خاطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشنه غارات جوية على تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) في سوريا، فقد تدفع المتشددين في أنحاء العالم للسعي إلى الانتقام بمهاجمة أهداف داخل روسيا.
وعانت روسيا تحت وطأة هجمات إسلاميين من قبل كان بينها تفجيرات انتحارية في موسكو قبل 5 سنوات قتلت عشرات الأشخاص، إضافة إلى هجمات أخرى جعلت المزاج العام الروسي رافضاً للتدخل العسكري في سوريا.
شمال القوقاز
منطقة شمال القوقاز التي تسكنها غالبية مسلمة وفيها جمهوريات الشيشان وداغستان والأنجوش وتغلي فيها انتفاضات إسلامية منذ سنين، تعد المعين الأساسي للإسلاميين المتشددين في روسيا.
وفي الأنجوش يحث قادة محليون الشبان على تجاهل الدعوات للانتقام من غارات القصف الروسية على سوريا والتي تقول موسكو إنها تستهدف داعش وجماعات إسلامية أخرى مناوئة للرئيس السوري بشار الأسد.
طائرة روسية تهبط في مطار حميميم
انتقال الحرب الى روسيا
ألكسندر كومانيانييف رئيس الإدارة في جهاز الأمن الاتحادي في جمهورية الأنجوش قال "في هذه الظروف يمكننا افتراض أن زعماء القاعدة ومنظمات إرهابية عالمية أخرى سيحاولون اتخاذ إجراءات انتقامية".
وأضاف خلال اجتماع لمسؤولين أمنيين محليين لدراسة أثر العملية في سوريا إن مثل هؤلاء القادة المحليين "سيطلقون جولة جديدة لحرب إرهابية على أراضي بلادنا، وهذا خطر حقيقي لا يسعنا التهوين منه".
في صدارة أهداف الإسلاميين
بسبب قمعها العنيف في بعض الأحيان لذوي المرجعية الإسلامية في شمال القوقاز صارت روسيا لسنوات بين الدول التي اعتبرها الجهاديون في أنحاء العالم هدفاً لهجماتهم رغم تركيزهم الأساسي على الولايات المتحدة وحلفائها منذ دخول القوات الأمريكية للعراق وأفغانستان.
وبدخولها إلى الصراع السوري قد تنضم روسيا الآن إلى مجموعة الصدارة في قائمة أهداف الإسلاميين وربما تتحول شبكات التمويل والتجنيد الجهادية إلى تنظيم هجمات على روسيا.
ستيفن إيه. كوك الزميل البارز بمجلس العلاقات الخارجية وهو أحد المراكز البحثية الأمريكية كتب تعليقاً قال فيه إن روسيا "لم تعد طرفاً غير مباشر في الصراع. فقد أصبح كثيرون يستهدفونها".
الطائرات الروسية تقصف موقعا بسوريا
نقطة ضعف روسيا
ومن نقاط الضعف المهمة لدى الروس منطقة شمال القوقاز حيث تملك شبكات المسلحين العاملة تحت الأرض أسلحة خفيفة وتتخذ بين السكان ملاذاً. ونصبت هذه الشبكات بالفعل كمائن لقوات الأمن أوقعت في بعضها خسائر.
والشهر الماضي وزع تنظيم "داعش" بياناً عبر مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إن أتباع التنظيم في داغستان هاجموا مجمعاً سكنياً عسكرياً وقتلوا العديد من الجنود.
وقال مسؤولون محليون إن الهجوم لم يقع بالكيفية التي صورها البيان لكن الرواية أظهرت أن عدداً من الأشخاص يعملون تحت راية "داعش" موجودون الآن داخل روسيا.
وقد تصعد هذه المجموعات أنشطتها الآن كجزء من الثأر للتدخل الروسي في سوريا.
ولو أنهم يبحثون عن عملية كبيرة يجبرون بها الشعب الروسي والكرملين على الانتباه فسيلجأون على الأرجح لمهاجمة هدف مدني داخل مدن روسيا كثيفة السكان أو بالقرب منها.
مقاتلة روسية في سماء سوريا
تجارب سابقة
ففي عام 2002 هاجم شيشانيون مسلحون مسرحاً في موسكو واحتجزوا جمهوره رهائن. وقتل حينها أكثر من 100 شخص غالبيتهم في العملية الأمنية التي نفذت لإنهاء الهجوم.
وفي أغسطس آب 2004 فجرت طائرتا ركاب روسيتان في هجومين منسقين قتل خلالهما 90 شخصاً.
وفي 29 من مارس آذار 2010 نفذ انتحاريون هجومين في شبكة قطارات الأنفاق بوسط موسكو قتل خلالهما 40 شخصاً.
وفي 24 من يناير كانون الثاني 2011 قتل أكثر من 30 شخصاً في تفجير انتحاري بمطار دوموديدوفو في موسكو.
وتعزز الأمن منذ ذلك الوقت ولم تقع أي هجمات كبيرة ناجحة على أهداف مدنية.
وقال سايمون سارادجيان الزميل بمركز بيلفر التابع لجامعة هارفارد إن بين الإسلاميين في روسيا خلافاً محوره جواز مهاجمة المدنيين وعلى أي حال فلقد تراجعت قدرتهم على شن هجمات خلال السنوات القليلة الماضية.
وأضاف "أحد المؤشرات على مدى تقييد قدرات هذه الجماعات هو أن تهديداتها بشن هجمات أثناء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي (2014) لم تخرج إلى حيز الواقع".
وقال أيضاً إن الجماعات الإسلامية بشمال القوقاز "ربما تملك القدرة على شن هجوم أو هجومين محددين في مدن في عمق الأراضي الروسية" لكن تنفيذ سلسلة من الهجمات ربما يتجاوز قدراتها.
سوريا أرض التدريب
أخذت قوات موالية للكرملين تبعث بإشارات على أنها ستخمد أي هجمات انتقامية مخطط لها قبل وقوعها.
وقالت فالنتينا ماتفيينكو وهي من حلفاء بوتين ورئيسة الغرفة العليا للبرلمان إن قوات الأمن الروسية ستكون جاهزة لإحباط أي من هذه الهجمات.
ويوم الخميس قال الرئيس الشيشاني رمضان قادروف إن قوات الأمن لديه قتلت ثلاثة مسلحين قال إنهم تدربوا في معسكرات للدولة الإسلامية في سوريا.
وأضاف قادروف "هذا هو ما سيحدث لأي شخص لمجرد التفكير في محاولة القيام بأي عمل ضد جمهوريتنا أو ضد روسيا قاطبة".
ويقول مسؤولون روس إن سوريا تمثل أرض تدريب للمسلحين الإسلاميين وبينهم آلاف يحملون جوازات سفر روسية ويقول المسؤولون إن هؤلاء سيعودون للوطن وينشرون أفكارهم العنيفة في شمال القوقاز.
وقال شخص في الشيشان يعمل مع أئمة مسلمين أجازتهم السلطات إن أمراً صدر من الحكومة المحلية للحديث في المساجد عن الذنب الذي يمثله الانضمام لداعش.
وقال هذا الشخص (رفض ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع) "نعرف أن لديهم طرقاً قوية بينها التأثير على 'وعي' الشباب".
لكن كثيرين من شباب الشيشان لا يزالون يستجيبون.
وقالت واحدة من ساكني الشيشان عرفت نفسها بالاسم الأول فقط وهو لاريسا "أبناؤنا وفي الآونة الأخيرة بناتنا أيضاً بدأوا الانضمام للحرب في سوريا ويسمونها جهاداً".
وأضافت "للأسف الشبان يذهبون إلى هناك دون إبلاغ آبائهم ولا أحد يستطيع إعادتهم، البعض تتم إعادتهم وهم في طريق الذهاب والبعض يعثر عليهم في تركيا والبعض يعود رفاتاً".