5 أيام فقط تفصل المصريين عن عيد الأضحى، وحالة الركود ما زالت تسود أكبر أسواق بيع المواشي والأغنام، وسط القاهرة، ففيما تصدح حناجر الباعة وهو يعرضون ما لديهم، تراجعت أقدام المشترين المنشغلين بكيفية توفير مستلزمات أبنائهم مع اقتراب العام الدراسي.
وعلى الرغم من أن مشتري اللحوم يقصدون السوق الكائن في حي "السيدة زينب" طوال العام، إلا أنه يأخذ طابعًا مختلفًا مع اقتراب عيد الأضحى الذي يعتبر موسم الذروة للنشاط التجاري لمربي وتجار الماشية.
كساد بسبب الأسعار
بدا السوق في حالة كساد، تجلت تأثيراتها على وجوه التجار قبل أفواههم، التي اشتكت من ضعف الإقبال، نتيجة غلاء الأسعار، فيما امتلأت حظائر المكان بمئات من رؤوس الأغنام والماشية.
عند مدخل السوق، يقف الوسطاء بانتظار الراغبين في الشراء، وبمجرد اقتراب مشترٍ يتلقاه الوسيط عارضًا خدماته وإمكانياته في اختيار الأضحية المناسبة؛ أملاً في الحصول على "عمولة".
سعر الكيلو الواحد من المواشي (العجول والأبقار) البلدية المستوردة، قبل الذبح، يبلغ بحسب وزارة الزراعة، من 29- 31 جنيهاً (3- 4 دولارات)، مقابل 37 جنيهاً (5 دولارات) للكيلو الواحد من الأغنام، بانخفاض عن قيمة السوق المحلي .
في المقابل، يبلغ سعر الكيلو الواحد من المواشي غير المستوردة، قبل الذبح، 37 جنيهاً، أما الأغنام فالكيلو يصل إلى 45 جنيهاً (8 دولارات)، بارتفاع بلغت قيمته قرابة 5 جنيهات عن العام الماضي، بحسب تجار.
زيادة 5 جنيهات
حامد أحمد حسن (تاجر) يقول "الأسعار مرتفعة جدًا هذا العام، والسوق هادئ، لكن هذا أمر خارج عن إرادة التاجر أو مربي الماشية، فغلاء الأعلاف التي تتغذى عليها الحيوانات هو ما تسبب في هذا الوضع".
ويضيف حامد: "مقارنة بأسعار العام الماضي فإن كيلو اللحم القائم (وزن الحيوان قبل ذبحه) زاد ما يقارب من خمسة جنيهات، وهذا تسبب في انخفاض نسبة المشترين الذين كانوا يفضلون شراء عجل أصبحوا الآن يكتفون بخروف صغير".
ويتفق معه في هذا الأمر، محمد وهبة، رئيس شعبة الجزارين بالغرفة التجارية بالقاهرة (هيئة حكومية)، والذي توقع أن تتسبب زيادة الأسعار هذا العام، في انخفاض نسبة المقبلين على شراء الأضاحي، مقارنة بالعام الماضي.
ويشير وهبة إلى أن الحكومة "تحاول التغلب على مشكلة غلاء أسعار الأضاحي عن طريق تزويد السوق بكميات من اللحوم المستوردة الأقل سعرًا".
وكانت وزارة الزراعة المصرية أعلنت، في وقت سابق، أنها ستوفر كميات كبيرة من اللحوم المستوردة لمواجهة ارتفاع الطلب، ومنع انفلات الأسعار خلال أيام عيد الأضحى، فضلاً عن توفير الأضاحي البلدية الحية بمزارع قطاع الإنتاج التابعة لها.
وقالت الوزارة في بيان لها نشرته وسائل إعلام محلية: "بمناسبة قدوم عيد الأضحى تقرر تخفيض أسعار الأضاحي من اللحوم البلدية الحية بمزارع قطاع الإنتاج التابعة للوزارة، لمواجهة غلاء الأسعار وضبط الأسعار، ومنها الأغنام بسعر 37 جنيهاً للكيلو الواحد قبل الذبح، والأبقار بسعر 31 جنيها لكيلو، والعجول بسعر 29 جنيها".
عيد بلا أضحية
محمود إبراهيم (موظف حكومي)، قال إنه لن يشتري أضحية هذا العام، وسيكتفي بشراء اللحوم الجاهزة، لعدم قدرته المادية، ولتزامن العيد مع اقتراب الموسم الدراسي، المقرر أواخر الشهر الجاري، وهو ما يتطلب توفير مستلزمات أبنائه من الزي المدرسي، والكتب، وغيرها، مشيراً إلى أن هذا الأمر يشكل "عبئاً كبيراً على أية أسرة".
وعن سؤاله عما إذا كان ينوي شراء أضحية لهذا العام، أجاب وليد أبو الدهب (عامل في إحدى ورش السيارات) باستغراب: " لسنا قادرين على شراء كيلو لحمة، كيف نشتري خروف"، مضيفا " أحوال البلد صعبة".
زيادة غير طبيعية
وفي تفسيره لارتفاع الأسعار، قال سامي طه، نقيب البيطريين، إن "زيادة الأسعار بدأت منذ فترة طويلة بمعدل غير طبيعي، ومع دخول موسم عيد الأضحى تنعكس هذه الزيادة على سوق الأضاحي".
وتوقع طه "استمرار غلاء أسعار اللحوم بعد انتهاء موسم العيد، وذلك بسبب وجود أزمة في أعداد الحيوانات بالسوق المحلية".
وإلى جانب سوق "السيدة زينب" تتركز في القاهرة عدة أسواق أخرى، وتلك التجمعات التي يتخذها التجار على أطراف الطرق، وكلها تشهد حالة من الكساد.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال البنك الدولي، في بيان له، إنه في عام 2010، كانت الفروق صارخة، بين سكان مصر الذين تجاوز عددهم 82 مليون نسمة، وفقا للتقسيم الجغرافي، فقد تعدت نسبة الفقر في المناطق الريفية بصعيد مصر 50 %، إلا أنها كانت أقل من 15 % في المدن الكبرى.