لا شك أن الانتخابات التركية ذات تأثير مباشر على الجوار العربي، أيا كانت نتائجها، فهي تعني صعود حليف إقليمي أو سقوطه، وفوز العدالة والتنمية يشكل فارقا كبيرا في كثير من القضايا العربية وعلى رأسها القضية السورية، لذا من حق كل عربي أن يتفاعل مع الانتخابات التركية بل ويفرح بنتائجها، ففي الفترة السابقة من حكم العدالة والتنمية كانت تركيا أكثر تفاعلا مع القضية الفلسطينية وشكلت قوة في صالح الشعب الفلسطيني، كذلك أثناء ثورات "الربيع العربي" كانت تركيا منحازة للشعوب في معظم مواقفها، وبعد الثورات المضادة وتصاعد وتيرة الظلم والقهر أصبحت تركيا ملاذا للعرب الذين ضاقت بهم أوطانهم بقيادة الحكومات القمعية والعسكرية.
في الجهة الأخرى أقيمت مآتم عزاء بعد فوز العدالة والتنمية بلحظات و تعالت أصوات النحيب، استنفدوا ما في مخازنهم من أدوية الأرق، كانت أمنياتهم الهزيمة لحزب العدالة والتنمية، ما يجعلهم في هذه الحالة الكئيبة هو الخوف، الخوف من نجاح التجربة الديمقراطية وأن تصبح مصدر إلهام للشعوب العربية، الذين سعوا في تدمير التجربة الديمقراطية في البلدان العربية ومزقوا أوطانهم و قاتلوا شعوبهم ترعبهم الحرية ونسائمها، أصوات الشعوب ترهقهم، ودوا لو أنها حكومة مستبدة فاشلة تشبههم.
تركيا كأي دولة تبحث عن مصلحتها بالدرجة الأولى، ولا يمكن قراءة سياساتها بعيدا عن مصالحها، المبالغة في الفرح بنتائج الانتخابات وكأنها فتح للأمة والعرب والإسلام لا يتجاوز كونه عاطفة و تفريغ لمعناها وقيمتها الحقيقة،القيمة الكبرى لانتصار الديمقراطية و كرامة الإنسان وحريته، الشعب التركي انتخب حكومة العدالة لإنجازاتها ونجاحها وليس لتدينها، ليفرح العربي بالديمقراطية التركية ليفرح بحكومة تحترمه هناك وتلتقي مصلحتها مع مصلحته، إلى حين تحقيق حلمه بوطن يحترمه وحكومة تمثله وتحترم رأيه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.