تقول أيرينا سيميونوفا إن صديقتها ناتاشا اتصلت بها آخر مرة من منتجع شرم الشيخ في مصر لتخبرها بأنها اشترت لها هدية هي قارورة عطر من السوق الحرة في المطار.
وتضيف أيرينا: "كانت ناتاشا تقضي عطلة مع صديقتها"، عارضة صورة على هاتفها النقال لفتاة شقراء ترتدي ملابس السباحة.
إيرينا كانت تقف بين حشد من الناس تجمّعوا في مطار بولكوفو في مدينة سانت بطرسبرغ، ثاني أكبر المدن الروسية، بعد أن صدمهم خبر تحطم الطائرة التي كانوا ينتظرونها بعيد إقلاعها من شبه جزيرة سيناء المصرية.
شرم الشيخ المكان الدافئ
مثل الكثير من الروس، كانت صديقة إيرينا قد توجّهت إلى شرم الشيخ على البحر الأحمر، لقضاء عطلة في هذا المنتجع الذي يشهد إقبالاً خلال أشهر الشتاء الطويلة التي تدفع العديدين إلى الفرار من البرد والظلام بحثاً عن أماكن أكثر دفئاً.
ذهول في المطار
كان العديد ممن جاؤوا لاصطحاب أصدقائهم وأقاربهم من المطار في حالة ذهول مع توارد الأخبار حول مصير الركاب الـ224 الذين كانوا يستقلون طائرة إيرباص 321 التابعة لشركة كوغاليمافيا الروسية للطيران.
مسؤولو المطار حاولوا المحافظة على الهدوء وطلبوا عبر مكبّر الصوت من جميع مَنْ ينتظرون الركاب الذين كانوا في الطائرة المنكوبة "الحضور إلى مكتب المعلومات".
وجرى نقل أقارب وأصدقاء الركاب إلى فندق، حيث كان عدد من المعالجين النفسيين والأطباء بانتظارهم في مركز للأزمات أقيم لهذا الغرض، وطلبوا من أقارب الركاب تزويدهم بعينات الحمض النووي للتعرف إلى رفات الركاب.
يقول نيل (60 عاماً) والدموع في عينيه: "زوجتي كانت في تلك الطائرة، كانت تقضي عطلة مع أولادنا ولكن الحمد لله جاء أولادي قبل يومين".
وأضاف "لقد رأيت حلماً مزعجاً اليوم، وكانت هي فيه، والساعة السادسة صباحاً بعثت لي برسالة هاتفية أنها متوجهة إلى المطار، وكان ذلك آخر شيء منها".
سأظل آمل
سادت حالة من الارتباك والخوف على المسافرين الذين كانوا يستعدون للسفر إلى مصر لقضاء عطلتهم بعد أن أدركوا أن الطائرة التي تشغلها شركة كوغاليمافيا وتستأجرها شركة السفر بريسكو التي مقرّها في موسكو، والتي كان من المقرر أن تنقلهم إلى مصر، لم تصل.
وقالت مسافرة تدعى أنزهيليكا لقناة "روسيا 24": "لم يأت أحد ليتحدث إلينا بعد، ولا نعرف أي طائرة سنستقل". وأضافت "إذا كانت طائرة تابعة لكوغاليمافيا، لا نريد أن نسافر".
لم يكن أيٌّ من ممثلي الشركة موجوداً في المطار، ولم يرد أي شخص من الشركة على الهاتف.
وسجل روسيا في السلامة الجوية ضعيف، حيث تضطر الطائرات المستأجرة غالباً تحت وطأة ضغوط إلى أن تحجز جميع المقاعد على طائرات قديمة في محاولة لخفض النفقات.
وشركة كوغاليمافيا هي شركة طيران محلية صغيرة تشغل خدمات رحلات مستأجرة دولية.
وتعرف خطوط الطيران المحلية الروسية بسمعتها السيئة، ومن المرجح أن يثير تحطم الطائرة مخاوف حول سلامة الملاحة الجوية في بلد أعرب فيه الخبراء عن قلقهم بشأن أسطول طائرات الركاب الروسية المتقادمة.
الطائرات القديمة
وقبل عامين دعا أعضاء البرلمان الروسي إلى حظر تحليق الطائرات التي صنعت قبل 20 عاماً بعد تحطم طائرة بوينغ 737 تشغلها شركة طيران محلية عمرها 23 عاماً، ما أدى الى مقتل 50 شخصاً كانوا يستقلونها.
وأعلنت روسيا فتح تحقيق حول احتمال وجود مخالفات سلامة في تحطم الطائرة السبت، كما من المتوقع أن يتوجه وفد عالي المستوى من موظفي الإنقاذ والمحققين، من بينهم وزيران، إلى موقع تحطم الطائرة.
الكرملين أعلن يوم الأول نوفمبر/تشرين الثاني يوم حداد وطنياً.
وقالت إيلا مسيرنوفا، الشابة الطويلة، (25 عاماً) وهي تنتظر عند مكتب المعلومات: "أنا أنتظر وصول والديّ".
وأضافت وقد بدت عليها الصدمة: "لقد تحدثت معهما آخر مرة على الهاتف بينما كانا في الطائرة، وبعد ذلك سمعت الأخبار".
وتابعت لوكالة فرانس برس: "سأظل آمل حتى النهاية بأنهم لا يزالون أحياء، ولكن ربما لن أراهم مرة ثانية مطلقاً".
بعيد ذلك أصدرت السفارة الروسية بياناً قالت فيه إن جميع من كانوا على الطائرة قضوا.