلٍ رَئِيسيٍّ لِبَقائِه، مجتمع قويّ يَحْتَرِمُ الاختلاف… مُجتمعٌ مُتَحَضِّرٌ مُثَقَّفٌ… مُجْتمَعٌ حُرٌّ… فالمَرأةُ المُسْتَعْبَدَةُ لا تُرَبِّي أَحْرارًا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد