تفجيرات باريس التي خلّفت مساء الجمعة 129 قتيلاً و300 جريح حل خبرها ضيفاً ثقيلاً على نهار المهاجرين السوريين في السويد، كما أن ردود الفعل الدولية والشعبية المنددة، وتبني تنظيم "داعش" للعمليات وظهور جواز سفر سوري بحوزة أحد المنفذين حوّل الخبر المتداول على وسائل الإعلام إلى قضية جدّية تلامس همّ وجود المهاجرين.
الحيرة والخوف على مستقبلهم هنا كانا المحور الرئيس لنقاشاتهم، والتضامن مع الضحايا وإبعاد الشبهة عن السوريين أصبح شغل معظمهم على الشبكات، حتى أن بعض السوريات باتت تفكر جديّاً بعدم ارتداء الحجاب، كذلك الحال مع الرجال الذين قد لا يطيلون لحاهم خوفاً من ردود الفعل وحتى تزول حالة الاحتقان الشعبي التي خلفتها التفجيرات.
الحرب تلاحقنا إلى هنا
"كنّا قلقين، أخبار متواترة وسريعة أبقتنا متجمعين حول التلفاز طيلة الليلة الماضية في محاولة لمعرفة تفاصيل الحادث" يقول عدنان علوان( 42) عاماً طالب لجوء سوري في السويد، ويضيف لـ "عربي بوست" أنه "في الصباح حدث ما كنا نخشاه، جواز سفر سوري وجد قرب جثة أحد الانتحاريين كان كافياً ليفتح علينا أبواباً تقلل من جديد فرصنا للعيش بسلام هنا".
عدنان واحد من آلاف الواصلين إلى أوروبا مؤخراً، هو أب لطفلين مازالا ينتظران حصوله على حق الإقامة وإتمام معاملات لم الشمل كي يلتحقا به، ولكن "همّه المشترك مع كل ساكني المخيم(كامب) ألا تلاحقه الحرب التي هرب منها في سوريا إلى هنا" على حدّ قوله.
الحجاب واللحية والصورة المسبقة
غيث 29 عاماً مقيم في أودفالا غرب السويد منذ عام ونصف، والمتطوع في إحدى الجمعيات السويدية التي تساعد اللاجئين تحدّث لـ "عربي بوست" عن ردة الفعل السريعة وحالة التوتر التي انتابت زملائه السويديين المتطوعين معه في الجمعية فور ورود الأنباء عن عمليات باريس.
وأضاف "زملائي من السويد كانوا قد رفضوا قرار إغلاق الحدود الذي أصدرته بلادهم مؤخراً، ولكن بعد تفجير باريس اعتبروه حقاً مشروعاً".
"الحل الابتعاد عن الصورة النمطية للعرب" يوضح غيث، ويضيف "اليوم وبعد الأحداث المتسارعة التي بدأت بحادث شارلي إيبيدو منذ شهور مروراً بتفجيرات باريس الأخيرة سأعمل على تغيير شكلي كليّاً، لن أطيل لحيتي وسأعلق حلقاً في كلتا أذني، وربما سأغيّر اسمي".
قد أخلع حجابي
المشكلة عند الأوروبيين كما تراها ياسمين 23 عاماً أنهملا يميزون بين مسلم معتدل جاء ليعيش هنا بسلام وبين متطرف يحاول الانتقام بحسب ياسمين"معظمهم هنا يضعونا في نفس الخانة تقريباً".
ياسمين والتي تقيم منذ سنة ونصف في مدينة كالمار جنوب السويد، بدأت تفكر جدياً وخاصة بعد تفجيرات باريس الأخيرة "بخلع الحجاب لتفادي الانطباع الأول والتصنيف المسبق الذي تواجهه في بعض الأحيان خلال حياتها اليومية، من سائق الحافلة من بائعة السوبر ماركت وحتى من مدرسيها في مدرسة اللغة".
وتضيف لـ "عربي بوست" أنه "لا فرق عند الغالبية بين حجاب ونقاب معتدل مسالم وإرهابي، هذا التعميم السطحي كاف ليضعنا جميعاً أمامهم في خانة واحدة، ويدفعنا دائماً للعب دور محامي الدفاع عن الكتلة الوسطية الأكبر من مجتمعنا".
المسلمون اليوم ضحية الإعلام العالمي
عروة 30 عاماً صحفي ومترجم سوري مقيم في السويد قال لـ "عربي بوست" إن "الحرب المستعرة في سوريا، التصنيفات المسبقة والمعرفة السطحية عن واقع وتقسيمات المجتمعات العربية باتت اليوم تدفع الأوروبيين إلى بناء صورة مسبقة ليطبقوها على كل الآتين من هناك، هم يعتمدون على مجموعة إشارات سطحية في تقييمنا غالباً".
الشكل والإسم عاملان مهمان في تشكيل الانطباع الأول لدى الأوروبيين من وجهة نظر عروة، ويضيف "أنا شخصياً توقفت عن إطالة لحيتي منذ فترة لأن ملامحي العربية
واللحية الطويلة باتت تثير العديد من إشارات الاستفهام والتوجسات عند لقائي بأشخاص سويديين".
عروة يرى أن الشباب القادمين من مجتمعات عربية يحملون مسؤولية كبيرة تتمحور "حول إظهار الصورة الحقيقية لمجتمعاتنا المتنوعة، وفي العمل على إعادة تعريف المسلمين، وفي إظهارهم كضحية حقيقية للإرهاب لا شركاء له".