قد تمرُّ بالعديدِ من المحطاتِ في حياتك، السعيدة منها والحزينة، وفي كل محطةٍ شعور مختلف، وحكمةٌ جديدة، حياتنا محطاتٌ تعطينا دروساً وعبراً كثيرة، أول إنجاز لك، أول فوز لك، أول حب لك، كلها خطت في حياتك سطوراً تعلمت منها الكثير ولربما مازلت تعود إليها بين الحين والآخر… أضف إلى ذلك أول فشل لك، فهنا قد تتجاهل ذلك وتدعي عدم وجوده، أو قد تقف وقفة صادقة مع نفسك، لتغير الكثير وتعطي هذه المحطة صفحة تخطّ سطورها فيها لكي تتعلم منها شيئاً ما، لم تكن لتعرفه لولا مرورك بها!
كغيري ممن هن في سني، أدركُ تماماً أن الفشلَ جعلني أختنقُ من الداخلِ، متنكرةٍ بتلكَ الابتسامةِ الساخرة التي توحي بعدمِ الاهتمام والاكتراثِ لما يجري حولي، وأعي أنني أحاولُ جاهدةً الخروج بقوةٍ أكبر أمامَ هذا العالمِ القاسي المليء بالمحبطات والمثبطات التي تدفعنا للوراء، أخرجَ بقوةٍ أكبر تجعلني أقاومُ هذا الدفع وأستمر بالمضي قدماً، أتوقف هنا قليلاً، لربما الاختناق الداخلي هذا الذي ولّدته محاولاتي الفاشلة ليس ضعفاً، ربما هو نوع من أنواعِ المقاومة، مقاومة لما أتلقاهُ من حولي، والمقاومة قوةٌ بحد ذاتها.
ما إن أقطع شوطاً صعباً في حياتي، أشعر بأني اكتسبت شيئاً جديداً، حتى مع خسارتي لكل شيء "ظاهرياً" و"للوهلة الأولى"، لكني أعتقد أني ألحظ بعد مرور الزمن أني اكتسبت شيئاً لم أكن لأعرفه لولا وقوعي في المرة الأولى، لن يتعلم الطفل المشي إن قرر عند وقوعه أرضاً عدم محاولة المشي مرة أخرى! وكذلك نحن، نخطئ، نفشل، نحبط وتتشابك الأمور وتتقعد من حولنا، لكن إن استسلمنا فقدنا كل شيء قد نستطيع فعله مستقبلاً، لن تعرف طعم النجاح ما لم تشعر بالفشل!
لا مجالَ أمامي لأن أتراجعَ الآن بعدَ أن اخترتُ طريقي مسبقاً، وبما أني اخترت الأملَ فلن أدع اليأسَ يسلكُ طريقهُ نحوي بأي شكلٍ من الأشكال.. نعم قد أغضب، قد أتألم قد أبكي.. لكني لن أيأس وإن وقعتُ سأقومُ من جديد.. إن تركتهُ يصلُ إليّ، فسأخونُ نفسي، وأخونُ كل أفكاري وأحلامي، وأخونُ من حولي بآخر المطاف..
لكن في تلك اللحظة ماذا أفعل؟ في تلك اللحظة التي أغضب، أحزن، أتألم، ماذا أفعل؟ أعيدُ التفكيرَ بنفسي؟ بما أنا عليه الآنَ وما سأكون -بإذن الله- عليه يوماً ما؟ أمسك كتاباً أسافرُ بهِ لعالمٍ آخرٍ غير هذا؟ أم أفعلُ شيئاً تثاقلتُ القيامِ بهِ من قبل..؟ أو ربما كل هذه.
كانت كذبةً تلكَ التي أشعلت فيّ روح الصدقِ مع نفسي، وكان ألماً ذلك الذي أعادَ إليّ الإحساس بالسعادة، وكانت الظلمةُ التي أعيشها سبباً لأن أنطلق إلى النور.. فلا تجعل الألم والحزن والخوف يفسدُ عليكَ حياتكَ ويفقدكَ الأمل، بل تيقن أنك في بدايةِ الطريق، ولتخطي العتبةِ ما عليك إلا أن تجتازها مع قليلٍ من الألم..
إلى اللقاء أيتها الأحزان، مكاني ليس بين جدرانك الهشة، مكاني هناك في قمة الحياة، لن تستطيعَ جدرانكِ الهشة أن تحبسني، سأحلق كالطيرِ بلا قيود، نحو ما أريد وما أردت، عذراً لن أمنحكِ حتى لحيظاتٍ من وقتي، فوقتي ثمين لم يخلق لأن يضيعَ سدىً ..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.