شروط جديدة لـ”النصرة” تهدد صفقة إطلاق العسكريين اللبنانيين المحتجزين لدى الجبهة

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/29 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/29 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش

اصطدمت عملية تبادل العسكريين اللبنانيين المحتجزين منذ عام لدى جبهة النصرة الأحد 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعراقيل في اللحظات الأخيرة، حيث طرأت مستجدات على ملف التبادل بين الحكومة اللبنانية والجبهة التي وضعت شروطاً جديدة حالت دون تنفيذ التبادل اليوم، وهي التي العملية يترقبها اللبنانيون والإعلام منذ الصباح الباكر.

بلدة عرسال الحدودية مع سوريا (شرق) شهدت حركة مواكب أمنية منذ ساعات الصباح مع إجراءات مشددة على الطريق المؤدية إليها، تزامنا مع استنفار إعلامي، وتوجه عدد من أهالي العسكريين المخطوفين إلى البلدة في انتظار اتمام صفقة تبادل بين الأمن العام اللبناني من جهة وجبهة النصرة التي تحتجز 16 عسكريا لديها منذ صيف 2014 من جهة ثانية.

أزمة أحمد الأسير

وكشف مصدر أمني لبناني رفيع المستوى أن اشتراط جبهة النصرة إطلاق سراح القيادي السلفي اللبناني الموقوف لدى السلطات اللبنانية أحمد الأسير أضاف تعقيدا جديدا أمام تنفيذ صفقة تبادل صفقة العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى النصرة بسجناء إسلاميين بعد أن كادت الصفقة تصل لمراحلها الأخيرة.

وقال المصدر لـ"عربي بوست" إن إطلاق الأسير الذي كان يقود مجموعة سلفية مسلحة في صيدا بجنوب لبنان تورطت في معارك ضد الجيش اللبناني أودت بحياة عدد من العسكريين في صيف عام 2013 أمر صعب بالنظر لحساسية هذه القضية للدولة اللبنانية خاصة المؤسسة العسكرية.

وأشار إلى أن أمير النصرة في منطقة القلمون السورية المحاذية للبنان أبو مالك التلي يريد أيضا إطلاق سراح زوجته الموقوفة لدى السلطات السورية.

المصدر الأمني اللبناني أضاف أيضا، أن شروطا أخرى أخرى تعرقل الصفقة منها إضافة أسماء جديدة في ظل غموض حول مكان وجود التلي وبالتالي فعالية سيطرته على مجموعته التي تختبئ في المنطقة الحدودية الجبلية الجرداء المقابلة لبلدة عرسال اللبنانية المعروفة باسم جرود عرسال.

واستدرك قائلا "لكن التفاوض مازال مستمرا في محاولة لإتمام الصفقة في ظل حرص السلطات اللبنانية على إنهاء هذه المأساة المستمرة منذ أغسطس/آب 2014.

إصرار على إتمام الصفقة

ورجح إتمام الصفقة في الأيام القادمة رغم هذه العراقيل نظرا لوضع عناصر النصرة الحرج في جبال بلدة عرسال اللبنانية الحدودية، قائلا: "لم يعد أمامهم بديل إلا الذبح على يد داعش بعد أن بايعت أعداد كبيرة منهم بالفعل تنظيم الدولة".

وقال المصدر إن الدولة اللبنانية حريصة بدورها على إتمام الصفقة خاصة الأمن العام اللبناني المسؤول عن الملف بعد أن شاعت حالة كبيرة من التفاؤل في المجتمع اللبناني لاسيما لدى أهالي العسكريين.

مشيرا إلى أن الجيش اللبناني كان قد قام بإجراءات أمنية ولوجستية شبه نهائية لإتمام الصفقة ودخلت سيارات الأمن العام اللبناني محملة بالمؤن تنفيذا لبنود الصفقة.

ولفت إلى أن مدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم مسئول الملف لديه علاقات جيدة بالنظام السوري بحكم أنه محسوب على الثنائي السياسي الشيعي الحاكم في لبنان حزب الله وحركة أمل.

مضيفا أنه خاض تجربة ناجحة مماثلة تمثلت في صفقة إطلاق اللبنانيين الشيعة الذين اختطفوا في بلدة أعزاز بشمال سوريا منذ عدة سنوات تضمنت إطلاق معتقلين لدى السلطات السورية.

وتشير معلومات وصلت "عربي بوست" من مصادر أمنية لبنانية مطلعة على الملف أن النظام السوري سلم 70 معتقلاً ومعتقلة إلى لبنان من أجل تسهيل عملية التبادل مع العسكريين المختطفين.

شروط جديدة للنصرة

وقال مصدر أمني للوكالة الفرنسية، أن هناك عقبات أدت في اللحظات الأخيرة إلى تأخير إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين بعد إضافة جبهة النصرة شروطا جديدة لم يحدد الأمن العام اللبناني موقفه النهائي منها بعد، ما أدى إلى عرقلة إتمام الصفقة حتى اللحظة".

وبحسب المصدر الأمني، فإن صفقة التبادل تأخرت نتيجة "مطالبة جبهة النصرة السلطات اللبنانية بالإفراج عن سجناء جدد لم تكن أسماؤهم مدرجة على القائمة التي تم التفاوض حولها".

وأفاد الوسيط الذي يواكب التفاوض عن قرب منذ الصباح لصحيفة "النهار" أن "جبهة النصرة" طرحت شروطاً إضافية أبرزها ضمانة وصول أعداد من المسلحين الجرحى إلى تركيا، وتأمين وصول سيارات إغاثية لمخيمات اللاجئين في الجرود، ومعالجة ملف الشيخ مصطفى الحجيري القضائي وإسقاط الأحكام عنه"، وهو المحكوم بالسجن المؤبد من المحكمة العسكرية.

وأضاف الوسيط: "أبلغنا جبهة النصرة أن طرح ملف الشيخ الحجيري القضائي غير قابل للتحقق إطلاقاً كونه يتعلق بمسار قضائي في الدولة اللبنانية، وكذلك فان الموضوع الإغاثي المتعلق باللاجئين ليس سهلاً".

وتابع: "أنا باقٍ في البقاع هذه الليلة وأعمل مع الوسيط القطري لتذليل العقبات واقناع المسلحين بالعودة عن شروطهم".

البنود المتفق عليها

مصادر أمنية أوضحت للوكالة الفرنسية أن الصفقة الحالية التي أبرمها الأمن العام مع ممثل عن جبهة النصرة تتضمن بنودا عدة، أبرزها إفراج جبهة النصرة عن العسكريين المخطوفين مقابل تسلمها من السلطات اللبنانية عددا من السجينات والسجناء القريبين منه الموقوفين في لبنان وسوريا.

وتتضمن بنود الصفقة أيضا بحسب مصادر أمنية، سماح الجانب اللبناني بدخول جرحى من الجانب السوري إلى عرسال لتلقي العلاج، ونقل جرحى من الزبداني في ريف دمشق المحاصرة من قوات النظام وحليفه حزب الله اللبناني، عبر مطار بيروت إلى تركيا، بالإضافة إلى إدخال شاحنات مؤن إلى جرود عرسال حيث يتحصن مقاتلو النصرة في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا.

أبرز أسماء الصفقة

ومن أبرز أسماء الصفقة، جمانة حميد، وهي لبنانية من عرسال أوقفت في فبراير/ شباط 2014 بينما كانت تقود سيارة مفخخة، وسجى الدليمي وهي عراقية وزوجة سابقة لزعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبي بكر البغدادي، وقد أوقفت في نهاية العام 2014، وعلا العقيلي التي أوقفت في الفترة نفسها وهي زوجة أحد قياديي جبهة النصرة، بالإضافة إلى شقيقة أمير جبهة النصرة في منطقة القلمون أبي مالك الشامي المعروف أيضا بابي مالك التلي والمسجونة في سوريا.

وحتى الآن لا يزال العمل جارياً على تجاوز العقبة الخطيرة التي فشل الأمن العام اللبناني في إقناع النظام السوري بها، وهي إطلاق سراح زوجة أمير الجبهة والذي يوجد العسكريون اللبنانيون في قبضته، وفقاً لتصريح مصدر أمني لبناني رفيع المستوى لـ"عربي بوست"، رفض ذكر اسمه لظروف أمنية.

وشهدت عرسال توجه عشرات الشاحنات التي كانت محملة بالمؤن قبل الظهر ثم عادت أدراجها بعد الظهر دون إفراغ حمولاتها إلى بلدة اللبوة المجاورة.

أهالي المختطفين

وبين عرسال ووسط بيروت حيث ينفذون اعتصاما داخل خيم منذ أشهر للمطالبة باسترداد أبنائهم، عاش ذوو المخطوفين لحظات ترقب صعبة، وامتنعوا بناء على طلب من الأمن العام عن التصريح لوسائل الإعلام، خوفا من التأثير سلبا على إتمام الصفقة.

وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في بيان إلغاءه رحلة كانت مقررة غدا إلى باريس للمشاركة في قمة المناخ العالمية "لمتابعة تطورات ملف العسكريين حتى ايصاله إلى نهايته السعيدة".

قصة اختطاف اللبنانيين

ووقعت في الثاني من أغسطس/ آب 2014 معارك عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن داخل مخيمات للاجئين في بلدة عرسال استمرت أياما، وانتهت بإخراج المسلحين من البلدة، لكنهم اقتادوا معهم عددا من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي.

وقتل الخاطفون 4 من الرهائن ولا يزالون يحتفظون بـ 25 منهم، 16 لدى جبهة النصرة و9 لدى تنظيم الدولة الإسلامية داعش.

ونظمت جبهة النصرة مرات عدة لقاءات بين أهالي العسكريين وأبنائهم في جرود القلمون السورية الحدودية مع عرسال، بينما لا يعرف شيء عن المحتجزين لدى داعش.

وتعثرت في وقت سابق جولات عدة من التفاوض دخل على خطها مفاوضون قطريون، إلا أنها المرة الأولى التي تبدو الصفقة على وشك أن تتم.

النصرة على وشك الانهيار

ومن جانب آخر أكد المصدر "أن الأمر الذي سرّع الصفقة التي يجرى التفاوض عليها منذ وقت طويل، هو أن جبهة النصرة في منطقة الحدود اللبنانية السورية على وشك الانهيار بعد تعرضها لهزائم عسكرية من قبل حزب الله وتنظيم "داعش" على السوا.

وارجع المصدر تراجع النصرة إلى مبايعة عدد من أعضائها لتنظيم الدولة الإسلامية داعش خلال الساعات الماضية، فيما يتوقع أن يرحل عدد من قادتها إلى الخارج في إطار الصفقة، وفي مقدمتهم أبومالك التلي".

وأشار إلى أن أعضاء النصرة الذين رفضوا الانضمام لـ"داعش" قد ينسحبون إلى الداخل السوري، أو ينخرطون في مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال، خوفاً من أي مواجهة عسكرية قادمة مع "داعش".

أعضاء النصرة يغادرون عرسال

من جانبه، كشف مصدر محلي من بلدة عرسال "لـ"عربي بوست"، عن أن عدداً من أعضاء جبهة النصرة في البلدة بدأوا في بيع ممتلكاتهم، وعلى رأسهم الشيخ مصطفى الحجيري، أحد المشايخ المقربين للجبهة، الملقب بـ"أبو طاقية"، وهو المتهم بتسهيل عملية خطف العسكريين بعيد معركة عرسال الماضية، والذي قام بتوديع أهله في مؤشر على خروجهم من المنطقة بعد إتمام الصفقة.

وكانت جبهة النصرة و"داعش" قد اختطفا نحو 28 عسكرياً خلال هجومهما المشترك على بلدة عرسال اللبنانية في أغسطس 2014، وتم إعدام 3 منهم، اثنين على يد "داعش"، وواحد على يد "النصرة" التي تحتجز نحو 16 عسكرياً، فيما يحتجز تنظيم "الدولة الإسلامية" 9 آخرين، وفقاً لبعض التقديرات الأمنية غير الرسمية.

ورفض تنظيم "داعش" الانخراط في الصفقة التي جرى التفاوض عليها بين مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم و"النصرة" بوساطة قطرية.

تحميل المزيد