وصف كاهن سوري احتجزه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" 84 يوماً الخميس 10 ديسمبر/ كانون الأول 2015 كيف اعتقد أنه اقترب من الموت، ودعا الدول الغربية إلى بذل مزيد من الجهود لمساعدة السوريين العالقين في البلد الذي تمزقه الحرب.
وقال الكاهن جاك مراد من طائفة السريان الكاثوليك الذي خطفه مسلحون مايو/ أيار الماضي إن "أصعب شيء" كان سماع خاطفيه وهم يتوعدون بقتله إذا لم يعتنق الإسلام.
وخطف مسلحون ملثمون الكاهن (48 عاماً) مع سوري آخر من دير شمال دمشق.
ووصف مراد للصحافيين في روما لحظة خطفه قائلاً إن رجلاً يرتدي ملابس سوداء "تشبه الملابس التي نراها في تسجيلات تنظيم الدولة الإسلامية عند قطعه رؤوس السجناء، وقف في الباب، فاعتقدت أن نهايتي قد حلت".
وأضاف أنه والسوري الآخر احتجزا في حمام صغير بعد أن عصبت عيونهما وشد وثاقهما.
لكن المسلح قال له "أنت تحت حمايتي"، وأضاف أنه يعتقد أن ذلك كان بسبب سمعة الدير الذي يستقبل المسيحيين والمسلمين ويقدم لهم المساعدة.
تجربة شديدة
وأضاف "لقد كانت التجربة شديدة جداً على المستوى الروحي".
وفي مطلع آب/ أغسطس تم نقل مراد إلى سجنه حيث انضم إلى نحو 250 مسيحياً آخرين اعتقلهم تنظيم الدولة الإسلامية عندما سيطر على بلدة القريتين في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة حمص.
وأورد أن زعيم التنظيم أبا بكر البغدادي قال إن الاحتمالات عديدة، فيمكن للجهاديين أن "يقتلوا الرجال ويسبوا النساء والأطفال، أو أن يطلبوا فدية، أو تركهم يعيشون "المسيحيين المعتقلين" والسماح لهم بالعودة إلى مناطقهم التي يجتاحها العنف.
وتم الإفراج عن المخطوفين بعد التوقيع على وثيقة في الأول من سبتمبر/ أيلول تنص على موافقتهم على العيش تحت سلطة التنظيم الجهادي.
ودمرت بلدة القريتين وانقطعت عنها المياه والكهرباء والطعام. وكان الأب مراد يقيم القداس في قبو "يومياً تقريباً لتجنب القصف".
يذكر أن التنظيم الجهادي قام بهدم دير مار إليان التاريخي للسريان الكاثوليك في القريتين مستخدماً الجرافات، بحجة أن "الدير يعبد من دون الله".
وقد ترأس مراد الدير خلفاً للأب اليسوعي الإيطالي باولو دالوليو، الذي خُطف في تموز العام 2013 في مدينة الرقة.
مركز لحوار الأديان
وقد تحوّل الدير، خلال العقدين الماضيين وبعد تجديد الحياة الرهبانية فيه على يد الأب دالوليو، إلى مقصد للزوّار والمصلّين، وبات مركزاً للحوار بين الأديان في قلب القريتين التي تعتبر بدورها رمزاً للتعايش بين المسيحيين والمسلمين في وسط سوريا.
لكن في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قرر الكاهن مراد ورعيته مغادرة البلدة "لأن الحياة في ظل تنظيم الدولة الإسلامية أصبحت مستحيلة بالنسبة للمسيحيين"، إلا أن ثمانية من المجموعة لقوا حتفهم أثناء فرارها وكان فيها مسنون وأطفال ومعاقون، سعياً للحرية.
وسيلتقي مراد البابا فرنسيس الأسبوع المقبل بعد أن أنهى الحج إلى لورد في فرنسا لشكر السيدة مريم العذراء على نجاته. وبعد ذلك يعتزم العودة إلى سوريا.
وقال مراد إن على المتطرفين المسلمين أن يعلموا أن "دينهم هو دين الرحمة" ودعا الغرب إلى "الوفاء بمسؤولياته تجاه السوريين الفارين من القصف والمجازر الذين يموتون في البحر أثناء محاولتهم الفرار".