هل تنجح مفاوضات الفرقاء بفيينا في إنهاء الأزمة السورية؟

عربي بوست
تم النشر: 2015/10/29 الساعة 00:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/10/29 الساعة 00:51 بتوقيت غرينتش

على وقع الأزمة السورية التي تعد الشاغل الأول للأطراف الدولية والعربية، تشهد مدينة فيينا العاصمة النمساوية، اليوم الخميس 29 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وغدا الجمعة، اجتماعات مصيرية قد تحدد شكل المستقبل السوري إذا نجح أطرافها في التوافق على حل يقبله الجميع، فيما يخيم الخلاف حول مصير الرئيس السوري على إنهاء الأزمة.

وزراء الخارجية الأميركي والروسي والتركي والسعودي يبدأون في فيينا، مساء الخميس، جولة ثانية من المحادثات الرامية لإيجاد حل للنزاع السوري والتي ستتوسع الجمعة، لتضم دولاً أخرى بينها للمرة الأولى إيران، الحليف الإقليمي الأول للنظام السوري.

مشاركة طهران

المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، قالت الأربعاء: "لقد تسلمنا الدعوة وتقرر أن يشارك وزير الخارجية في المحادثات".

وتشكّل مشاركة محمد جواد ظريف في محادثات دولية حول سوريا منعطفاً دبلوماسياً كبيراً يلبي رغبة موسكو.

مشاركة طهران في اجتماع دولي حول الأزمة السورية ستكون أول مرة، إذ إنها في 2012 لم تشارك في مؤتمر جنيف-1 حول سوريا، ودعوتها للمشاركة في محادثات جنيف-2 في 2014 عاد وسحبها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إثر اعتراض الولايات المتحدة والسعودية، كما ذكرت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية.

خلاف السعودية وإيران

وتختلف إيران والسعودية "القوتان المتنازعتان في المنطقة"، علناً في مواقفهما بشأن سوريا، فطهران تدعم النظام السوري مالياً وعسكرياً، فيما تدعم السعودية فصائل المعارضة وتشارك في الضربات الجوية في إطار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية.

من جهتها تطالب روسيا منذ بدء النزاع في سوريا في 2011 بضرورة إشراك إيران في أي محادثات حول سوريا، لكن الولايات المتحدة ظلت ترفض بحزم أي مشاركة إيرانية قبل أن تعلن، الثلاثاء، بصورة مفاجئة تليين موقفها.

الاجتماع الرباعي الذي سيعقد مساء الخميس بين وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأميركي جون كيري، والسعودي عادل الجبير، والتركي فريدون سينيرلي أوغلو، سيكون الثاني من نوعه بعد اجتماع أول عقده الوزراء الـ4 الجمعة الماضي، في العاصمة النمساوية.

اجتماع موسع الجمعة

والجمعة، ستتوسع حلقة هذا الاجتماع ليُضم إلى الوزراء الـ4 نظراؤهم الإيراني واللبناني جبران باسيل والمصري سامح شكري، والبريطاني فيليب هاموند، والفرنسي لوران فابيوس، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني.

وسيبحث وزراء الخارجية في "الاجتماع الموسع" سبل تسوية النزاع في سوريا الذي أسفر عن سقوط أكثر من 250 ألف قتيل منذ اندلاعه في مارس/آذار 2011.

وبالنسبة للسعودية، فإن هذه المحادثات تشكل فرصة لاختبار مدى "جدية" إيران وروسيا في التوصل إلى حل سياسي في سوريا.

أما واشنطن فلا تعلق آمالاً كبيرة على إمكانية إحراز تقدم كبير في الاجتماع، إذ قال مساعد وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن خلال زيارة إلى باريس: "لا أعتقد أنه يجب أن نتوقع تقدماً كبيراً في المحادثات في فيينا"، مؤكداً أن "هذه خطوة لنرى إذا كنا نستطيع التوصل إلى اتفاق حول شكل عملية الانتقال السياسي".

ردود فعل دولية

بدوره قال كيري إن "التحدي في سوريا اليوم هو تحديد طريق للخروج من الجحيم"، معتبراً أن محادثات فيينا قد تكون أفضل فرصة لتحقيق اختراق سياسي.

أما فرنسا، التي رحبت بالمشاركة الإيرانية، فأكدت أنها بحثت مع حلفائها الغربيين والعرب، مساء الثلاثاء، في "آليات انتقال سياسي يضمن رحيل بشار الأسد وفق جدول زمني محدد".

برلين من ناحيتها استبعدت حصول أي "اختراق" في هذه المحادثات، معتبرة أن "الاختلافات في المواقف كبيرة جداً".

مصير الأسد

ولا يزال مصير الرئيس السوري موضوعاً خلافياً يثير الانقسام بين واشنطن وموسكو الداعم الأساسي لدمشق.

وفي هذا الخصوص أعرب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، جون برينان، عن ثقته بأن الروس يريدون في نهاية المطاف رحيل الأسد، ولكن السؤال هو: "متى وكيف سيتمكنون من دفعه" للرحيل.

برينان أكد أنه "رغم ما يقولونه، أعتقد أن الروس لا يرون الأسد في مستقبل سوريا"، مضيفاً "أعتقد أن الروس يدركون أنه لا حل عسكرياً في سوريا، وأن هناك حاجة إلى نوع من عملية سياسية".

ولكن مساء الأربعاء قال متحدث باسم الكرملين إنه لا يمكن البحث بالتفصيل في أي تسوية للأزمة السورية إلا بعد أن "يتلقى الإرهابيون ضربات حاسمة، سيكون من غير المنطقي إطلاقاً فعل غير ذلك".

من جهة أخرى جددت فرنسا التأكيد على رغبتها في طرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يرمي إلى وقف عمليات القصف بالبراميل المتفجرة في سوريا التي أوقعت آلاف القتلى في صفوف المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

لكن موسكو سارعت إلى التأكيد مجدداً على معارضتها للمشروع الفرنسي، معتبرة أن من شأنه أن "يعرض للخطر المساعي (الدبلوماسية) المبذولة حالياً" لإيجاد حل للنزاع السوري.

الوضع في سوريا

ميدانياً، أعلن الجيش الروسي أنه قصف 118 هدفاً "إرهابياً" في سوريا خلال 24 ساعة الأخيرة، في تكثيف غير مسبوق لعمليات القصف منذ بدء التدخل العسكري الروسي في هذا البلد في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.

من جهتها أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" مقتل 35 عاملاً طبياً ومريضاً سورياً على الأقل في ضربات جوية استهدفت 12 مستشفى في 3 محافظات في سوريا منذ نهاية شهر سبتمبر/أيلول.

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ مارس/آذار 2011 بمقتل أكثر من 250 ألف شخص، ونزوح أكثر من نصف السكان داخل سوريا وتهجير أكثر من 4 ملايين خارجها، وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 12 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

تحميل المزيد