راحت السكرة و جاءت الفكرة و آن الأوان لنمارس الحكم فعلا لا قولا في اجتماعات جماهيرية و لا تنظيرا في كلمات بين دفتي الدستور المستفتى عليه .
فكرت كيف سأدير المملكة و كيف سأواجه رعية متشككين في قدراتنا ، و كيف أثبت أركان حكم متزعزع تحتاج للترسيخ .
هنا حضرتني مقولة لجدة معالينا رحمها الله " امشي على عدوك معرش و لا تمشي مكرش " . صح ، هذا هو الحل ، أحتاج هيلمان و شقانق و مقانق ( محدش يسأل يعني إيه ؟ ) تجعلهم ينظرون إلى على أني بنت بارم ديله ، حاجة كده أبهة تزغلل عين الرعية و الممالك المجاورة ، اللي هي بيسميها الناس المثقفة كاريزما ، هي الكاريزما دي الحل . هي اللي بتزغلل العيون و تمنعها تشوف العيوب و حتى ان شافت العيوب تفسرها على إنها حنكة و تكتيك مقصود يعجز أمثالهم عن فهمه . حلوة الكاريزما دي و متجربة ، ده غير إنها تحقق المادة اللي هي المصدر الرئيسي للتشريع " الزعيم لازم يتظبط عشان يظبط الرعية " . أخذت نفس عميق من الفشخرة و قلت لنفسي " يا بت يا زعيمة يا أبهة ، إيه العظمة دي كلها " .
عدت للتركيز و سرحت بأفكاري . هذا الهليمان يتطلب حجرة نوم شفتشي فيها من كل شئ إيشي . دي غرفة صناعة القرار و لابد أن تكون على مستوى الحدث .
ثانيا القصر الجمهوري قصدي الريسيبشن حيث تجرى المقابلات الرسمية مع ممثلي الممالك الأخرى لابد و أن تكون غاية في الفخامة و الفخفخينا لزوم الأبهة و الفشخرة و إظهار التحول الذي طرأ في حكمنا الميمون ، لازم الكل يعرف ان اللي فات حمادة و عصرنا السعيد حمادة تاني خالص .
ثالثا مظهرنا الشخصي من ملابس و كوافير و سبا و مساج ، أومااال ( بصوت فريد الديب و هو بيشد نفس من سيجاره الممباري ) ، ده غير المجوهرات و الدهب و الياقوت و المرجان ، احمدك يا رب ( بصوت على بابا ) .
حسبت الحسبة و نظرت سريعا على الرقم المطلوب و نظرت للميزانية و رقعت بالصوت الحياني . يا وقعة كحلي !!!!
مطلوب مصاريف مدارس و علاج و لبس و أكل و شرب و رواتب و مصروف جيب و سوبر ماركت و بنزين و بامبرز . مصروفات تحتاج ميزانية فوق الميزانية المتاحة . نظرت لخطتي المستهدفة و المصروفات المطلوب و الميزانية المتاحة و شعرت بالإحباط و أنني ورطت نفسي في موضوع واسع عليا .. و فكرت ازاي الملك كان ممشي المملكة قبل كده ؟!!!
شعرت بالإحباط فصنعت كوبا من النسكافيه و مع أول شفطة سمعت وسوسة جنب ودني الشمال " و لا يهم جلالتك ، محلولة ، ممكن الخطة تتنفذ ، و بموافقة الرعية و مساهمتهم فيها كمان " رديت عليه : إزاي يا فالح ؟
وسوس ابن اللعيبة في ودني و قال : مشروع قومي . حلم الفنكوش . خطة متجربة و مضمونة . هو احنا هاننصب عليهم جلالتك ؟؟ احنا يا دوب بنأجل مطالبهم شوية لما تبشبش معانا و تبقى معدن "
و رديت تاني : مشروع قومي زي إيه ؟
قال : أي حاجة .. نفتش عن الآثار في البلكونة ، أو نحفر نفق للسوبر ماركت لتوفير النفقات و تسهيل نقل البضايع . أو ننقب عن البترول و نحفر بير في الحمام ،
نظرت له شذرا و قلت : آه ، نحفر بير و نلاقي نفسنا عند الجيران اللي تحت . بس يا ابن الهبلة .. دورك انتهى لحد هنا .
حلو المشروع القومي ده و مش هانغلب يعني ، مشروع يفتح الباب للأحلام و الطموحات و على رأي المثل " النصاب عايز طماع " و احنا يا دوب بس نزغزغ غريزة الطمع عندهم ، ده إحنا ممكن كمان نعمل صندوق تبرعات للمشروع . و نسميه مثلا " هاي ماما " زي " هاي هتلر " كده ، أو " فيفا ماما " زي " فيفا زاباتا " .
و فيه فكرة تانية جهنمية توفر سيولة سريعة ، ممكن نعمل garage sale و نبيع اللي مش محتاجينه عشان نشتري بتمنه الجديد و نعمل له دعاية كبيرة وسط الممالك التانية .
ده غير إننا لازم نضغط نفقات الأكل و الشرب و التعليم و الصحة اذا لزم الأمر . ياما ناس ذاكرت على لمبات الجاز و بقت علماء و مخترعين .
و هكذا بدأت فورا تنفيذ الخطة و كان لابد بالتزامن مع التنفيذ تهيئة الرأي العام لحالة التقشف المرتقبة . بدأت آخد كل واحد على جنب و أفهمه إنه روحي روحي روحي و أفكره إني أمه التي حملته في بطنها تسعة أشهر و أرضعته من لبنها و غيرت كوافيله إلى آخر موضوع الإنشاء المقرر على ابتدائي .
حتى السواق و الشغالة فكرتهم بجمايلي اللي مغرقاهم و مصلحتهم اللي معايا مش مع حد تاني . و هكذا عشمت الجميع بالحلق فخرموا ودانهم .
أو هكذا ظننت .. فقد بدأت نظرات غريبة في عيون الرعية ، و ضحكات صفراء ده غير التجمعات المشبوهة و الوشوشة . و التشات على الموبيل بينهم و بين بعض لما بكون موجودة .. كانت بوادر تمرد قد بدأت تعم المملكة . بس على مين ؟؟ رفعت رأسي في شمم و إباء و قلت : خليهم يتسلوا .
يتبع
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع