بعد ساعات على الإعلان عن اختراق المقاتلات الروسية للأجواء التركية، خلال شنها غارات على سوريا، بررت موسكو هذه العملية، معللة ذلك بسبب سوء الأحوال الجوية، فيما شككت واشنطن من صدق التبريرات الروسية، في الوقت نفسه حذرت أنقرة موسكو من تكرار هذه الواقعة، كما ندد حلف شمال الأطلسي هذا التوغل "البالغ الخطورة"، ودعا روسيا إلى "الوقف الفوري لهجماتها ضد المعارضة السورية والمدنيين".
وأعلن حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي تركيا إليه، عقب اجتماع طارئ بشأن الأزمة السورية، الاثنين 5 أكتوبر/تشرين الأول 2015، أن "الحلفاء يحتجون بقوة على هذه الانتهاكات للأجواء السيادية التركية، ويدينون هذه التوغلات والانتهاكات لأجواء الحلف الأطلسي. ويلحظ الحلفاء كذلك الخطر البالغ لمثل هذه التصرفات غير المسؤولة"، ودعا الحلف روسيا إلى "الوقف الفوري لهجماتها ضد المعارضة السورية والمدنيين".
من جهته أعرب مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية عن قلقه إزاء هذه الانتهاكات. وقال: "لا أعتقد أن هذا كان حادثاً، هذا يؤكد الشكوك في نواياهم ويثير تساؤلات حول سلوكهم وتصرفهم بشكل مهني في الأجواء".
سوء الأحوال الجوية
ومن جانبه أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشنكوف أن المقاتلة الروسية دخلت السبت "لبضع ثوان" المجال الجوي التركي بسبب "أحوال جوية سيئة".
وقال كوناشنكوف في بيان إن "طائرة عسكرية روسية سو-30 دخلت لبضع ثوان المجال الجوي التركي أثناء مناورة فيما كانت عائدة إلى مطارها"، مضيفاً أن "هذا الحادث هو نتيجة أحوال جوية سيئة في هذه المنطقة. لا يتوجب النظر إليها بوصفها مؤامرة".
تحذيرات تركية
ومع مواصلة روسيا شن ضربات جوية في سوريا، أعلنت أنقرة أن مقاتلات إف 16 تركية اعترضت، السبت الماضي، طائرة حربية روسية انتهكت المجال الجوي التركي عند الحدود السورية وأرغمتها على العودة، وفق وزارة الدفاع التركية.
كما أكد الجيش التركي في بيان آخر، الاثنين، تعرض مطاردتين تركيتين "لمضايقة" من طائرات ميغ-29 مجهولة الأحد على الحدود السورية.
وحذر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الاثنين، في تصريحات لقناة "خبر-تورك" الإخبارية من أن "قواعد الاشتباك لدينا واضحة أياً كانت الجهة التي تنتهك مجالنا الجوي"، مضيفاً "لدى القوات المسلحة التركية أوامر واضحة. حتى لو كان طيراً فسيتم اعتراضه".
ويختلف الموقفان الروسي والتركي بشأن الأزمة في سوريا، إذ تعد موسكو الحليف الرئيسي للرئيس بشار الأسد، بينما تدعو أنقرة إلى رحيله كحل وحيد للنزاع.
تركيز الضربات الجوية
ومن جهتها جددت فرنسا، الاثنين، على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس دعوة روسيا إلى تركيز ضرباتها الجوية على تنظيم الدولة الإسلامية و"الجماعات التي تعتبر إرهابية" ومن بينها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا).
وأعربت ألمانيا، الاثنين، عن شكوكها حيال إعلان روسيا أن ضرباتها الجوية تستهدف جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية بدلاً من مجموعات المعارضة الأخرى. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شافر: "نرى أنه من المهم التوفيق بين الأقوال والأفعال".
وفي مدريد، أعلن وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، الاثنين، أن الغارات التي تشنها روسيا تندرج في إطار "استراتيجية خاسرة"، داعياً إلى قصف تنظيم الدولة الإسلامية أولاً.
المنطقة الآمنة
وفي بروكسل أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنهما بحثا الاثنين في بروكسل "المنطقة الآمنة" التي تطالب أنقرة بإقامتها على طول حدودها مع سوريا.
وصرح توسك للصحفيين بعد استقباله أردوغان في بروكسل بأن "الاتحاد الأوروبي مستعد لمناقشة كل الموضوعات مع تركيا، وقد تحدثنا تالياً عن إمكان (إقامة) منطقة عازلة في سوريا".
من جهته قال أردوغان: "إذا أردنا حل مشكلة اللاجئين هناك ثلاثة أمور يجب القيام بها: الأول هو تدريب وتجهيز القوات المتمردة المعتدلة المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، وهو ما باشرت الولايات المتحدة القيام به".
وأضاف: "الثاني هو إقامة منطقة آمنة لابد من حمايتها من الإرهاب، والثالث يشمل إقامة منطقة حظر جوي".
وسرعان ما جاء الرد من موسكو برفض إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، الاثنين، لوكالة إنترفاكس "بالتأكيد، نرفض هذا الأمر. ينبغي احترام سيادة الدول".
وتشهد سوريا نزاعاً بدأ في منتصف آذار/مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية قبل أن يتحول إلى حرب دامية متعددة الأطراف، تسببت بمقتل أكثر من 240 ألف شخص وبتدمير هائل في البنى التحتية، بالإضافة إلى نزوح الملايين من السكان داخل البلاد وخارجها.