كل صباح، ينطلق على دراجته من بيته القريب من مدينة طرابلس اللبنانية إلى عمله في مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ليقدم المساعدة والدعم للاجئين السوريين المعرضين للخطر والسكان اللبنانيين ممن أصيبوا بإعاقات.
يعرف أحمد البالغ من العمر 31 عاما، أهمية العمل الذي يقوم به، فمنذ سنتين وبينما كان يسير إلى منزل والديه في بلدته الزبداني بسوريا، أصيب عامل البناء السابق بصاروخ هاون أفقده رجليه، لكنه رغم عثوره لاحقا على مأوى في لبنان، إلا أنه ظل محتاجا لمساعدة الآخرين في فترة عصيبة من حياته.
االآن يسافر أحمد حول طرابلس ليقدم نفس المساعدة التي تلقاها في محنته عندما وصل إلى لبنان، وتساعده في ذلك زوجته وزميلته المتطوعة "نظمية"، مستخدما دراجة بخارية مخصصة له، بحسب موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
يقول عن تجربته: "وقف بجانبي شباب سوري من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقدموا لي يد المساعدة عقب فقداني رجليّ، لذا أريد أن أفعل نفس الشيء وأن أرد الجميل".
1 من كل 5 لاجئين سوريين أصيب بإعاقة
منظمات الإغاثة قدرت نسبة الإعاقة الجسدية والحسية والعقلية بواحد من كل خمسة لاجئين سوريين والبالغ عددهم أكثر من 4 ملايين لاجئ بسبب الصراع الدائر في بلادهم. وبسبب عمليات النزوح، دائماً ما يواجه أصحاب الإعاقات عدة عراقيل للحصول على الخدمات اللازمة، بجانب شح الفرص للعب دور هام في مساعدة المجتمع.
المتطوعون أمثال أحمد ونظمية يلعبون دوراً حيوياً كدعاة لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، بجانب تمييز أصحاب الأوضاع الحساسة وإعطائهم المعلومات ومساعدتهم في تقليص حس العزلة لديهم.
ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ميريل جيرارد قالت: "في اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، تشعر المفوضية بالامتنان تجاه المساهمات الثمينة التي قام بها أحمد ونظمية وآخرون مثلهم".
أضافت "تهدف المفوضية أثناء تعاملها مع النازحين، إلى التأكيد على المساواة في الحقوق بين ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير الفرص لمشاركاتهم الفعالة في حياة عائلاتهم ومجتمعاتهم".
أما نظمية فتقول إن العمل الذي تقوم به هي وأحمد لا يقدم المساعدة والأمل فقط للاجئين وأصحاب الاحتياجات الخاصة، لكنهم يساعدونهم في تقبل أوضاعهم والتصالح معها.
مازال أحمد يواجه صعوبات في حياته كلاجئ وكمعيل أسرة، إذ مطلوب منه أن يكافح لأجل كسب المال الضروري للسكن وإطعام زوجته وابنه البالغ 11 شهراً، كما أنه يعاني من ألمٍ شديد بانتظام بسبب إصابته، بالرغم من الدواء الموصوف له.
وبعيدا عن كل الصعوبات التي يواجهها أحمد، فإنه يُرجع الفضل في اكتساب منظور جديد لحياته إلى عمله كمتطوع للاجئين: "لقد اكتشفت مواهبي بعدما أصبحت من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم أكن لأعرف ما أستطيع فعله لولا إصابتي، هكذا تحديت نفسي إلى أقصى حد".