لو سألني أحد ما الذي صدمني أكثر شيء هذا الصيف، لرويت له حكاية صورتين، كلاهما تتعلقان بنفس الموضوع، ألا وهو موضوع اللاجئين. ولكنهما تسلطان الضوء على بعدين مختلفين تماماً. أما إحداهما فهي صورة الصغير أيلان، الصبي السوري ذي الثلاثة أعوام، الذي لفظت الأمواج جسده المفارق للروح على أحد الشواطئ التركية ليصبح رمزاً لحراك عالمي مطلبه في غاية البساطة: إنهم بشر، ومرحب بهم للبحث عن المستقبل الذي يرنون إليه. أصبح الهاشتاغ المتداول على تويتر هو "إنسانية لفظها البحر على الساحل". لقد ضن العالم بإنسانيته على هذا الطفل وعلى آلاف سواه.
ولكن هناك مع ذلك من يتعاطف، وهنا آتي إلى الصورة الثانية، وهي لساندرا تسيلجكيريدو، حيث تجسد في لقطة واحدة معنى الإنسانية في هذا العالم: عناق شديد واحتضان لمنح الدفء لرجل صارع الموت لثلاثة عشر ساعة في مياه بحر إيجة.
ندرك من هذه الصور الملتقطة في الجزر اليونانية وفي الحدود الشمالية أن ثمة ما يبعث على الأمل. إنها صور للتضامن العملي الذي تبديه منظمات إنسانية رأت الكارثة فسارعت إلى المساعدة ولم تتوان في تقديم كل ما في وسعها، ومن هذه المنظمات: "المطبخ الاجتماعي: الإنسان الآخر" و "العناق".
وكنا في النسخة اليونانية من "هافينغتون بوست" قد قدمنا للقراء نبذة عما تقوم به منظمة "المطبخ الاجتماعي"، والتي عملت بجد واجتهاد على مدى أربعة أعوام، وفي الفترة الأخيرة انتقلت إلى ميتيليني، حيث بقوا لخمسة وعشرين يوماً، ويستعدون الآن للذهاب إلى هناك تارة أخرى. لقد قدمت هذه المنظمة حتى الآن ما يزيد عن عشرين ألف وجبة غذائية.
أما منظمة "العناق" فلديها سجل حافل من العطاء على مدى سنوات طويلة في ليزفوس، فعلياً نتحدث عن عشرة أعوام. كان المحرك الأساسي لمنظمة "العناق" هو الأب ستراتيس، والذي شكل مع ثلاثة من المتطوعين الآخرين من قرية كالوني فريق عمل لإغاثة اللاجئين منذ عام ٢٠٠٧. توفي الأب ستراتيس يوم الأربعاء الماضي، ولكن التركة التي خلفها من بعده لا تقدر بثمن، إنها العناق المفتوح والاحتضان المستمر لكل المعوزين وأبناء السبيل.
أثار فضولي ولفت انتباهي عبر "فيسبوك" جورجوس تيريكوس إرغاس. كنت أقرأ مدوناته حول قصص اللاجئين الذين ساعدهم بنفسه، ومنها قصة ذلك اللاجئ من سوريا الذي أراد جورجوس أن يتصدق عليه بخمسين يورو فامتنع عن قبولها، قائلاً له: "أنا شخص واحد، بإمكاني أن أتدبر أمري، أعطها لعائلة." ومنها قصة الشاب الأفغاني الذي كان يتلو أبياتاً من قصائد للشاعرة الإغريقية سافو، والذي قال إنه يأسف لأنه وصل إلى هذه الجزيرة كلاجئ في وضع مزري. ومنها قصة ذلك السوري صاحب العائلة الرائعة، الذي كان قد مر وعائلته من هنا قبل شهر وتلقى مساعدة من منظمة "العناق"، فكتب إليها من بعد ليخبرها أنه وصل إلى ألمانيا، قائلاً: "لقد نجحنا، نحن مانزال على قيد الحياة."
لقد قدموا خلال الشهور الثلاثة الماضية ستة آلاف وجبة غذائية. يقول جورجوس في تصريح للنسخة اليونانية من صحيفة ذي هافينغتون بوست: "خلال الشهور الثلاثة الأخيرة لم يقتصر الأمر على ارتفاع منسوب التدفق البشري، بل أصبح الأمر ضرباً من الجنون. نحن وحدنا مر بنا ما يقرب من ستة آلاف شخص. لقد شهدت الشهور الماضية ارتفاعاً تدريجياً في عدد من يمرون بنا يومياً، فمن عشرة في اليوم إلى عشرين، ثم خمسين ثم ستين، ثم أربعمائة كما حدث اليوم."
كوستاس بوليكرونوبولوس هو الرجل الذي أسس منظمة "المطبخ الاجتماعي: الإنسان الآخر" وحولها إلى حقيقة واقعة ومصدر خبرة يستلهم منها الآخرون ويتعلمون كيف يقيمون مطابخ في كل حي من أحياء المدينة. التقيت به في هيداري، داخل أثينا، في أحد المطابخ الخارجية المفتوحة. لم يكن قد مضى على عودته من ميتيليني سوى أيام قلائل، وينوي أن يعود إليها تارة أخرى. وبينما كان في ميتيليني سمع قصصاً كثيرة، فهذا هو بالضبط ما تقوم به منظمة "الإنسان الآخر" حيث يعدون الطعام للمعوزين وعابري السبيل، ويأكلون معاً في صعيد واحد، ويستمعون إلى ما يقصه كل واحد منهم على الآخرين من حكاياته.
كوستاس بوليكرونوبولوس وهو يعمل
القصص التي سمعوها
"قابلت رجلاً كان يعيش في اليونان وكان يعمل بشكل عادي، ثم غادر وعاد إلى سوريا قبل أن تقع الواقعة هناك. لبث هناك عامين ثم قرر أن يعود. وقبل أن يغادر بيومين كان يجلس في أحد المقاهي في مدينة حلب. سلم على مجموعة من الناس وجلس يحتسي الشاي، فانفجرت قنبلة، تطايرت شظاياها وتطايرت معها رؤوس القوم. التفت ليرى الرجل الذي كان يجلس على كرسي بجواره وقد أصبح بلا رأس. راح يمشي فوق أشلاء الموتى ليغادر المكان. وبينما كنا نتحاور اعتذرت له عن رداءة الحالة هنا فقال لي لا تعتذر فقد رأيت ما هو أسوأ من ذلك بكثير.
وردت علينا مجموعة من خمسة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين التاسعة والعاشرة جاءوا من سوريا بلا مرافق. لم يكن معهم أحد على الإطلاق.
أين آباءهم وأمهاتهم؟
لقد ماتوا، قتلوا جميعاً. لم يبق لهؤلاء الأطفال سوى قريب واحد يعيش في ألمانيا ويرغبون في الذهاب إلى هناك بحثاً عنه.
قابلت عائلة بطفلين، كلا الوالدين من العلماء، الرجل متخصص في علم الجراثيم بينما زوجته متخصصة في علم الأمراض. لقد باعا كل ما في حوزتهما، وبإمكانك رؤية أن ما كل ما في محفظتيهما من نقد هو أوراق من فئة الخمسمائة يورو، وكانا يقولان: "رجاء، كم تريد حتى تأخذنا إلى هناك."
ولكن هناك من الناس من فقدوا كل أموالهم أثناء الرحلة، فقدوها في البحر. ومنهم من تركهم سائقو سيارات الأجرة عند الميناء بعد أن أخذوا منهم كل ما بحوزتهم من حاجيات وأموال، وهناك من ليس لديهم أي مال، فقد أنفقوا كل ما كان بحوزتهم ثمناً للوصول إلى تركيا، ثم باتوا بلا شيء.
"لقد قابلت بعض الناس الذين وصلوا إلى ميتيليني وقيل لهم إن الحدود تقع على بعد ساعة واحدة فقط، ومنهم من ظنوا أنهم قريبون من كافالا وسكوبيا، والبعض ظنوا أنهم وصلوا إلى إيطاليا. إنها قصص مأساوية."
وهناك حكاية عجيبة من موريا. في أحد المخيمات ارتكبنا خطأ إذ ذهبنا لتوزيع وجبات طعام جاهزة، لتجنب القيام بالطبخ هناك نظراً لأن عدد الوجبات المطلوب كبير جداً، حوالي ثلاثة آلاف وجبة. هناك رأينا مشاهد مرعبة. أحد الرجال وضع السكين على رقبته وقال لي "إذا لم تعطني طعاماً فإنني سأنتحر هنا أمامك وسترى بأم عينيك". تعلق بالسيارة ملطخاً بالدم، وقال لي "لم آكل لا أنا ولا أطفالي منذ عشرة أيام".
المفتاح
بالإضافة إلى ذلك اسمتع جورجوس إلى كثير من القصص والتقى بأناس رائعين، وهو يدون كل ذلك على "فيسبوك"، إلا أن القصة التي أثرت فيه أكثر من أي شيء آخر تتعلق بمفتاح.
كان نظيم، الذي ينحدر من درعا في سوريا، يعمل إسكافياً. جلسنا معاً ذات صباح وساعدني في توزيع الطعام. عندما غادر لينجو بنفسه من القصف كل ما أخذه معه بشكل تلقائي كان مفتاح دكانه. تبادلنا أطراف الحديث حول كثير من المواضيع. تكلمنا عن آلامنا، فقال لي "لم يعاملنا أحد أبداً بهذا الشكل حتى الآن. خذ هذا المفتاح وإذا ما تحسنت الظروف، أرني هذا المفتاح وسوف أستضيفك. فهذا المفتاح هو أغلى ما أملك". وفعلاً، أعطاني مفتاح متجره.
يبدو لي مما دونه جورجوس في الفيسبوك أنه كان يتعرف على أناس في غاية النبل.
يقول جورجوس:
إنهم أناس على مستوى عال من الثقافة والتحصيل العلمي، يتحدثون الإنجليزية والفرنسية أفضل مما نتحدثها. قابلت ميكانيكياً كان يحدثني عن هيروستراتوس، بينما كان شخص آخر يرتل أبياتاً من قصائد للشاعرة الإغريقية سافو. ثمة أشياء يمكن أن تقولها، ولكنهم لن يصدقوك. أنا لا أقول إنه لا يأتي ضمن من يأتون بعض الناس الهمل، معاذ الله. بل هناك من هم على هذه الشاكلة من بين الآلاف الذين يأتون. ولكن ما هي أصناف هؤلاء البشر؟ ولماذا ألغت ألمانيا العمل باتفاقية "دبلن الثانية" وتعلن قبولها لمئات الآلاف من الناس؟ لأنها تعرف أن السوريين شعب عريق ومن نوعية جيدة. هي تعرف أنهم محترمون، وأن لديهم نزوع نحو الثقافة الأوروبية ولديهم ذهنية مختلفة. لماذا لا تقبل ألمانيا بالأفغان على سبيل المثال؟ فهم في حرب منذ خمسين عاماً. ولكن، عبر "هاغ" يمر الجميع، القادمون من الصومال، ومن أفغانستان ومن باكستان ومن سريلانكا.
ويمضي ليقول:
لازلت أفكر بأولئك الذين عبروا. كم من الناس العظماء قابلت حتى الآن. دعك من تيار الشيطنة.
نحن الذين نحول هؤلاء الناس إلى "حيوانات"، نحن الذين نفرض عليهم التصرف كالقطيع. ماذا تتوقع أن يحدث لك وقد أمضيت ستة أو سبعة أيام تحت الشمس بلا طعام. لاشك أنك ستعمل أي شيء حتى تطعم طفلك. حينما تعيش لخمسين عاماً في أفغانستان وقد تعودت على الأمم المتحدة وهي تلقي لك بالطعام من فوق السياج، ما من شك في أنك ستحمل نفس الذهنية حينما تأتي إلى هنا. نحن الذين نخلق هذه الشياطين حتى يتسنى لنا استهلاكها فيما بعد. هذا هو الأمر الذي ينبغي التأكيد عليه، إذا شئت. المدونات التي نكتبها والدعاية الكبيرة التي تحظى بها إنما منشؤها أننا نصدق الناس في رواية ما نراه وما نواجهه أولاً بأول، ولأننا نصدح بالحق إذ نقول إن هؤلاء الناس ليسوا شياطين، وليسوا إسلاميين، وليسوا جهاديين، وليسوا شيئاً من ذلك كله، بل نقول إن هؤلاء الناس إنما هم بشر مثلنا. وهذه دعوة عامة، بل وتحد، لكل من لا يؤمن بذلك. تعال إلى "هاغ" في ليزفوس، في المركز، في كالوني، بجوار مركز الشرطة. تعال وساعد، تعال وشاهد. تعال وجرب عن كثب، وسوف أرى كم من الوقت ستبقى وكم ستتحمل. سوف أراقب الساعة وأحسب لك.
لا وجود للدولة
كلاهما أخبراني أن الدولة لا وجود لها
قال لي جورجوس:
الشيء الجيد الوحيد الذي تحقق بمجيء الحكومة الجديدة هو قضية المواطنة، فهم على الأقل لا يزجون بنا في السجون لأننا نساعد اللاجئين، ولأننا حينما نعلم بأن الشوارع تغص بالنساء والأطفال فإننا نأتي بهم إلى "هاغ". لا تستغربوا، فقد حدث ذلك في الماضي، إذ حكم على فتاتين بالسجن لتضامنهما. ما من شك في أن ثمة تحسن. ولكن، سوى الإعلان عن برامج رحلات بعض الحافلات والسفن، لم نر شيئاً.
يقول كوستاس "لا يوجد سوى عشرة أشخاص من حرس السواحل والشرطة لتسجيل للاجئين.
أما الدولة فلا وجود لها. هناك مراكز رعاية للاجئين يدفع تكاليفها رجال الشرطة. يجري ما يشبه المزاد، ويعطونك على سبيل المثال ألف وجبة طعام في اليوم. هل تعرف كم تبلغ التكلفة للشخص الواحد؟ 5.60 يورو. المال وفير، ولا يوجد سوى قصعة من العدس النتن والأرز".
في اللحظة التي كنا نتكلم فيها كانوا في هايداري يطهون الطعام، أرز بالصلصة الحمراء.
أربعون كيلوغراماً من الأرز توفر ألف وجبة غذائية. هل تعرف كم هي تكلفة أربعين كيلوغراماً من الأرز؟ 50 يورو. المواد الأخرى تكلفتها أعلى، وأقصد المواد التي تستخدم في الأكل، الصحون والملاعق وما إليه.
قال لي جورجوس وقد بدت في نبرة صوته مشاعر الأسى والإحباط:
"نحن فريقان، مجموعنا أقل من عشرة أشخاص في موليفوس، وأقل من أربعة منا هم الذين تولوا أمر الآلاف الذين يمرون في هذه اللحظة من ههنا. لو لم نكن هنا، فحتى شمال الجزيرة كان سيكتظ بالناس الذين لا يعرفون إلى أين يذهبون وماذا يأكلون وأين ينامون. لقد بدأ هذا بالتأثير علينا نفسياً بشكل كبير. الضغط علينا هائل، ولكن ما يبقينا صامدين، على أقدامنا واقفين، هو التضامن الهائل الذي نشعر به من مختلف أنحاء الأرض."
التضامن
مأساة اللاجئين، وبشكل خاص الصور التي تصف هذه المأساة، سببت صدمة للناس حول العالم لا تقل عن صدمة التيار الكهربائي، وهذا ساهم في زيادة النشاطات المتضامنة مع اللاجئين.
قال لي جورجوس: "حتى اليونانيون الذين يعيشون في زمبابويه وفي أستوريا وفي كليفلاند، والسائحون من كافة أرجاء القارة الأوروبية يقطعون إجازاتهم ليقدموا لنا الدعم. هناك الكثير من الحب ومن الدعم الاقتصادي."
أما كوستاس، الذي يستهدف نشر فكرة "المطبخ الاجتماعي" في كل مكان، فقال لي عن ميتيليني: "جاء أحد الألمان وتبرع بملغ ثلاثمائة يورو للناس في ميتيليني حتى يقيموا مطبخاً هناك. زودتهم بوصفات الطهي وبالكميات وهم سيعدون أربعة قدور. هذا هو هدفنا، نريد أن نرى ما نقوم به هنا يتكرر في كل مكان ويقوم على تنفيذه أشخاص آخرون في المناطق المجاورة."
"جاء أحد الألمان وتبرع بملغ ثلاثمائة يورو للناس في ميتيليني حتى يقيموا مطبخاً هناك. زودتهم بوصفات الطهي وبالكميات وهم سيعدون أربعة قدور. هذا هو هدفنا، نريد أن نرى ما نقوم به هنا يتكرر في كل مكان"
الاستغلال
ولكن هناك درجة عالية من الاستغلال.
هناك الكثير من التضامن بين الناس ولكن هناك أيضاً الكثير من التبرم. يقولون "ما هي حاجتنا لهم هنا؟ إنهم يحتلون مواقعنا. نذهب إلى المستشفى فنراه مكتظاً بالأجانب. ونحن، ماذا عسانا نفعل؟ أن نموت؟ فليموتوا هم". هؤلاء ليسوا أناساً من المعوزين، وإنما هم أناس يستغلون اللاجئين.
الناس الذين لا ملاذ لهم سوى الشارع والذين هم في أمس الحاجة إلى طبق من طعام بإمكانهم أن يتفهموا حالة من هو فعلاً في حاجة، وهذا ينطبق بشكل خاص على ميتيليني حيث 60 إلى 70 بالمائة من الناس هم في الأصل لاجئون من آسيا الصغرى ومن آيفاليك. يمكن الجزم بأن 30 إلى 40 بالمائة إنما يمارسون نوعاً من التبرم والاستغلال.
بأي شكل؟
على سبيل المثال، في الفندق بدلاً من طلب 50 يورو، وهي الأجرة المعتادة، تجدهم يطلبون 90 يورو. واللاجئ الذي يصل حديثاً إلى الجزيرة ويحتاج إلى سيارة أجرة، فإن سائق السيارة يطلب من كل راكب دفع مبلغ 10 يورو لقطع مسافة لا تزيد عن اثنين كيلومتر. وقد رأيت ذلك بأم عيني وأخبرني بذلك سائقو سيارات الأجرة أنفسهم. هناك الكثير مما يمكن أن أسرده عليك، خذ مثلاً عبوة ماء الشرب الصغيرة، يبيعونها لهم بمبلغ 2 يورو.
رسوم المهربين
بحسب ما قاله اللاجئون أنفسهم لكوستاس، والذي قضى معهم ما يقرب من خمسة وعشرين يوماً، يأخذ النخاس 800 يورو على الطفل الواحد وما بين 1200 و 1800 يورو على كل شخص بالغ. يقول كوستاس: "هناك تعاون وتنسيق بين النخاسين الأتراك ونظرائهم اليونانيين الذين ينتظرونهم في الجانب المقابل لاستلام الآلة وغير ذلك من أمور والتسليم في الجهة الأخرى."
الرحلة
الرحلة من الجزر اليونانية إلى شمال أوروبا رحلة طويلة.
يقول جورجوس: "هدفهم هو الوصول إلى ميتيليني، وأخذ الورقة، والتسجيل ثم الركوب في السفينة والتوجه نحو إيدومين ومغادرة اليونان. لا يرغب أي منهم في البقاء هنا."
وهذا هو رأي كوستاس أيضاً، الذي يقول: "الجميع يخطط للذهاب من هنا إلى أماكن أخرى، إلى ألمانيا أو فنلندا أو السويد أو المجر. يودون الذهاب إلى حيث يوجد لهم أقارب، ولا يوجد من بينهم من يرغب في البقاء في اليونان. هؤلاء الناس ليسوا مهاجرين بل هم لاجئون. إن اللاجئ حينما يقرر ترك وطنه فإنه يبيع كل ما وراءه ولا يبقي على شيء، ويأخذ المال ويذهب إلى حيث يأمل في بدء حياة جديدة في مكان آخر."
هاتان المنظمتان، بالإضافة إلى منظمتين أخريين (مثل "مأوى اللاجئين" ومثل "قرية معاً")، هي الأقرب إلى الناس المعوزين. ولذلك لا أملك إنهاء هذا المقالة قبل أن أقدم نصيحة: تذكروا كل هذه القصص المختلفة التي وردت في هذه المقالة في المرة القادمة حينما يقف إنسان محتاج ببابكم. ودعونا جميعاً نستلهم العبر.