كرد سوريا يلعبون على حبلي روسيا وأميركا لتحقيق أحلامهم

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/02 الساعة 13:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/02 الساعة 13:08 بتوقيت غرينتش

بعد نجاح القوات الكردية على مدار عام مضى في طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من مناطق بشمال سوريا بغطاء ودعم جوي أميركي زادت تطلعاتهم في إقامة منطقة حكم ذاتي وهو ما يغضب أنقرة الحليف لواشنطن في الحرب الدائرة بسوريا، وهو ما دفع الكرد للتوجه نحو الدب الروسي عله يساندهم في مطلبهم.

وهو ما قد ينهي علاقة التقارب بين القوات الكردية والولايات المتحدة، فبينما يحاول التحالف الدولي تصعيد هجومه على مقاتلي داعش، قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن الفصيل الكردي الأقوى يضع الآن خططه الخاصة.

منطقة إدارةٍ ذاتيةٍ جديدة

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلن الكرد عن منطقة إدارةٍ ذاتيةٍ جديدة في شمال سوريا، وهو القرار الذي أغضب الجارة تركيا، الشريك في التحالف الدولي والتي تستضيف الطائرات المقاتلة الأميركية.

لكن المراقبين يقولون أن الأكثر إثارة للقلق هو أن حزب الاتحاد الديمقراطي (المعروف أيضاً باسم PYD) يناقش طموحاته لمزيد من الاستقلال الذاتي خلال لقاءاته الديبلوماسية مع روسيا، خصم أميركا المساند للرئيس بشار الأسد.

حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي شعر بدوره الحاسم في المعركة ضد تهديد داعش في سوريا يتحرك الآن لتعزيز موقفه السياسي، لكن مثل هذه الخطوات تهدد جهود الولايات المتحدة في محاربة التنظيم إذ أنها تستعدي حليفة أميركا، تركيا، بالإضافة إلى الثوار العرب على الأرض.

ويرى المراقبون أن مباحثات الاتحاد الديمقراطي مع روسيا تهدف إلى الضغط على الولايات المتحدة لتقديم المزيد من الدعم العسكري، بل وربما الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية التي أعلنها الحزب.

ويقول نواف خليل، المسؤول السابق في الحزب، والذي يدير الآن المركز الكردي للدراسات في ألمانيا، إن "الخطوة تشبه مهمة استكشافية لمعرفة المواقف، حيث يلتقي الجميع لمناقشة خياراتهم، لمَ لا يستطيع حزب الاتحاد القيام بالمثل؟ نريد الاعتراف بالإدارة الذاتية لذا نحتاج إلى توسيع علاقاتنا".

الكرد هم أكبر شعب في العالم بدون دولة، ويتواجدون في إيران، والعراق، وتركيا وسوريا، ولكنهم وفي وسط الحرب السورية المتعددة الأطراف، استطاعوا أن يؤسسوا لمنطقة حكم ذاتي في شمال شرق البلاد يسمونها (Rojava) مماثلة لمنطقة الحكم الذاتي التي يتمتع بها الكرد في شمال العراق.

معارضة سنية

غالبية السوريين السنة تعارض هذه الفكرة. وإن كانت منطقة حكم ذاتي للكرد في سوريا قد بدت غير مرجحة في الماضي، فإنها الآن تبدو حتمية لأن قوات كرد سوريا أثبتت أنها شريك فعال على الأرض للتحالف الدولي ضد داعش.

ولأن الكرد استطاعوا طرد داعش من مناطقهم بغطاء جوي من أميركا خلال هذا العام، فقد استطاعوا أيضاً أن يرسخوا سيطرتهم على مناطق نفوذهم، بل وامتد نفوذهم إلى مناطق أخرى خارج المنطقة الكردية.

تصحيح مسار التاريخ

يعتقد العديد من الأكراد أن التاريخ يبرر مثل هذه الخطط: فلطالما تخلى عنهم حلفاؤهم الدوليون في اللحظة الأخيرة، تخلت أميركا عن دعمها للأكراد مرتين أثناء ثورتهم على صدام حسين في العراق، وهو ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف منهم.

يقول الزميل غير الدائم في مجلس الأطلسي، آرون شتاين: "إنهم يشعرون أن هذه هي لحظتهم، وبالتالي لن يخضعوا للأوامر، وسوف يقومون بصناعة التاريخ، وليس فقط تقبله".

وسيضع هذا حزب الاتحاد الديمقراطي في حالة تصادم مع تركيا التي استهدفت مواقع كردية الأسبوع الماضي، إن قامت تركيا بتصعيد هجومها، وسيجد أعضاء التحالف الدولي أنفسهم في حالة من تضارب المصالح.

يأتي هذا في وقت حرج بالنسبة لواشنطن التي تحاول إطلاق محاولة أخرى بعد فشل برنامجها لتدريب المعارضة، وفي نفس الوقت الذي بدأت فيه روسيا بشن ضربات جوية على مواقع داعش والمعارضة التي تساندها أميركا.

مخاوف أميركية وحساسية تركية

يربط بعض المسؤولين الأميركان المحادثاتِ بين الكرد وروسيا بالصراع الروسي- الأميركي للهيمنة على سوريا، ويعتقد بعض هؤلاء المسؤولين أن وصول روسيا إلى أكراد سوريا، وتشجيعها الضمني لمطالبهم بالمزيد من الحكم الذاتي، ما هو إلا جزء من محاولة لخلق خلاف بين الولايات المتحدة وتركيا باللعب على مخاوف أنقرة تجاه نشوء دولة كردية.

يقول آخرون أنه حتى إن كانت اللقاءات الروسية مكرسة لمناقشة الحل السياسي للحرب السورية، فإن احتمال أن تقود هذه المحادثات إلى تعقيد العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها هو احتمالٌ ترحب به موسكو.

أما بالنسبة إلى تركيا، فالحساسية عالية، ففي معرض تعليقه على إعلان الكرد لمنطقة إدارة ذاتية جديدة في بلدة تل أبيض، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال خطاب ألقاه الأربعاء الماضي "إن حاولتم القيام بخطوة مماثلة في منطقة أخرى، لا تحتاج تركيا إلى إذنٍ من أحد، وسنقوم بما هو ضروري".

يُعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي والميليشيا الموالية له منظمات شقيقة لحزب العمال الكردستاني (PKK)، وهو تنظيم يعتبره الغرب تنظيماً إرهابياً وتحاربه تركيا منذ عقود.

ويقول آرون شتاين أن "الخوف الآن من أن المحادثات مع موسكو قد شجعت الكرد على التقدم غرباً تجاه مدينة جرابلس الحدودية التي تقطنها غالبية كردية وتخضع الآن لسيطرة داعش، وتعتبر تركيا البلدةَ خطاً أحمر، فإذا وقعت في أيدي الكرد، فستربط كل مناطق توزعهم في سوريا".

القادة الكرد، يقولون إنه لا نية لديهم للتقدم باتجاه البلدة، رغم أن العديد من القادة السياسيين يقولون أن البلدة استراتيجية لقطع خطوط إمداد داعش.

ترحيب روسي

وذكر المسؤول في حزب الاتحاد الديمقراطي، إدريس نعسان، الذي طالب بالتقدم نحو جرابلس، أن روسيا بدت مرحبة بدعم خطة إنشاء منطقة حكم ذاتي داخل سوريا.

وأضاف: "لقد أصبحنا لاعباً فعالاً وهم يريدون تعزيز علاقاتهم الديبلوماسية معنا لأجل مصالحهم المستقبلية في البلد"، لكنه شدد على أن الحزب لن يجازف بفقدان تحالفه المزدهر مع الولايات المتحدة.

معظم أكراد سوريا، يعتقدون أن الحزب سيضغط قدر الإمكان ليس فقط للحصول على المزيد من الدعم العسكري، بل أيضاً للحصول على اعتراف سياسي.

ويقول الصحفي زانا عمر من مدينة القامشلي الكردية: "ما زال لدى الكرد الكثير من المخاوف، فالتعاطف الدولي لم يمض أبعد من حربهم العسكرية ضد داعش، لكنهم يريدون الاعتراف السياسي مقابل تضحياتهم، وهم لم يحصلوا على هذا بعد".

تحميل المزيد