ارتفعت حصيلة وفيات الحجاج الإيرانيين جراء حادث التدافع في منى من 241 إلى 464 حالة، وفق آخر حصيلة أعلنتها منظمة الحج والزيارة الإيرانية الخميس 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بعد أسبوع على المأساة.
فيما سعت السعودية وإيران إلى تهدئة حرب التصريحات بينهما فقدمت الرياض التعازي لغريمتها بالمنطقة، وقالت وسائل إعلام سعودية وإيرانية إنه تم تقديم العزاء الأربعاء خلال اجتماع بين وزيري الصحة بالبلدين بمدينة جدة.
منظمة الحج والزيارة الإيرانية، قالت في بيان أن هذه الحصيلة الأخيرة قد صدرت بعد عمليات بحث دؤوبة "في كل المستشفيات ومراكز المعالجة في مكة وجدة والطائف ومنى وعرفات"، مشيرا إلى أنه من غير المتوقع أن ترتفع بشكل أكبر لأن معظم المفقودين باتوا يعتبرون في عداد الأموات.
إيران كانت قد أعلنت أن 239 من مواطنيها قتلوا خلال حادث التدافع في منى يوم الخميس الماضي وأن هناك 200 حاج غيرهم مفقودون.
وقال علي مرعشي رئيس المركز الطبي للهلال الأحمر في طهران إن إيران فقدت الأمل في أن يكون أي من المفقودين لايزال على قيد الحياة.
كان مسؤولون إيرانيون قد صرحوا بأن إجمالي عدد القتلى في حادث التدافع يوم الخميس يتجاوز الألف، وأكدت السعودية وفاة 769 شخصا.
وهذا هو أكبر عدد يسقط من القتلى الإيرانيين منذ لاقى أكثر من 600 شخص حتفهم في زلزال عام 2005.
انتهاء أزمة نقل الجثامين
فيما أنهت السعودية وإيران حالة التوتر حول نقل جثامين الحجاج في تدافع منى، حيث اتفق وزيرا الصحة السعودي والإيراني في جدة على إعادة الجثامين إلى طهران بأسرع وقت ممكن، وذلك بعد تأخر نقلهم الثلاثاء، بسبب إجراءات إدارية، فيما أعلنت طهران عن تضاعف أعداد الوفيات.
وزير الصحة الإيراني حسن هاشمي الموجود في السعودية قال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية التوصل إلى اتفاق مع نظيره السعودي خالد الفالح لإعادة جثامين الحجاج الإيرانيين إلى إيران "في أسرع وقت".
ونقلت صحيفة عاجل على موقعها على تويتر إشادة هاشمي بالجهود السعودية وقوله بأن حادث التدافع أمرا خارجا عن إرادتها.
ووزير صحة #إيران يقول:
حادث التدافع في #منى كان أمراً خارجاً عن الإرادة،ونحن نسلم لمشيئة الله وقدره.
— خبر عاجل (@3ajel_News) سبتمبر 30, 2015
وكالة الأنباء السعودية، أوضحت فجر الخميس، بعد اجتماع في جدة بين وزير الصحة السعودي خالد الفالح، ونظيره الإيراني حسن هاشمي، أن "الطرفين اتفقا على نقل جثامين المتوفين الإيرانيين الذين تم التعرف عليهم بأسرع وقت".
كما اتفق الوزيران على الاستمرار في التواصل للتعرف على بقية حالات الوفاة، ورعاية المصابين"، حسب الوكالة.
وكان المرشد الاعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي قال الاربعاء إن "الحكومة السعودية لا تقوم بواجبها فيما يتعلق بإعادة الجثامين"، وحذر خامنئي من "رد فعل قاس" إذا لم يتم احترام الإيرانيين.
وكان من المقرر عودة الجثامين الثلاثاء، ولكن إيران أعلنت عن تأخر نقلها بسبب إجراءات إدارية.
فيما طلبت إيران الأربعاء، من السعودية عدم دفن جثامين حجاجها في مكة المكرمة، وطالبتها باستعادة جميع المتوفين.
سعوديون يرفضون اتهامات إيران
وحول انتقادات إيران للسعودية فى أزمة تدافع منى، قال الكاتب والمحلل السياسي جميل الذيابي لـ"هافينتغون بوست عربي " إن السعودية والدول الإسلامية تعرف جيداً السلوكيات الإيرانية خلال عقود في مواسم الحج، فهي دولة لا تتورع عن القيام بأي عمل مشين ضد حجّاج بيت الله.
مشيرا إلى أن إيران تحاول التغطية على ممارساتها عبر اشغال الرأي العام بالمطالبة بتدويل الحج، واستغلال ذلك كنوع من تصفية حسابات وابتزاز سياسي، علماً أنها قامت بعمليات تفجير في الحج مرات عدة، وكل ذلك موثق، كما أنها تعلم أنها لن تفعل عشر ما تقوم به السعودية وما تنفقه لخدمة الحجاج والمعتمرين والزائرين.
وأضاف "إيران دولة تحرض حجاجها على القيام بمظاهرات في المشاعر المقدسة وترغب في تحويل الحج من شعيرة دينية مقدسة إلى فوضى وخراب ومظاهرات وتفجيرات، عبر دس بعض رجال مخابراتها وسط الحجاج لإثارة الفوضى ورفع الشعارات الطائفية التي لا علاقة لها بالحج.
وقال إن السلطات السعودية تقوم بعملها، والجميع في انتظار الانتهاء من التحقيقات ولديهم ثقة بما ستقدمه من واقع تجربة رصينة. علماً بأن الرياض لن تتردد في محاسبة كل مقصر مثلما حدث تجاه ضحايا الرافعة في الحرم.
وبين الذيابي "أنه على إيران أن تقول خيراً أو تصمت حتى تنتهي التحقيقات بدلاً من السجال والاستغلال السياسي لضحايا شعيرة دينية، كما أن على السعودية جرد جرائم إيران في الحج وعرضها على المنظمات والهيئات الإسلامية".
من جهة أخرى، قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي بسام فتيني لـ " هافينتغون بوست عربي"، إن "المحاولات التاريخية لإيران في محاولة استفزاز السعودية باستخدام شعيرة الحج لم تعد تنطلي على أحد، ومنذ حادثة 1406 ه حين استخدمت القادمين للحج وتم حشو حقائبهم بمادة الــC4 شديدة الانفجار، ومن ثم ما قام به الحجاج الايرانيون في مكة بحج عام 1407 ه وحتى اليوم لا زالت إيران تكرر أخطائها".
وتابع فتيني: يبدو أن سياسة السعودية الجديدة الحازمة جعلت الصراخ على قدر الألم، فضربة عاصفة الحزم أوجعت الساسة الإيرانيين كثيرا، ولذلك من المتوقع عطفا على مواقفها التاريخية، تقوم باستغلال حادثة منى لمحاولة حشر أنفها بطريقة ممجوجة.
وقال "تتعمد إيران تسييس الحدث لأنها لا تعترف بأنها المسئول الأول عن تداعيات الحرب في المنطقة، ولعل دعمها للحوثي أكبر دليل، لكن هذه المرة تحاول استغلال حادثة التدافع وصبغها بصبغة سياسية وهو ما لا ينطلي على من يعرف إيران وتوجهاتها."
ويرى الدكتور علي التواتي الخبير الاستراتيجي السعودي، أن الحكومة السعودية لم تعلن أي نتائج حول حادث تدافع منى والتحقيق ما زال مستمراً، والجميع في انتظار نتيجته إن كان بسبب قصور أو بفعل فاعل.
مشيرا إلى أنه لا يمكن لأحد أن يناقش أسباب ودوافع ما حدث مالم يعلن عن نتائج التحقيق بشكل رسمي.
التواتي، قال أيضا أن إصرار إيران على الشجب وتسيس الموضوع وايصاله للأمم المتحدة ماهو إلا دليل على أن هناك نية مبيتة من إيران لتصفية حسابات سياسية من خلال قصة إنسانية.
وأكد أنه لا بد أن نفرق بين القضايا الإنسانية والأمور السياسية فالسعودية فقدت خلال 3 أشهر نحو 30 مواطنا سعوديا، قضوا بالتسمم في إيران ولكن الرياض لم تطور الموضوع ولم تعطيه أي أبعاد سياسية وإنما اكتفت بالمطالبة بتحقيق جنائي.
مضيفا "ليس من المنطقي أن استغل موت حجاج في موسم حج وأهدد بالحرب، ونحن نعلم أن السعودية تقوم بدفن الحجاج الذين ماتوا خلال موسم الحج، فما جدوى مطالبة إيران بالجثامين، ولا أتصور أن تدخل إيران بحرب مفتوحة مع السعودية"