كل على ذوقك و”لا” تلبس على ذوق الناس

المثل اقتصر علىى "ذوقيات" المأكل والملبس، ولكن للأسف تطبيقة في مجتعاتنا امتد ليشمل كل "قرارات" حياتنا. كم منا درس تخصصاً جامعياً معيناً لكي يدرس "على ذوق الناس"، وكم منا لم يرد أن يدرس أصلاَ وكان يريد أن يذهب في طريق آخر خلف موهبة أو حرفة يتقنها ولكنه ترك كل شيء ودرس "على ذوق الناس".

عربي بوست
تم النشر: 2015/09/12 الساعة 03:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/09/12 الساعة 03:29 بتوقيت غرينتش

"هل تتخذ قراراتك بنفسك؟" سؤال بسيط لو وجهته لأي شخص من حولك ستجد جوابه غالباَ وبكل ثقة "طبعاَ!"،
والحقيقة أن الأفراد الذين يتخذون قراراتهم بأنفسهم "حقاَ" في مجتمعاتنا هم قلة قليلة.
"كل على ذوقك والبس على ذوق الناس" مثل عربي متداول بكثرة يلخص ببساطة منهجية تفكير مجتمع بأسره ونمط حياة كامل.
ولماذا "آكل" على ذوقي فقط؟ هل الأكل هو "القرار" الوحيد الذي يخصني وحدي ويخص مذاقي الخاص من وجهة نظرهم، ما أحب وما أكره، هذا حلو وذلك مر، هذا لذيذ وذلك سيء المذاق.

لماذا "ألبس" على ذوق الناس، ماذا لو كان "ذوقي" أن أرتدي الأبيض وكان "ذوق الناس" أن أرتدي الأسود، هل أرتدي "الأسود" من أجلهم؟!

المثل اقتصر علىى "ذوقيات" المأكل والملبس، ولكن للأسف تطبيقة في مجتعاتنا امتد ليشمل كل "قرارات" حياتنا.
كم منا درس تخصصاً جامعياً معيناً لكي يدرس "على ذوق الناس"، وكم منا لم يرد أن يدرس أصلاَ وكان يريد أن يذهب في طريق آخر خلف موهبة أو حرفة يتقنها ولكنه ترك كل شيء ودرس "على ذوق الناس".

كم من الشباب والفتيات الذين تزوجوا "على ذوق الناس" وكم من الفتيات اللاتي هرعن لزواج وارتباط ليس على "مذاقهن" عندما تجاوزن أو حتى اقتربن من سن العنوسة الذي حدده "ذوق الناس" .

كم من الأزواج الذين أنجبوا (مُجبرين لا مُحبين) أولاداَ بعدد لاعبي فريق كرة قدم ليكونوا على "ذوق الناس"، وكم من النساء اللاتي أضعن شبابهن وصحتهن في محاولة لإنجاب "ذكر" بعد "الإناث" لتكون أسرتها على "ذوق الناس".

أصبحت حياة الكثيرين منا للأسف كما يريد الناس لا كما نريد نحن، فذوق الناس يحدد دراستك وعملك ومن تتزوج ومتى وأين تتزوج ومتى تنجب طفلك الأول ومتى تنجب الثاني أيضاَ وكم تنجب بالطبع وماذا تسميهم، ماذا تشتري وما لاتشتري، أن تسافر أو لا تسافر، من تصادق ومن تعادي ومن تزور ومن تقاطع، ما تؤمن به وما لاتؤمن به، وطبعا ماذا "تلبس" فهذا أساس المثل، أو لربما أصبح المثل اليوم كالتالي "افعل كل شيء على ذوق الناس"!
كثيراَ ما أسمع من حولي يعقبون بهذا المثل نهاية حديثهم عن شيء يفعلونه في حياتهم غير مقتنعين به ولا راضين بفعله ولكن يفعلونه إرضاءً للناس، وكأنه أصبح العذر والمبرر له أو لربما القوة التي لا يستطيع التفوق عليها ومقاومتها.

لو أستطيع حذف هذا المثل العربي من تاريخ الأمثال لفعلت، ولكن حتى إن فعلت فللأسف تطبيقه تعشعش وانغرس في عقول الكثيرين، فليبق موجوداَ ولكن لماذا لا نغيره فيصبح: كل على ذوقك و"لا" تلبس على ذوق الناس!

ارض ربك ثم ارض نفسك ولا تفكر في رضا و"ذوق الناس"، افعل ماتشاء أنت لا ما يشاؤون، قل لهم "أريد" و "لا أريد" ، "سأفعل" و "لن أفعل" ، قل لهم هذا "اختياري" هذا "قراري" هذا "ذوقي"!

وتذكر بأنك واحد من الناس فافعل ما تريد أنت على ذوقك الخاص ولا تفرض ذوقك على غيرك من الناس.
ابدأ أنت، تغيّرأنت، "ارتد الأبيض" وسيتغير الناس.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد