للمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري، يجتمع ممثلون عن التيارات المختلفة في المعارضة السورية وفصائل مقاتلة حول طاولة واحدة في الرياض الثلاثاء المقبل 8 ديسمبر/ كانون الأول 2015 بحثاً عن رؤية موحدة يحملونها إلى مفاوضات محتملة مع النظام.
ويغيب حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب عن الاجتماع، على الرغم من الدور العسكري البارز الذي لعبوه على الأرض في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش).
حوار موسع
وتستضيف السعودية الداعمة للمعارضة السورية التي تقاتل ضد النظام السوري المؤتمر في إطار توصيات مؤتمر فيينا حول سوريا الذي انعقد في 30 أكتوبر/ تشرين الأول بمشاركة 17 دولة بينها الولايات المتحدة وروسيا وإيران والسعودية، في غياب ممثلين عن النظام السوري أو المعارضة.
ويقول العضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار لوكالة الصحافة الفرنسية "سيعقد مؤتمر الرياض يومي الثامن والتاسع من الشهر الحالي وقد يطول أكثر من ذلك"، موضحاً أن "لائحة الائتلاف المشاركة مؤلفة من عشرين شخصاً تضاف إليها عشر شخصيات وطنية تلقت دعوات بصفة شخصية" بينها هيثم المالح وميشال كيلو وجورج صبرا.
ومن المرجح أن ينقسم المؤتمر إلى قسمين، بحسب نشار، "الأول يتعلق بالاتفاق على المرحلة الانتقالية وتبني رؤية سياسية واضحة، بالإضافة إلى سوريا المستقبل وتحديداً شكل النظام السياسي.
أما الثاني فيتمحور حول كيفية التعامل مع مقررات فيينا وتشكيل لائحة مشتركة من المعارضة للتفاوض مع النظام، وهنا تكمن الصعوبة".
وذكر السياسي المعارض هيثم مناع، أحد أركان "مؤتمر القاهرة" الذي يضم تيارات وشخصيات من معارضة الخارج ومعارضة الداخل المقبولة من النظام، أن 20 ممثلاً من أعضاء المؤتمر، بينهم رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا والفنان السوري جمال سليمان، سيشاركون في الاجتماع.
كما تشارك هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي التي تعد من أبرز مكونات المعارضة المقبولة من النظام السوري في اجتماع الرياض، وفق ما ذكر المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم لفرانس برس.
الاتفاق على عملية انتقالية
وتجمع مكونات المعارضة السورية على ضرورة القيام بعملية انتقالية تنتهي باستبدال النظام الحالي، إلا أنها تختلف حول الأسلوب الذي يجب اعتماده للتوصل إلى ذلك. ويقول حسن عبد العظيم "في ما يتعلق بالرئيس بشار الأسد، هناك نوع من التوافق الدولي على أن هذا موضوع يقرره السوريون"، بينما يرفض الائتلاف أي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا.
كما ترفض بعض مكونات معارضة الداخل استخدام السلاح في الإطاحة بالنظام، ويطالب الائتلاف بتسليح الفصائل التي توصف ب"المعتدلة" لإيجاد نوع من التوازن على الأرض مع قوات النظام.
واتفقت الدول الكبرى التي اجتمعت في فيينا على جدول زمني ينص على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً، على أن يعقد لقاء بين ممثلين عن النظام والمعارضة بحلول الأول من يناير/ كانون الثاني.
ويرى نشار في مؤتمر الرياض "خطوة مهمة لإرضاء المجتمع الدولي بشأن توحد المعارضة حول موقف واحد".
فصائل مقاتلة تشارك
وتوقع مناع مشاركة 85 شخصاً في المؤتمر، بينهم 15 ممثلاً عن فصائل مقاتلة.
ويقول مصدر في المعارضة مواكب للاتصالات أن الفصائل المدعوة "هي تلك المصنفة غير إرهابية"، وبينها الجبهة الجنوبية المدعومة من الغرب و"جيش الإسلام" الفصيل المعارض الأبرز في ريف دمشق.
ولم تصدر حتى الآن أي تأكيدات من الفصائل المقاتلة حول مشاركتها.
ويرى نشار في مؤتمر الرياض "خطوة مهمة لإرضاء المجتمع الدولي بشأن توحد المعارضة حول موقف واحد".
الأكراد غائبون
وتم استثناء المقاتلين الأكراد وعلى رأسهم وحدات حماية الشعب الكردية التي نجحت في طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق سورية عدة من المؤتمر.
ولم يتلق حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الكردي الأبرز في سوريا حتى الآن أي دعوة، ويعود ذلك إلى رفض الائتلاف مشاركته أو مشاركة وحدات حماية الشعب.
ويشرح نشار أن "لدى الائتلاف تحفظات على مشاركة صالح مسلم (رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي) ووحدات حماية الشعب في المؤتمر"، فالوحدات، على حد قوله "لم تقاتل قوات النظام".
ويتهم بعض المعارضين الأكراد بالتواطؤ مع النظام في بداية النزاع، وبمحاربة فصائل من الجيش الحر لطردها من مناطقهم.
ويتابع نشار أن "على مسلم أن يعلن موافقته على وحدة سوريا ومعارضته لنظام بشار الأسد عسكرياً، كما على وحدات حماية الشعب أن تنضم إلى الجيش السوري الحر".
لم يتلق دعوة
أما مسلم، الذي أكد عدم تلقيه دعوة حتى الآن، فوصف الأمر بـ"المعيب" مشدداً على أنه "لن يقبل بشروط مسبقة".
وبحسب مسلم فإن موقف حزبه المعارض للنظام السوري معروف.
ويقول "قاتلنا النظام السوري قبل وجودهم (الفصائل) وصراعنا معه قديم جداً"، مضيفاً "نحن موجودون على الأرض وسوريون حقيقيون، ولن نستمع إلى أناس يتكلمون من أحضان (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان".
ويتخذ الائتلاف السوري المعارض من مدينة إسطنبول التركية مقراً له ويلقى دعماً من أنقرة التي تواجه تمرداً كردياً على أرضها.
ويشكل تصاعد نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية مصدر قلق رئيسي لتركيا التي تعتبر هذا الحزب فرعاً لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه "إرهابياً".
ويقول مسلم "ما دامت هناك فصائل مسلحة مشاركة، فيجب أن تشارك وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديموقراطية" الائتلاف الذي أنشىء أخيراً ويضم فصائل كردية وعربية ومسيحية نجحت في استعادة أراض واسعة من الجهاديين في محافظة الحسكة في شمال شرق البلاد.
وتساءل مسلم "أليس هذا المؤتمر من أجل سوريا ومن ثم التفاوض مع النظام، فكيف يرفضون مشاركتنا؟".