"إن كيدكن عظيم " من أكثر النصوص الشرعية المحفوظة عن ظهر قلب ومحفورة في أذهان الناس بالأخص الرجال والتي من خلالها بنوا معتقداتهم ووجهة نظرهم في ترجمة سلوك وطريقة تفكير وردود أفعال المرأة بشكل عام، تغاضوا عن بساطة المرأة ورقتها وأصبحوا ينظرون لها على أنها كائن لا يخلو من التعقيد وصعب الفهم، منهم الذي يري أن عهودهن لا تستحق الثقة بها، ومنهم من أدرك أنه يجب أن يُخاف منها أكثر مما يُخاف عليها..
وهناك من رسموا لها صورة على أنها مثل الحرباء لديها القدرة على التشكُل و التلون بأكثر من لون في سبيل أنها تحصل على ما تريد وأن دماغها لا يخلو من السم مقارنة بالحية والأفعى في لدغ فريستها والثأر منها، لذلك أصبحت المرأة في نظرهم كائناً ماكراً وخبيثاً عليهم أن يتجنبوا مكره و شره، يشمون بها رائحة الغدر وينتظرون منها الخيانة بأي لحظة، صنعوا من هذه الآية شماعة يعلقون عليها خباث ولؤم ومكر وافتراء لجميع النساء ولم يستثنوا واحدة، مع الأسف لم يكلفوا أنفسهم مشقة البحث عن التفسير الصحيح لهذا النص وغيره من النصوص التي تخص النساء ربما لأنهم تعودوا على الحقائق المُسلم بها التي قد انتهى فيها التفكير ولا تصح إعادة النظر والتمحيص بها مرة أخرى، و ربما خوفاً من أن البحث و التفسير الصحيح يكون مخالفاً لمعتقدات يؤمنون بها تجعل لمكانتهم منزلة أقل قدراً وشأناً وعظمة من مكانة النساء وبالتالي تفقد بعضاً من علوها عليها.
وربما خوفاً من أن ادعاءهم المزيف برسم الفضيلة في تكريم المرأة ينكشف، حيث أن تكريمهم للمرأة مجرد قول فقط و ليس فعلا ً، تعددت الاحتمالات ولكنها نتاج لسبب واحد ألا وهو ثقافة الفقهاء والشيوخ التي محورها الرجل فهو الأساس في تفسيراتهم ورؤياهم التي اقتصرت فيها المرأة على أنها مجرد "أداة" ترضي غروره ورغباته وغرائزه. هذا في الدنيا, أما عن الآخرة فقد صيغت الأداة في شكل مكافأة لهم موعودين بها لتقوم بمتعتهم.. منهج ورؤى ثقافتهم الذكورية لم تجعلهم يكلفون أنفسهم مشقة البحث عن مكافأة المرأة في الجنة مثلما بحثوا عن مكافأة الرجل ل"حور العين في الجنة و قياسا على ذلك أمور كثيرة تخص النساء والتي تتضمن آية كيد النساء التى ألقوا عليها التركيز شتان كيد الرجال الذي ذُكر أيضا و لم يلقوا عليه نصف تركيزهم!! .
كيد الرجال ذُكر في القرآن مثلما ذُكر كيد النساء في نص "فيكيدوا لك كيدا " و ربما كيد النساء كان الأعظم لأن دافعه كان الحب، حب امرأة العزيز لسيدنا يوسف وغرامها به ولكن كيد الرجال كان بسبب الكراهية و الحقد، كراهية أخوة سيدنا يوسف له وغيرتهم منه وحقدهم عليه.
الكيد ليس ظاهرة استثنائية تحتقرها المرأة بمفردها دونا عن سائر الرجال وليس الرجال مميزين بأنهم أقل كيداً من النساء ولكن طبيعة الإنسان أنه عندما يحس بالظلم و الألم يكيد لأن الإنسان لديه القدرة على رد الاعتبار بأي وسيلة، و نظرا لأن النساء مع كل أسف أكثر مخلوقات الله تعرضاً للظلم والقهر دائما وأبدا فتضطر أن تلجأ لتدبير المكائد كي تدافع عن نفسها وترد اعتبارها لأن الطرق السلمية خذلتها ولم تنجح في استرداد حقها، ومن المؤكد أنه عندما تضع الظروف الرجل في مثل هذه المواقف التي دائما ما تقع المرأة ضحيتها سيفعل مثلها وأكثر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع