تسببت اتهامات وزير إيراني لمنظمي حملة شعبية تدعو لمقاطعة السيارات محلية الصنع، لارتفاع سعرها، بمعاداة الثورة، في حالة من الجدل داخل الجمهورية الإسلامية.
وأطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "لا تشتري سيارات جديدة" للضغط على المصنعين المحليين لخفض الأسعار وتحسين نوعية السيارات.
خيانة لمصالح البلاد
وزير الصناعة والتجارة محمد رضا نعمت قال "من يتبع هذه الحملة يخون مصالح البلاد"، مضيفاً "هذه الحملة مخزية ومعادية للثورة، وتضر بالاقتصاد والصناعة الوطنية".
ويتهم منظمو الحملة السيارات المصنعة محليًا بأنها باهظة الثمن، ولا تراعي معايير السلامة.
العديد من الصحف الإيرانية أدانت تصريحات الوزير ودافعت عن حق المستهلكين بعدم شراء سيارات ايرانية.
وكتبت صحيفة قانون " أن الوزير لا يقول شيئا للمصنعين الذين يعرضون حياة الناس للخطر من خلال سيارات رديئة النوعية".
ويقتل حوالي 20 ألف شخص سنويًا على الطرقات في إيران، وهو رقم متدن مقارنة بـ28 ألف وفاة قبل عشر سنوات.
من جهتها، أشارت صحيفة جوان إلى أن "المستهلكين لا يشترون منتجًا، إما لأنهم لا يملكون المال، أو لأنهم غير راضين".
أحد المستهلكين ويدعى حسن مصطفاوي قال عبر حسابه على تويتر إن "فرض سيارات على الشعب لا ترقى إلى المستوى المطلوب ومكلفة، وغير قابلة للتصدير، هو خيانة".
وبعد تحذير من الرئيس الايراني حسن روحاني، عدل الوزير تصريحه، مؤكدا أنه يريد فقط حماية الصناعة المحلية.
شركتان تهيمنان على سوق السيارات
وتهيمن الشركتان الإيرانيتان، إيران خودرو وسايبا، على سوق السيارات في ظل غياب المصنعين الأجانب الذي غادروا البلاد منذ فرض عقوبات دولية على إيران بسبب برنامجها النووي،
باستثناء شركة رينو الفرنسية التي تواصل عملها في تجميع بعض السيارات فقط.
وتستهدف الحملة على وجه الخصوص سيارة "برايد" الكورية، التي صممت منذ 30 عاما، ويبلغ سعرها 200 مليون ريال ايراني (6700 دولار)، اي ما يعادل 22 ضعفا من الحد الأدنى للأجور.
وتحت ضغط شبكات التواصل الاجتماعي والصحف، قدمت شركات مصنعة عدة اعتذارها واعدة بتحسين النوعية.
الحملة تلقت دعماً كبيراً حين صرح نائب قائد الشرطة اسكندر مؤمني بأن معايير سلامة السيارات "لا تثير الارتياح"، مشيراً إلى "نقص في المنافسة ومراقبة الإنتاج".
وتخضع سوق السيارات الايرانية لحماية كبيرة، من السيارات المستوردة، إذ تصل الضرائب على السيارات المستوردة 100%، وفي العام الماضي دخلت 106 آلاف مركبة أجنبية فقط الى البلاد.
القطاع الثاني في الاقتصاد
صناعة السيارات هي القطاع الثاني للاقتصاد الإيراني، بعد قطاع الطاقة، وتشكل بين 2 و3% من الناتج المحلي الإجمالي، و12% من سوق العمل.
وتراجع الانتاج، الذي بلغ 1,65 مليون سيارة في العام 2011 بشكل حاد ليصل إلى 740 ألف سيارة في العام 2013 بسبب العقوبات الدولية.
إلا إنه تصاعد مجدداً إلى 1,1 مليون سيارة في العام 2014 بفضل تخفيف العقوبات.
وتحتل إيران حاليًا المرتبة 18 عالميًا في قائمة الدول المصنعة للسيارات.
انهيار الاقتصاد
سعيد ليلاز (خبير يعمل في قطاع السيارات منذ 20 عامًا) يشير إلى أن سوق السيارات يعكس إنهيار الاقتصاد الإيراني.
وأضاف "نصف الإيرانيين فقدوا 40% من قوتهم الشرائية في السنوات الثلاث الأخيرة" من رئاسة محمود احمدي نجاد التي انتهت عام 2013.
مؤكداً أن شراء سيارة أجنبية أمر مستحيل بالنسبة إلى 70% من الإيرانيين.
رهان على الخارج
وفي هذه السوق المحمية، يأمل المصنعون بالتعاون مع شركاء أجانب زيادة الانتاج وتحسين النوعية، خصوصا بعد ابرام الاتفاق النووي واحتمال الرفع الكامل للعقوبات.
وبدأت شركات ألمانية وفرنسية وايطالية، ويابانية، وكورية جنوبية وصينية خوض محادثات حول هذا الموضوع.
وتسعى إيران حيث توجد 17 مليون سيارة لـ79 مليون نسمة، انتاج 1,6 مليون سيارة في العام 2016 ثم ثلاثة ملايين، بالتعاون مع الشركات الاوروبية والآسيوية.