بدأ الموطن الجزائري البسيط يشعر بوقع الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد بسبب انخفاض ثمن برميل البترول في السوق العالمية، حيث شهدت أسعار السلع في الأسواق ارتفاعا ملحوظا، بالتزامن معد دخول المدارس.
ففي بلد حدد الأجر الأدنى للعمال بـ1800 دينار ما قيمته (168 دولار)، بلغ سعر الأضاحي قبل أسبوعين من العيد ما بين 40 و70 ألف دينار، وذلك إثر ارتفاع أسعار الأعلاف.
كما يشتكي الجزائريون من هذا الارتفاع الذي يأتي متزامنا مع موعد الدخول المدرسي الذي يرهق ميزانية الأسر.
"عربي بوست"، تحدثت عن الأزمة مع مواطنين جزائريين، في محاولة لكشف أبعادها.
القادم سيء بعد انخفاض قيمة الدينار
وبعد إقدام بنك الجزائر على تخفيض قيمة الدينار، أصبح الدولار الأمريكي يساوي أكثر من 106 دينار، وهو مستوى تاريخي لم يسجل من قبل، ولأن غالبية المنتجات المصنعة والأولية يتم استيرادها من الخارج فما على المواطن الجزائري إلا الاستعداد للهيب منتظر في الأسعار.
هذا ما أكده الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، بولنوار حاج طاهر، إذ قال إنه "لا ننتظر انخفاض للمواد المستوردة من الخارج خاصة في الأشهر القادمة".
وأوضح بولنوار أن "المستوردين يسددون ثمن السلع بالعملة الصعبة، ومع انخفاض قيمة الدينار ستكون التكلفة مرتفعة"، مضيفا أن " كل ما هو مستورد أو مصنع محليا بالاعتماد على مواد أولية قادمة من الخارج سيرتفع ثمنه" مشيرا لارتفاع أسعار الحبوب الجافة بـ500 دينار الشهر الحالي، وكذلك المواد المغلفة بالبلاستيك.
بولنوار توقع أيضا، حدوث تصاعد لأسعار السلع، عند نفاذ المخزونات الحالية، مؤكدا أنه في ظل ضعف الانتاج المحلي سيستمر اللجوء إلى الأسواق العالمية لتغطية الطلب.
مواطنون يتحدثون عن الأزمة
ويكفي للجزائري أن يتوجه صباحا أو مساء للسوق، ليلاحظ ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالمقارنة مع الشهر الماضي.
دراجي، رب أسرة وأب لـ4 أولاد يشتغل كسائق في إحدى المؤسسات مقابل قرابة 330 دولار أمريكي، يقول إنه يخشى كغيره من الموظفين ذوي الدخل الضعيف، أن تأخذ حمى الأسعار منحى تصاعديا أكثر.
ويضف دراجي أن الأشياء السيئة "تأتي تباعا، فأسعار المواد الغذائية بدأت في الارتفاع، وتزامنت مع عودة أبنائنا إلى المدارس، هناك أعباء مالية كبيرة تنتظرنا".
يوسف، التاجر بأحد الأسواق الشعبية وسط مدينة ولاية جيجل شرق الجزائر، يقول إن السلع القادمة من الخارج، قل تواجدها بالسوق، نظرا لتكلفتها الباهظة، لهذا "باتت الفواكه المحلية فقط هي التي تغطي الاحتياجات حاليا".
وأضاف يوسف أن أسعار اللحوم ارتفعت أيضا، خاصة السمك، "لأن قلة المعروض منها دفع بالتجار لاستيراد بعض الأنواع من إسبانيا، لسد النقص".
أضاحي العيد ملتهبة
بينما يحضر للسفر إلى ولاية الجلفة الواقعة جنوب العاصمة والمعروفة بوفرة الضأن وأسواق بيع الماشية بالجملة، تحدث الفلاح الجزائري عبد القادر، الذي يتاجر في أضاحي العيد عن ارتفاع غير مسبوق لأسعارها.
عبد القادر أكد أن الأسعار سترتفع عن السنة الماضية لما بين 10 آلاف و20 ألف دينار، وهو ما يعادل ما بين 100 و200 دولار أمريكي.
وعن سبب هذا الغلاء المنتظر، يجيب عبد القادر بأنه "شيء طبيعي، فسعر الأعلاف تضاعف مقارنة بالعام الماضي".
السيارات ترتفع بـ10 %
وتعتبر السنة الجارية، الأسوأ على وكلاء السيارات المعتمدين في الجزائر، ففقدان الدينار 11% من قيمته، بين يناير/ كانون الثاني، وأبريل/ نيسان 2015، أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة المستوردة، الأمر الذي انعكس سلبا على البيع الذي انخفض إلى مستويات قياسية.
ما اضطر وكلاء الماركات العالمية، على غرار "إليسكوم ألجيري"، وكيل "سوزوكي" في الجزائر، لعدم تجديد عقود ما يقارب 1800 عامل، حسب ما أكده مسؤول بالشركة لـ"عربي بوست" رفض الكشف عن اسمه، وذلك بسبب الخسائر التي تكبدتها، بعد انخفاض قيمة الدينار.
ومع إقرار الحكومة الجزائرية لضريبة جديدة على السيارات الجديدة، في قانون المالية التكميلي لسنة 2015، من المنتظر أن ترتفع الأسعار بأكثر من 10%عن ذي قبل.
أسعار العقارات لم تسلم من الاتفاع
حلم امتلاك شقة عادية في العاصمة الجزائر، بالنسبة للبسطاء بات أمرا صعبا، حيث يبلغ سعر شقة من 3 غرف في أحياء آمنة، أكثر من 100 ألف دولار.
هذا ما أكده محمد صاحب أحد الوكالات العقارية حيث قال إن ضعف القدرة الشرائية للجزائريين بعد غلاء الأسعار أدت إلى ركود تجارة العقارات في الفترة الحالية، مؤكدا أن معظم العاملين في هذا المجال يشتغلون الآن في الكراء "تأجير العقارات".