باتت قضية الزوجة الطفلة تجسد مشكلة، تواجهها هولندا مع تزايد طالبات اللجوء لفتيات صغيرات تم تزويجهن في سوريا غير أنهن دون سن الرشد حسب القانون الهولندي.
وفيما يتصاعد الجدل حول هذه المشكلة في هولندا اختفت فتاة (14 عاما) متزوجة كانت تقيم في مركز لإيواء اللاجئين، وذكرت الشرطة أن الطفلة فاطمة القاسم كانت حاملاً في الشهر التاسع عند اختفائها وأنها قد تحتاج للرعاية الصحية، بحسب ما ذكره موقع بي بي سي.
وتعمل الحكومة في لاهاي على سد الثغرة في قانون اللجوء والذي كان وما زال يسمح بإعادة لم شمل الزوجات القاصرات مع أزواجهن في هولندا.
جدل في هولندا
وقد أثار ذلك جدلاً واسعاً في هولندا حول طريقة استجابة الحكومة لمأساة اللاجئين حيث اتهم البعض ممارسات الدولة بالتغاضي عن الاستغلال الجنسي للأطفال.
وذكرت قناة RTV-Noord الإخبارية المحلية نقلاً عن وثائق مسربة من إدارة شؤون الهجرة أن 20 فتاة بين 13 – 15 من العمر قد مُنِحنَ إذناً قانونياً بالتحاق بأزواجهن الكبار في السن بهن في مراكز إيواء اللاجئين بهولندا.
السياسي المعارض من حزب العمال، أتجي كويكن، علق قائلاً "فتاة في الـ12 مع رجل في الـ40، هذا ليس زواجاً بل اعتداء واستغلال.".
وأضاف أن الواجب هو حماية الفتيات اللواتي تم تزويجهن رغم صغر سنهن، وأن على الدولة توفير الرعاية والحضانة لهن لأنهن قد يتعرضن لمزيد من الاستغلال قبل استصدار القانون ودخوله حيز التنفيذ.
هذا وقد حددت هولندا سن الرضا بالعلاقات الجنسية بـ16 عاماً، إلا أن الدولة حالياً تعترف بزيجات المراهقات صغيرات السن طالما كان زواجهن مسجلاً وقانونياً في بلدهن الأصلي حسب ما ذكره وزير الهجرة كلاس ديكهوف في حديث لبي بي سي.
واعتبر ديكهوف أيضاً أن المشكلة الحالية التي تواجهها هولندا هي في حالات الفتيات المتزوجات اللواتي أعمارهن بين 15 و18، إذ أن الدولة عما قريب لن تعترف بهذه الزيجات.
إن تم تعديل القانون فسيعني ذلك أن طلبات لم شمل العائلات لن تعترف بأي زواج مالم يبلغ كِلا الزوجين 18 عاماً من العمر على الأقل. هذا ويتوقع استصدار هذا القانون وبدء العمل به في ديسمبر/كانون الأول.
تداعيات سياسية
في الوقت الحالي، هناك مخاوف على سلامة ومصلحة القاصرات السوريات المتزوجات والموجودات حالياً في هولندا مثل فاطمة ذات الـ14 ربيعاً والتي اختفت من المركز الرئيسي لإيواء اللاجئين في هولندا في "تير أبيل" قبل شهرين.
وتحدثت شرطية إلى بي بي سي معربة عن مخاوفَ من تهريب الفتاة خارج القارة الأوروبية، وقالت إن الفتاة قد وُضعت على لائحة الأطفال المفقودين.
هذا وقد تسبب فشل الدولة في استباق مد تدفق اللاجئين على هولندا بتداعيات سياسية. فقد دخل البلاد 36000 لاجئاً هذا العام تم إيواؤهم في سجون سابقة ومكاتب حكومية فارغة وصالات رياضية جميعها تم تعديلها وتجهيزها في عجالة من دون تخطيط مسبق وذلك لتلبية طوفان اللاجئين المتزايد.
وكان وزير المالية والاقتصاد جيروين ديسلبلويم قد أعلن هذا الشهر أن التقديرات الأولية للخزانة بتغطية نفقات القادمين الجدد عام 2015 قد أخفقت في حساباتها وتكهناتها إذ قدّرت المبلغ بـ 300 مليون يورو في حين أن التكاليف الحقيقية بلغت مليار يورو.
وفي ظل هذه الورطة المالية يعيش حزب الحرية (PVV) الهولندي المعادي للهجرة أعلى مستويات شعبية له على الإطلاق، والفضل لذلك يعود لتنامي المخاوف الهولندية من عدم مقدرة القارة الأوروبية على استيعاب وإدارة سيل الوافدين المتدفق عليهم.
النظرة السلبية للاجئ السوري
قضية زواج المراهقات الصغيرات هزت الشارع الهولندي وانعكست سلباً على نظرة المواطن تجاه السوريين.
يقول لاجئان سوريان أنهما يخشيان أن تلطخ هذه القضية سمعة السوريين أو تشوه ثقافتهم في أعين الغرب، سيما أن اللاجئين الجدد الآن في بيئة جديدة غريبة عليهم وأنهم في حالة صدمة حضارية مما سيزيدهم تشبثاً وتمسكاً بمعتقداتهم وممارساتهم وتقاليدهم أكثر.
يقول أحدهما، ويدعى مجد "المشكلة أن الهولنديين لا يدركون الفرق بين السوريين أنفسهم، لكن المسؤولية تقع على عاتقنا في التأقلم مع القوانين الجديدة".