باستثناء مصر التي أشادت بالتدخل الروسي في سوريا، تتابع الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، من دون ضجيج الضربات الروسية بسبب الخلافات بينها حول بقاء الرئيس بشار الأسد وفي ظل غياب قيادة للعالم العربي منذ سنوات عدة.
ومنذ بدء الضربات الروسية في سوريا الأربعاء التزمت الجامعة العربية الصمت.
واكتفت السعودية وقطر بالمشاركة في التوقيع على بيان لـ7 من دول التحالف الدولي ضد التنظيمات الجهادية يدعو روسيا إلى التوقف "فوراً" عن استهداف المعارضة السورية غير الجهادية والسكان المدنيين وإلى "تركيز جهودها" على تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش).
تأييد مصري
أما مصر، البلد الأكبر في العالم العربي والذي يمتلك أقوى جيوشه، فأيدت التدخل الروسي معتبرة أنه "سيكون له أثر في محاربة الإرهاب في سوريا والقضاء عليه"، بحسب وزير خارجيتها سامح شكري.
وبالنسبة للقاهرة، التي تواجه الجهاديين في شمال سيناء وتراقب بقلق صعود تنظيم الدولة الإسلامية في جارتها ليبيا، تعتبر أن التدخل الروسي في سوريا يخدم مكافحة الإرهاب في المنطقة بأسرها.
وقال شكري في مقابلة مع تلفزيون العربية: "المعلومات المتوافرة لدينا من خلال اتصالاتنا المباشرة بالجانب الروسي تؤشر إلى اهتمام روسيا بمقاومة الإرهاب ومحاصرة انتشاره في سوريا والهدف من التواجد هو توجيه ضربة قاصمة، ضربة متوافقة مع الائتلاف المقاوم "لداعش" في سوريا والعراق".
ويرجع تأييد مصر إلى التقارب الذي قام به رئيسها عبد الفتاح السيسي مع موسكو عقب التوتر في العلاقات مع واشنطن التي انتقدت عزل الرئيس محمد مرسي في 2013 وما تلاها من قمع دام لأنصاره وتعليق المساعدات العسكرية للقاهرة لأشهر عدة.
موقف كان متوقعاً
الخبير في مركز بروكينغز لسياسات الشرق الأوسط اتش. اي. هيليار يعتقد أن الموقف العربي المترقب "كان متوقعاً".
ويضيف "روسيا تعرف أن آخر مكان في العالم يمكن أن تتوقع منه مقاومة لتحركها في سوريا هو العالم العربي لأن لا أحد في العالم العربي يريد أن يتدخل في سوريا على غرار روسيا".
وبالتالي، يتابع الخبير، "فإن روسيا كانت مطلقة اليدين لتفعل ما تشاء".
هذا الترقب العربي يبدو طبيعياً كذلك في ظل الخلافات بين دول المنطقة حول الأزمة السورية.
ويقول هيليار إن "القاهرة تتبنى تدريجياً وجهة نظر موسكو حول سوريا وهو موقف يتعارض تماماً مع موقف الرياض".
ويعتقد كريم البيطار، الخبير في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس إنه "بالنسبة للسعوديين يظل هدفهم الاستراتيجي رحيل الأسد وهو هدف يتعارض مع المصالح الروسية".
في المقابل فإن السيسي، بحسب البيطار، "أقرب إلى سياسة فلاديمير بوتين الذي يسعى إلى تعويم معسكر الوطنية السلطوية في مواجهة الحركات الإسلامية".
وإذا كانت السعودية تريد بقوة إسقاط الأسد، فإنها "لا تعرف ماذا تفعل أو كيف" لتحقيق هذا الهدف، بحسب يزيد صايغ من مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط الذي يعتقد أن الرياض قامت "بأقصى ما يمكن أن تفعله" في سوريا.
ويرى صايغ أن "السياسة الخارجية السعودية مرتبكة" الأمر الذي يتضح من تدخلها في اليمن الذي يصف نتائجه بأنها "غير مبهرة".
ويتابع "لا نفهم ما هو التفكير السياسي وراء هذا التدخل" من قبل تحالف عربي- سني تقوده السعوية منذ مارس / آذار الماضي للتصدي لتقدم المتمردين الحوثيين الشيعة المدعومين من إيران، الخصم الرئيسي للرياض في المنطقة.
وهذا التحليل تبناه كذلك هيليار الذي يشير إلى رغبة بعض الدول العربية في القيام بدور قيادي في المنطقة كما أظهر التدخل في اليمن الذي لا يبدو، "مبشراً على الإطلاق"، بحسب رأيه.