هل يدفع اللاجئون السوريون في أوروبا “ثمن” هجمات باريس؟

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/15 الساعة 12:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/15 الساعة 12:58 بتوقيت غرينتش

يحمل اللاجئ السوري خالد شمعة مشتعلة ويغطيها بيده خشية أن تطفئها حبات المطر المنهمر وهو يقف أمام السفارة الفرنسية في برلين للمشاركة في تكريم ضحايا الهجمات الدامية التي شهدتها العاصمة الفرنسية.

خالد، يقول "نحن معهم الآن لنساعدهم في هذه الأزمة، ما حدث لهم هو نفس ما يحدث لنا كل يوم في سوريا مضاعفا 100 مرة منذ 5 سنوات".

كان خالد يدرس طب الأسنان في دمشق، إلا أنه قرر مغادرة العاصمة السورية بعد يأسه من انتهاء العنف الذي يجتاح بلاده.

ومثل عشرات الآلاف من أبناء وطنه، خاطر خالد بحياته وعبر مياه المتوسط في قارب مطاطي، وسار بعد ذلك لمدة 17 يوما للوصول إلى ألمانيا قبل 5 أشهر.

لكنه ما كاد يبدأ التطلع إلى إعادة بناء حياته ويباشر في تعلم اللغة الألمانية التي يأمل في أن تمكنه من العودة يوما ما إلى دراسة الطب، حتى جاءت هجمات يوم الجمعة 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، التي أدت إلى مقتل 129 شخصا لتثير مخاوف من احتمال أن تنقلب أوروبا على اللاجئين.

وأثار عثور الشرطة الفرنسية على جواز سفر سوري قرب جثة أحد المهاجمين مخاوف من أن يكون بعض المشاركين في هجمات فرنسا قد دخلوا أوروبا متسللين في صفوف عشرات آلاف اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا.

خالد، أقر قائلا "هذه مشكلة"، إلا إنه دعا إلى عدم ظلم أبناء وطنه، وقال إن المهاجمين "ليسوا سوريين" وإن جواز السفر المشتبه به مزور.

وقال "اعتقد إنها كذبة كبرى لأن المنطقة بأكملها دمرت، وبقي جواز السفر سليما؟ هذا سخف"، ملمحا إلى أن جواز السفر إما أن يكون مزورا أو أنه تم وضعه عمدا، "لأنهم يكرهون اللاجئين، الكثير من الناس يكرهون السوريين".

وليام البالغ من العمر 24 عاما، اللاجئ السوري الذي وصل إلى ألمانيا قبل 5 أشهر، يشعر هو الآخر بالقلق.

ويقول "الكثير من الأخبار تتحدث عن السوريين، وعن عثور الشرطة على جواز سفر سوري، بالطبع أنا قلق، هذا أمر سيء".

ويؤكد "السوريون ليسوا إرهابيين، نحن نريد الحياة ونحتاج للسلام لكي نعمل"، مضيفا أنه يريد العودة إلى بلاده فور انتهاء الحرب.

أما مهند داود الذي وصل إلى الاتحاد الأوروبي عبر إيطاليا قبل أن يطلب اللجوء في ألمانيا قبل 11 شهرا، فقال إن ألمانيا التي استضافته "أحسنت استقبالنا".

وأضاف "الناس هنا يدركون أنه ليس كل الناس إرهابيين، والكثير يفرون من تنظيم الدولة الإسلامية".

إلا أنه أقر أنه خائف "بعض الشيء" من تغير النظرة إلى اللاجئين، وقال "لدي عائلة هنا الآن، أريد أن أبدأ حياتي هنا".

ويقول للأشخاص الذين أصبحت لديهم شكوك في السوريين عقب هجمات باريس "الإرهابي هو إرهابي، لا يهم من أين هو".

وفي ألمانيا التي كان يدور فيها جدل حتى قبل هجمات باريس، بشأن تدفق اللاجئين الذين يتوقع أن يصل عددهم في ألمانيا إلى المليون، سارع وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير إلى وقف أية محاولة للربط بين الإرهابيين واللاجئين.

عقب اجتماع طارئ للحكومة السبت قال "أود أن أوجه هذا النداء العاجل بتجنب التسرع في الربط بين الهجمات ووضع اللاجئين".

وقال إن السلطات تراقب المتطرفين اليمينيين عن قرب، مشيرا إلى وقوع "هجمات فظيعة ضد طالبي اللجوء وملاجئهم".

والأحد أكد وزير الداخلية أنه سيتم تعزيز الأمن عند أماكن إيواء اللاجئين.

قنابل تنهمر كالمطر

وظهر القلق بين صفوف اللاجئين جليا على الشبكات الاجتماعية.

وعلى صفحة "موقف باص للتائهين" على فيسبوك والتي تلقى قبولا كبيرا بين اللاجئين المتحدثين باللغة العربية الذين يسلكون طريق البلقان للوصول إلى أوروبا، سأل شخص "هل ستؤثر هجمات ليلة أمس في باريس على حياتنا كلاجئين؟".

ورد عليه شخص آخر "بالطبع".

وكتب جلال أبازيد اللاجئ السوري في ألمانيا "لعنة الله على الشخص الذي فجر نفسه، هل كان عليه أن يأخذ جواز سفره معه؟، كان يجب أن يضعه في مكان ما ويذهب إلى جهنم".

وفي فرنسا صرح الصحافي السوري أيهم الخلف الذي فر من مدينة الرقة بعد سقوطها في يد تنظيم الدولة الإسلامية "إذا كان بعض الفرنسيين لا يثقون بالعرب قبل الهجمات، فان كراهيتهم لهم ستزداد الآن".

وأضاف "الوضع سيصبح أصعب بالنسبة لنا هنا بالتأكيد".

إلا أن آخرين ممن لا زالوا على الطريق إلى أوروبا ويسعون إلى الدخول إلى الاتحاد الأوروبي دون تردد، فيقولون إن أية عداوة يمكن أن يواجهونها من قبل الأوروبيين لا يمكن أن تكون أسوأ من القنابل التي تسقط علهم يوميا في سوريا.

كلاهام (32 عام) التي تحمل طفلها المريض بين ذراعيها بينما تصطف للتسجيل على حدود مقدونيا مع اليونان بعد أن فرت من دمشق مع زوجها وطفلها، تقول "أريد فقط أن أغادر سوريا، وآمل في الأفضل".

وتضيف "لا يساورني أي خوف، الفوضى تعم سوريا، لذلك لا يمكن أن يكون الوضع أسوأ".

وبالمثل يقول مالك روزهدان الذي يسافر برفقة زوجته جوساك وأطفاله الثلاثة "الوضع سيء للغاية هذه الأيام في دمشق التي أتينا منها، القنابل تنهمر كالمطر".

ويضيف "بالطبع ما حدث ليس أمرا جيدا مطلقا، ولكن أوروبا مكان جيد للعيش فيه، ولا أعتقد أن ما حدث سيؤثر على رحلتنا بأي شكل من الأشكال".

تحميل المزيد