أدى تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوي بالنزاع في سوريا إلى تصاعد شعبيته بشكل كبير في العراق المجاور، حيث ينتظر البعض "حجي بوتين" ليخلصهم من النزاع المستمر في بلادهم.
ينهمك الرسام محمد كريم في وضع اللمسات الأخيرة على لوحة يرسمها لبوتين مأخوذة عن صورة له على الإنترنت.
كريم يقول إنه كان ينتظر تدخلاً روسياً في القتال ضد داعش، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر العام الماضي على مناطق شاسعة من العراق وسوريا معلناً "الخلافة" الإسلامية.
تفاؤل بالروس
ويوضح الفنان وهو يعدل نظارته "الروس يحققون نتائج، أما الولايات المتحدة وحلفاؤها فإنهم يقصفون منذ عام دون أن يحققوا شيئاً".
التحالف بقيادة الولايات المتحدة بعض النجاح في مساعدة القوات العراقية مكّن بغداد من استعادة مناطق كانت في يد تنظيم الدولة منذ عام 2014، إلا أن الحملة رافقها انتكاسات عديدة.
صواريخ عابرة للقارات
الطائرات الروسية بدأت قصف أهداف في سوريا منذ 30 سبتمبر/ أيلول 2015، والأربعاء الماضي كثفت موسكو حملتها الجوية وأطلقت صواريخ عابرة للقارات من بحر قزوين.
بعض تلك الصواريخ عبرت المجال الجوي العراقي. ويرحب العديد من العراقيين، خصوصاً الغالبية الشيعية بتدخل روسي عسكري في أراضيهم، ويعتبرونه أمراً طال انتظاره سيغيّر قواعد اللعبة.
رغم ما تردد من أن جزءاً صغيراً فقط من الضربات الروسية الجوية في سوريا استهدف تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن محمد، الشاب العاطل عن العمل الذي كان يقف أمام ورشة الرسام، لا يترك مجالاً لأرقام تثبط من عزيمته. ويقول: "لا نريد التحالف الدولي، نريد الروس فقط وسنقدم الذبائح ترحيباً بهم".
موسكو حليف طبيعي
بعض العراقيين يرون أن موسكو، التي تدعم دمشق وطهران بقوة منذ سنوات، هي حليف طبيعي لهم بخلاف الولايات المتحدة التي احتلت بلادهم 8 سنوات.
كما أن الصفات التي عُرف بها بوتين مثل تصميمه القوي وظهوره في صور وهو عاري الصدر مستعرضاً عضلاته، تلقى قبولاً كبيراً في العراق، حيث لاتزال تسيطر ثقافة القائد القوي الشكيمة حتى بعد 12 عاماً من الإطاحة بالرئيس صدام حسين.
بوتين أصله عراقي
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي منحه العديدون صفة مواطن شرف، حتى أن إحدى النكات الواسعة الانتشار تقول إن بوتين أصله عراقي. وتتردد قصة على تلك المواقع تقول إن بوتين من أصول عراقية واسمه الحقيقي "عبدالأمير أبو التين".
الرواية تقول إن والده كان بقالاً بسيطاً يبيع التين في مدينة الناصرية (جنوب العراق) اسمه "أبو التين".
وبعد الحرب العالمية الثانية انتقل "أبو التين" للعيش في الاتحاد السوفييتي وتزوج "فتاة روسية شقراء" وأنجب منها ولداً سمّوه عبدالأمير.
لكن كان يصعب على السكان الروس نطق الاسم بهذا الشكل فأصبحوا ينادونه "فلاديمير"، كما أطلقوا على والده اسم بوتين.
فلاديمير الشيعي
بعض مستخدمي فيسبوك أطلقوا على الرئيس الروسي لقب "بوتين الشيعي"، حتى أنهم استبدلوا صورهم الشخصية على حساباتهم بصور لبوتين.
يقول الطالب محمد البهادلي، وهو يسير في أحد شوارع مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة: "يجب أن نعطي بوتين الجنسيتين العراقية والسورية لأنه يحبنا أكثر من السياسيين في بلادنا".
أما سعد عبدالله الذي يمتلك بقالة صغيرة في النجف فقال إن "المسلمين يقصفوننا لأننا رافضة"، التعبير الذي يستخدمه تنظيم الدولة الإسلامية لوصف الشيعة.
وأضاف "بينما بوتين الأرثوذكسي يدافع عنا"، قائلاً وهو يبتسم: "ربما كان شيعياً دون أن نعلم ذلك".
حجي بوتين أفضل من حسين أوباما
بالنسبة لسائق سيارة الأجرة علي الرماحي فإن بوتين هو السبب الذي منعه من الانضمام إلى آلاف العراقيين الفارين من البلاد إلى أوروبا. ويقول: "أشكر بوتين لأنه أقنعني بالبقاء في العراق، حجي بوتين أفضل من حسين أوباما".
الولع ببوتين انتشر ليصل إلى بعض السياسيين العراقيين، ما يثير حيرة بشأن موقف بغداد من التدخل الروسي.
فقد ألمح رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي قائد ميليشيا شيعية قاتلت ضد القوات الأميركية، إلى أن بغداد قررت الطلب من روسيا شن غارات جوية على أراضيها.
أما رئيس الوزراء حيدر العبادي المدعوم من الغرب فلم يستبعد طلب مساعدة روسيا.
وزادت موسكو تواجدها مؤخراً في العراق بانضمامها إلى خلية تنسيق في بغداد لجمع المعلومات الاستخباراتية حول مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بالتعاون مع سوريا وإيران.