يغادر مئات الآلاف من الحجاج المسلمين السعودية الأحد 27 سبتمبر/ أيلول 2015، بعد انتهاء مناسك الحج التي شهدت أسوأ كارثة خلال هذا التجمع السنوي في السعودية منذ 25 عاما.
حيث أنهى حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج بشكل نهائي، فيما يستعدون لمغادرة مكة المكرمة بطواف الوداع، والتوجه إلى بلادهم عبر مطارات المملكة، بينما يتوجه عدد آخر نحو المدينة المنورة لزيارة مسجد وقبر النبي الكريم محمد "ص"، وبعدها يغادرون إلى بلادهم.
وبدأ الحجاج المتعجلون، الذين أنهوا حجهم أمس، المغادرة إلى أوطانهم، أو التوجه إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي الشريف وأداء الصلاة فيه، بينما يكمل جموع ضيوف الرحمن، ممن ظلوا في منى حتى اليوم الأحد، ثالث أيام التشريق، رمي الجمرات.
ويرمي من بقي من الحجاج اليوم، 13 من ذي الحجة، الجمرات الثلاث كما رموها في يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، مبتدئين بالجمرة الصغرى، فالوسطى، ثم جمرة العقبة الكبرى، ثم يتوجهون الى بيت الله الحرام لأداء طواف الوداع، آخر مناسك الحج.
وينبغي على الحاج المتأخر أن يرمي الجمرات الثلاث ويكبر مع كل حصاة.
ومن السنة وقوف الحاج بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى مستقبلاً القبلة، رافعًا يديه، يدعو الله تعالى بما يشاء من الذكر والدعاء لنفسه ولأهله وللمسلمين في كل مكان.
ويأتي رمي الجمار، تذكيراً بعداوة الشيطان الذي اعترض نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل في هذه الأماكن، فيعرفون بذلك عداوته، ويحذرون منه.
المدينة المنورة فى استقبال الحجاج
يأتي هذا، فيما بدأ طلائع حجاج بيت الله الحرام من المتعجلين الوصول إلى المدينة المنورة غربي السعودية، منذ مساء أمس، بعد أن أدوا مناسك الحج.
وأعلنت المؤسسة الأهلية للإدلاء بالمدينة المنورة، اكتمال جاهزيتها لاستقبال 550 ألف حاج، يتوقع وصولهم إلى المدينة المنورة خلال الموسم الثاني، "ما بعد الحج "، بحسب وكالة الانباء السعودية.
وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة المؤسسة عصام بن عبدالعزيز دمياطي، أن جميع اللجان الميدانية ومراكز الخدمات التابعة للإدلاء ومكاتب الخدمة الميدانية، في كامل جاهزيتها لاستقبال ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام، زوار مسجد نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام وتقديم مختلف الخدمات لهم .
وأشار إلى أن الموسم الأول، "ما قبل الحج"، شهد نجاحاً مميزاً لخطة المؤسسة .
وأفاد أن أدلّاء المدينة المنورة قدمت خدماتها خلال الموسم الأول من حج هذا العام لـنحو 734 ألفا و 413 حاجاً، من خلال مرافقها المختلفة، وكوادرها من قياديين والمرشدين والمنسقين بالميدان، لتنفذ خطتها التشغيلية بكل دقة ونجاح لخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام، زوار مسجد نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، واضعين نصب أعينهم شرف خدمة ضيوف الرحمن في ظل توجيهات القيادة الرشيدة .
والادلاء هم طائفة من أهل المدينة المنورة، كرّست نفسها وجهدها ووقتها لخدمة ضيوف الرحمن، زوار المسجد النبوي الشريف منذ عدة قرون، وتهدف إلى إرشاد الزوار والقادمين إلى المسجد النبوي الشريف، ومساعدتهم في أمور احتياجاتهم اليومية السكنية والصحية والمعيشية.
ومع أن زيارة المسجد النبوي ليست شرطاً، أو واجباً في الحج، بل ليس لها أي رابط أو صلة بالحج ، وليس لها إحرام ، إلا أن ضيوف الرحمن يحرصون على زيارة المسجد النبوي ، مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم ومثواه ، إما قبل بدء أداء مناسك الحج أو بعد اختتامها.
ويُسن للزائر الذهاب إلى المدينة النبوية للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي عّد الصلاة فيه خيراً من ألف صلاة، فيما سواه، إلا المسجد الحرام ، فالصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة، ثم يُسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حادث التدافع
ولقي 769 حاجاً من عدة جنسيات حتفهم وأصيب 934 آخرين بجروح في تدافع في موقع رمي الجمرات في منى بالقرب من مكة المكرمة، حسبما ورد في آخر حصيلة نشرتها السعودية التي تتعرض لانتقادات حادة واتهامات بسوء تنظيم الحج.
وقبل أسبوعين من بدء الحج، لقي 100 شخص مصرعهم في سقوط رافعة كبيرة في الحرم المكي في 11 سبتمبر/ أيلول.
اتهامات إيران للسعودية
وبين ضحايا تدافع منى 136 إيرانيا، بينما فقد 344 إيرانيا آخرين، مما أثار انتقادات حادة من قبل طهران التي استدعت القائم بأعمال السعودية في طهران 3 مرات خلال 3 أيام.
الرئيس الإيراني حسن روحاني من جانبه وفي نيويورك أكد على ضرورة التحقيق "في أسباب" هذا "الحادث المؤلم".
وقال في كلمة في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية إنه من الضروري "الاهتمام السريع بالجرحى والتحقيق في أسباب الحادث وغيره من الحوادث المماثلة التي وقعت في موسم الحج هذا العام".
ورد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالقول "أعتقد أنه من الأفضل للإيرانيين ألا يستغلوا سياسيا مأساة أصابت أشخاصا كانوا يؤدون أكثر الشعائر الدينية قدسية"، مؤكدا أن الرياض "ستعرض الوقائع عندما تعرف".
النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري طالب بأن يكون لإيران ممثلوها أثناء التحقيق لتحديد أسباب الكارثة، متهما السعودية بسوء الإدارة ورجال الأمن السعودي بقلة الخبرة، محملا حكومتها المسئولية عن الحادث.
مفتي السعودية
ورأى مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن التدافع كان أمراً لا يمكن للبشر السيطرة عليه.
وقال متوجها إلى ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف الذي يرأس لجنة الحج "أنتم غير مسؤولين عما حصل لأنكم بذلتم الأسباب النافعة التي في أيديكم وقدرتكم".
واضاف "أما الأمور التي لا يستطيع البشر عليها فلا تلامون عليها والقدر والقضاء إذا نفذ لا بد منه".
وأنهى الحجاج السبت مناسك الحج بإشراف قوات الأمن التي قامت بتنظيم حركة الحشود على إثر انتشارها بكثافة في الموقع الذي حصل فيه التدافع.
ولم تصدر السلطات السعودية لائحة مفصلة بالضحايا حسب جنسياتهم، لذلك يواجه عدد كبير من الحجاج صعوبات في محاولاتهم العثور على أقرباء لهم فقدوا.
شهود عيان
وقالت سيدة من هؤلاء الحجاج فقدت شقيقها "لم ننم ولم نأكل منذ الحادث، نجري على أقدامنا من مستشفى لآخر"، وأضافت "أعطينا اسمه وصورته للمستشفيات".
وقال حجاج إن التدافع سببه إغلاق طريق قرب موقع رمي الجمرات وسوء إدارة قوى الأمن لتدفق الحجاج.
وصرح عبد المحمود إبراهيم (52 عاما) "آمل أن يستخلص منظمو الحج العبر للحج العام المقبل"، بينما طالب أحد الناجين من التدافع بتحسينات في موقع رمي الجمرات.
من جهته وصف النيجيري عباس تيجاني (57 عاما) حالة الفوضى التي سادت يوم وقوع الحادث وتحدث عن "صراع من أجل البقاء".
وقال في المستشفى حيث يعالج أن "كل شخص كان يحاول انقاذ نفسه، وكان عدد كبير من الأشخاص على الأرض"، بينما لم تؤد توجيهات الشرطة سوى إلى مفاقمة الوضع.
وأدى فريضة الحج هذه السنة حوالي مليوني مسلم جاء 1,4 مليون منهم من خارج المملكة.