في اليوم الذي أعلنت فيه الرئاسة المصرية توقيعها اتفاقاً مع روسيا لإقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء انتشرت على الفور مئات النكات التي تدور حول فكرة واحدة وهي أهمية الاستمتاع بما تبقى من الحياة ومصالحة الأصدقاء لأن نهاية الكون أصبحت قريبة.
الدافع للنكتة هو أن الإعلان عن المحطة النووية جاء بعد قليل من غرق مدينة الإسكندرية ومحافظات مصرية أخرى أكثر من مرة في مياه الأمطار الأمر الذي عكس فشلاً حكومياً كبيراً سبب حالة من الغضب وأزمة في الثقة حيال كل ما تهم الحكومة بعمله.. ولذلك أصبح السؤال جاداً: هل تستطيع الدولة المصرية تحمل إدارة منشأة نووية؟ وهل هناك خطر حقيقي على البيئة والمواطنين جراء المشروع المزمع؟
في 19 نوفمبر الماضي وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاتفاقية مع مدير عام شركة "روس أتوم" الروسية سيرجى كيريينكو، لإقامة المحطة النووية.
وبعد توقيع الاتفاقية انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض؛ المعارضون يرون أن المحطة ليست بالأهمية التي تستحق إنفاق 30 مليون دولار وفق تقارير إعلامية مصرية مقربة من الحكومة، خاصةً وأن التمويل في معظمه سيكون بنظام الاستدانة من الجانب الروسي مما سيثقل كاهل الأجيال القادمة ويجعل المشروع تحت سيطرة موسكو.
الجيل الثالث
المحطة النووية التي تم توقيع عقودها تنتمي للجيل الثالث من المفاعلات النووية التي تتميز بأنها ذاتية الأمان والتي تقوم بإغلاق نفسها تلقائياً عند حدوث خطأ بشري، وهو الأمر الذي أكده نائب رئيس هيئة الطاقة النووية السابق سيد منجي بقوله "أطمئن الناس، لن يتكرر سيناريو كارثة تشرنوبيل، وما كان فى مفاعل أوكرانيا مختلف كلياً عما سيتم إنشاؤه بالضبعة".
وتنقسم المفاعلات النووية إلى 3 أجيال، حيث أن الجيل الثالث هو أحدثها وأكثرها أماناً، بينما الجيل الثاني هو الأوسع استخداماً حالياً والذي ينتمي له مفاعل فوكوشيما الياباني الذي تعرض لعملية تسرب إشعاعي في أعقاب كارثة تسونامي عام 2011.
ثقة في الروس
وفي تصريحات خاصة بـ"عربي بوست" أكد الدكتور محمود بركات الرئيس السابق للهيئة العربية للطاقة الذرية، على ثقته في روسيا أكثر من ثقته في أميركا وألمانيا، وأوضح أنه على مدى 60 عاماً من التعامل مع الجانب الروسي "لم أر أي شيء سلبي في تعاملاتي مع الروس".
وأكد فى الوقت ذاته على أن مشروع الضبعة هو الأضخم ولم يسبقه مشروع آخر بنفس الحجم.
التحديات والعوائق
مصر دولة ذات خبرة ضئيلة في مجال الطاقة النووية، وهو الأمر الذي أشار له الدكتور جاكوبو بونجيرنو رئيس قسم الهندسة والعلوم النووية بمعهد ماساتشوستس الأميركي ومدير مركز نظم الطاقة النووية المتقدمة بقوله إن "مصر غير جاهزة لتنفيذ مشروع نووي بهذا الحجم في الوقت الحالي".
هذا الأمر أكدته بنود الاتفاقية بين الجانبين المصري والروسي والتي أشارت إلى عمليات تدريب للعاملين. لكن بونجيرنو أكد في تصريحاته لـ"عربي بوست" أن الخطوة الأولى يجب أن تكون "إنشاء وكالة قوية ومستقلة للطاقة النووية بإمكانيات تشغيل عالية".
صفي حامد أستاذ التخطيط الإستراتيجي كشف فى تصريحات تلفزيونية عن عراقيل أخرى تهدد المشروع المزمع إنشاؤه بالضبعة والتي تكمن فى التخلص من نفايات المشروع، وهو ما تعاني منه الولايات المتحدة الأميركية، على حد قوله.
المدى الزمني
من جانبه رأى الدكتور صفي حامد أستاذ التخطيط الاستراتيجي صعوبة نجاح المشروع في مصر من الناحية الخططية كونه يحتاج إلى وقت طويل لإنشائه وتشغيله وتدريب العاملين به، بجانب أبحاثه وصياناته الدورية.
لكن الرئيس السابق للهيئة العربية للطاقة الذرية أكد على أن المشروع لايحتاج لأكثر من 6 إلى 8 سنوات لتشغيله، وأن عامل الوقت لا يمثل أي عائق.
ورفض ما يتردد حول قلة خبرات الدولة المصرية فى المجال النووي،مضيفاً "نعم هناك قلق من الأيدي العاملة وبالتحديد الفنيين والمهندسين ولكن أمامنا مجال لتدريب الشباب المصري خاصة وأن مصر لديها أفرع كثيرة لكليات العلوم والهندسة".
التاريخ النووي لمصر
وأنشأت مصر مفاعلاً نووياً بحثياً في أنشاص (شرق القاهرة) عام 1961 ثم سعت لتطوير التجربة بعد ذلك 3 مرات سابقة لتنشئ مفاعلات تتيح الاستخدامات النووية السلمية، المرة الأولى كانت عام 1963 عندما قررت إنشاء محطة نووية غرب الإسكندرية لكن نكسة 1967 أجهضت المشروع.
وبعد حرب 1973 طرحت مجدداً فكرة إنشاء المفاعل ووقعت اتفاقات بهذا الشأن مع الولايات المتحدة لكن الفكرة لم تكتمل بعد تفجير الهند النووي عام 1978.
المرة الثالثة كانت عام 1981 بمشروع لإنشاء 8 محطات نووية بمنطقة الضبعة لكن انفجار مفاعل تشيرنوبيل بأوكرانيا أنهى التفكير.
الفشل الحكومي
وخلال العامين الماضيين واجهت الحكومة المصرية انتقادات واسعة للفشل في صيانة المرافق والبنية الأساسية للدولة وحتى لوجود ثغرات أمنية كبيرة هددت أمن مصر والعالم،
الأمر الذي جعل من طرحها لهذا المشروع في هذا التوقيت مبرراً للسؤال عن كفاءتها المحتملة في إدارته.
وأبرز حوادث الفشل الحكومي الذي وقع مؤخراً كان في غرق مدينة الإسكندرية بمياه الأمطار أكثر من مرة خلال أسابيع، وحادث الطائرة المدنية الروسية التي أسقطت بقنبلة سربت إليها عبر مطار شرم الشيخ، إضافة إلى فشل اقتصادي أخرج العديد من المستثمرين الأجانب من السوق.
حملات السخرية
للأسباب السابقة فقد أثار الاتفاق الجديد موجات سخرية كبيرة على الشبكات الاجتماعية، حيث راهن الشباب على استحالة إتمام المشروع وأبدى كثيرون تخوفهم من أن يتسبب إنجازه في إفناء الحياة في مصر.
نفس الخبراء ال بيحاولو يقنعونا بعظمة المفاعل النووي هما هما نفس الخبرا ال اقنعونا بجهاز الكفتة واقنعونا بعظمة التفريعه علشان كده انا مصدقهم
— mahmoud elzaiat (@mahmoudelzaiat) November 20, 2015
#منقولاجمل حاجة في المشروع النووي المصري انه لو نجح هيحل مشكلة الكهربا.. ولو فشل هيحل مشكلة السكان
Posted by Ibrahim Elgarhi on Thursday, November 19, 2015