ما بين الشائعة والحقيقة

علاج الشائعات ليس صعب وليس سهل بنفس الوقت ولكنه يتطلب العمل بأخلاص وحب للوطن وأيجاد حل لان الشائعات تضر الانسان كأنسان ويجب ان نتعامل مع بعضنا البعض بأنسانية

عربي بوست
تم النشر: 2015/09/14 الساعة 08:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/09/14 الساعة 08:12 بتوقيت غرينتش

يقف المواطن بين مطرقة الشائعة وسندان الحقيقة حائر ما بين هذا وذاك حيث لا يقوى على التفريق بينهما وكأن على عينيه وأذنيه غشاوة تحجب عنه الرؤيا وتمنع عنه سماع صوت الحقيقة ولو توقف لوهلة وبحث وتمحصى لكان فرق ما بين الزيف والحقيقة , أصبح العالم العربي ملاذ آمن ومنطقة خصبة لانتشار الشائعات وتفشيها بين جنبات المجتمع وأصبحنا نتغذا عليها ونتعايش معها ؛ وهنا ندق ناقوس الخطر ويجب البحث بهذا الموضوع قبل الانفجار المجتمعي حيث أصبح عقل المواطن غير قادر على تفسير الموقف , ويتعامل المواطن العربي بشكل عام بسخرية يملأ بها وقت فراغة وعندما تحول الشائعة الى سخرية يصبح من السهل انتشارها بين مواقع التواصل الاجتماعي وتنتشر الصور والفيديوهات الساخرة والطرائف والعبارات الناقدة وتتحول بساعات قليلة الى الاكثر متابعة ومشاهدة وتصبح قضية رأي عام وهنا يصعب السيطرة عليها .
الشائعات تمتاز بالايجاز والسهولة في التذكر وسهولة النقل وهذه اسباب انتشارها في العالم العربي وهي تعتمد على المعلومة الجاهزة والمسؤولية الكبرى تكون على المؤسسات الاعلامية قبل المواطن ويكمن الخلل بهذه المؤسسات وهو الاعتماد على المعلومة الجاهزة لكسب اكبر قدر من المتابعين دون التحري من دقة المعلومة والسبب هو سرعة انتشار المعلومة وتسجيل سبق صحفي لهذه المؤسسات وهنا تقع هذه المؤسسات بالخطأ , ويتحمل المواطن اللوم بحيث لا يكلف نفسه عناء البحث عن المعلومة الحقيقية من المعلومة المزيفة ؛ وكذلك التدخل فيما ينشر وما لا ينشر مما يتسبب بفقدان المصداقية وانعدام المعلومة او ندرة الاخبار بالنسبة للمواطن والصحافة وهنا يكمن الخلل بالحكومات التي تراقب وتتدخل وتقمع العمل الصحفي وتمنع المواطن من ابسط حقوقة واهمها وهي حرية الرآي والتعبير وحق الحصول على المعلومة .
غالبا ما نجد الشائعة تحتوي على جزء صغير من الأخبار أو الحقائق، ولكن عند ترويجها تحاط بأجزاء خيالية بحيث يصعب فصل الحقيقة عن الخيال، أو يصعب التعرف على الحقيقة من الخيال .
ان للشائعة اخطار على المجتمع فبإمكانها القضاء على مجتمعات بأكملها بمجرد انتشارها وتعزز الخطوط الوهمية التي تركها الاستعمار خلفه والتي تعزز الانقسام على اساس ديني او عرقي وطائفي وعنصري واقليمي وقبلي وهذا النوع من الانقسام يؤدي الى خطر تفكك المجتمع وتخلخل الاساسات الوطنيه وتصبح الشائعة عند انتشارها كالقنبلة الموقوتة لا نعرف متى تنفجر واتمنى ان لا تنفجر وان يحفظ الله الوطن العربي من كل شر .
علاج الشائعات ليس صعب وليس سهل بنفس الوقت ولكنه يتطلب العمل بأخلاص وحب للوطن وأيجاد حل لان الشائعات تضر الانسان كأنسان ويجب ان نتعامل مع بعضنا البعض بأنسانية ؛ المنطقية في التعامل مع الأخبار والتأكد من المصدر وخصوصاً مع الأخبار الحساسة والمهمة التي قد تشعر انها تؤثر على المجتمع , والابتعاد عن المؤسسات الصحفية التي تعتمد على "النسخ والصق" ومحاربتها وهنا أدعو النقابات الصحفية في العالم العربي على فتح مراكز تدريب العمل الصحفي والعمل على حملات توعية للمواطن قبل الصحفي لان لوطننا حقٌ علينا ان نحفظه من الشائعات والتفكك والانقسام , ومن الاسباب التي تمنع المواطن عن البحث بالحقيقة كثيرة ومنها انتشار المعلومة الجاهزة ونحن قد أصبحنا بالعالم السرعة حيث ان المواطن يأخذ المعلومة من اول مصدر يراه او من المصدر الذي قد تعود عليه وتكمن الخطورة بهذا النوع الاعتماد على صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي تنشر السموم بالمجتمع سواءً بعلمها او بغير علمها ؛ وان لا تسلب الحكومات حرية الرآي والتعبير وحق الحصول على المعلومة لكل من المواطنين والصحفيين وان يتم عرض الحقائق كاملة من غير العبث وحذف التفاصيل .
اخيراً وليس اخراً يجب أن يكون النقد بناءً ومبنياً على الحقائق وليس هداماً وان يكون هناك قوانين تردع مروجي الشائعات .

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد