شكل قرار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز إرسال وحدة عسكرية إلى اليمن للقتال إلى جانب قوات التحالف العربي في حربها ضد الحوثيين عنواناً لجدل واسع بين المعارضين للنظام والموالين له، كما تعدى صدى القرار السياسيين ليشمل رواد الشبكات الاجتماعية من الشباب، الذين عبروا عن رفضهم للقرار بوصفه "إدخال الجنود الموريتانيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل"، حسب تعبيرهم.
ودافع نشطاء آخرون عن القرار، معتبرين أن مشاركة جيش بلادهم في الحرب داخل اليمن "قرار صائب، ويدل على أن موريتانيا دخلت في سياسة الانفتاح العسكري، وأعطت أولوية للتركيز على الحضور العسكري في المسرح الإقليمي".
"قرار مرتبك"
قال الشاب والناشط الموريتاني الشيخ ولد عابدين إن قرار الرئاسة الموريتانية إرسال نحو 700 جندي إلى اليمن للقتال إلى جانب قوات التحالف العربية هو قرار مرتبك يستحق ما لقي من معارضة الشارع الموريتاني، وممثلي الأحزاب السياسية، بـ"اعتباره تدخلاً خارج الحدود.
وأضاف ولد عابدين في حديث لـ"عربي بوست" أن القرار تم اتخاذه على عجل، فقد تمت "الموافقة على إرسال الجنود لليمن، بالتزامن مع زيارة مساعد وزير الدفاع السعودي محمد عبدالله بن محمد العايش لموريتانيا بعد نحو يومين من زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز للرياض".
إلى ذلك، اعتبر الكاتب أج ولد الدي أن قرار إرسال جنود موريتانيين إلى اليمن أمر مزعج لمن يجمعون بين موالاة الجنرال ولد عبدالعزيز وحب إيران.
وأضاف ولد الدي في تدوينة نشرها على حسابه في فيسبوك:
قرار إرسال جنودنا لقتال الحوثيين ومرتزقة إيران إلى جانب التحالف الذي تقوده الحكومة السعودية المذعورة ،قرار مربك، ومزعج…
Posté par Dje Ould Dey sur samedi 17 octobre 2015
"صفقة مالية لبيع الجنود"
واعتبر سليمان ولد محمد فال، القيادي في خلية الإعلام بحزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض بموريتانيا، أن قرار إرسال الجنود إلى اليمن "لا يعدو كونه صفقة، وامتداداً لمسلسل طويل من الصفقات المشبوهة التي تعود النظام الحالي القيام بها".
واعتبر فال أن الزج بالقوات المسلحة في أي حرب خارج حدود البلد "أمر مرفوض".
وبدوره قال الشاب "الشيخ محمد" (24 عاماً)، معبرا عن عدم رضاه عن القرار داخل إحدى سيارات الأجرة بالعاصمة نواكشوط، إن الشعب الموريتاني لن يقبل أن يكون أبناؤه كبش فداء لصفقات النظام".
ترحيب وفخر
ومن جانب آخر، لم تغب أصوات الداعمين لقرار الرئيس الموريتاني إرسال مئات الجنود إلى اليمن للمشاركة في المعارك الدائرة هناك، إذ دعم نشطاء سياسيون كثيرون القرار، معتبرين إياه صائباً.
وقال الناشط السياسي أحمد ولد علال:
#فخرواعتزازأن ينشر أبناءنا وجنودنا الأمن الإستقرار في إفريقيا ؛ – أو يساهموا على الأقل في ذالك إن صح التعبير – ؛ وسيتضا…
Posté par Ahmed Allal sur jeudi 15 octobre 2015
وفي ذات السياق، قال الصحفي الخبير في الشؤون الإفريقية محمد جوب إن موريتانيا دخلت في طور الانفتاح العسكري مع وصول الرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز إلى السلطة، "حيث أعطى أولوية للتركيز على الحضور العسكري لموريتانيا وظهورها عسكرياً على المسرح الإقليمي".
وأضاف محمد جوب لـ"عربي بوست" أن "الجيش الموريتاني توغل في الأراضي المالية لمطاردة الإرهابيين، كما أرسلت موريتانيا أيضاً وحدات عسكرية وأمنية لساحل العاج ووسط إفريقيا، "وبالتالي فليس غريباً بالنسبة لي أن ترسل موريتانيا قوات إلى اليمن".
ضمانات وامتيازات
من جانبه، أكد الكاتب الصحفي سيدي أحمد ولد باب أنه من المتوقع أن تتضاعف رواتب الجنود الذين سيتم إرسالهم للقتال في اليمن نحو 5 أضعاف عما يتقاضون الآن بموريتانيا، معتبراً أن المعلومات الأولية تشير إلى دفع 1500 دولار لكل جندي سيقاتل في اليمن على أساس المخاطر التي يتعرض لها، وهو أمر مغرٍ للجنود، حيث أظهرت تجربة رفاقهم في ساحل العاج ودارفور تحولاً كبيراً في الواقع الاجتماعي الذي كانوا يعيشون فيه.
وقال ولد باب في تصريح إن المعلومات المتوافرة لديه تفيد بأن "مغادرة الجنود الموريتانيين ستكون نهاية السنة الحالية بعد اكتمال برنامج التكوين والتدريب والتجميع بصحراء موريتانيا، قبل أن يتم نقلهم جواً عبر جسر ستتولى السعودية إقامته".
وأضاف أن اختيار أفراد الوحدة العسكرية التي ستتجه إلى السعودية أولاً ومنها إلى الأراضي اليمنية يتم على أساس الكفاءة، والرغبة في المغادرة، والتجربة أيضاً في القتال بحكم خطورة المنطقة التي سيتوجهون إليها، كما يتم إقصاء الشيوخ وصغار السن منهم، ويختار في الغالب من فئة الشباب 20-35 سنة، بعضهم لديه شهادات، وبعضهم لم يتجاوز المرحلة الابتدائية، "بينما سيكون الضباط المشاركون من خيرة أبناء المؤسسة العسكرية الذين تلقوا تدريبات في الغرب"، على حد تعبيره.