تدفق آلاف من المهاجرين المرهقين على النمسا السبت 6 سبتمبر/ أيلول 2015، في حافلات عبر الحدود بعد أن توقفت الحكومة المجرية عن محاولة منعهم من العبور، ووصل ما يقرب من 3 آلاف شخص حدود النمسا، وذلك بعد اتفاق ألماني نمساوي على استقبال اللاجئين معا.
فيما قالت وزيرة الداخلية النمساوية يوهانا ميكل لايتنر للصحفيين في محطة للسكك الحديدية في فيينا إن نحو 6500 لاجئ وصلوا النمسا منذ أن بدأت المجر تنقل المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل إلى الحدود وإن 2200 في طريقهم إلى ألمانيا بالفعل.
المستشار النمساوي فيرنر فايمان قال على صفحته الشخصية بـ"فيسبوك" السبت إن النمسا وألمانيا اتفقتا على السماح للمهاجرين في المجر بعبور حدودهما، كما أعلنت المستشارية النمساوية القرار مؤكدة أنه تم "بالتشاور" مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
فيما قامت مجموعة من حوالي 400 مهاجر وصلوا في حافلات من المجر بعبور الحدود النمساوية سيرا على الأقدام وسط أجواء من الفرح للصعود في قطار متوجه إلى فيينا خصصته لهم السلطات النمساوية.
القرار الذي كان دافعه "الوضع الطارئ القائم حاليا للاجئين على الحدود المجرية"، دخل حيز التنفيذ السبت حيث وصلت أول قافلة تحمل 50 مهاجرا لحدود النمسا، فيما تستعد الدولتان معا لاستقبال آلاف المهاجرين.
السلطات المجرية من جانبها أعلنت تخصيص 100 حافلة لنقل 1200 مهاجر كانوا قرروا المشي حتى النمسا في مشهد هجرة غير مسبوق، إضافة إلى مهاجرين تكدسوا في محطة القطار ببودابست.
ميركل تطمئن الألمان
من جهتها طمأنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مقابلة صحفية نُشرت السبت شعبها قائلة إنه بإمكان ألمانيا مواجهة تدفق قياسي للاجئين والمهاجرين هذا العام دون زيادة الضرائب ودون تعريض هدفها بتحقيق ميزانية متوازنة للخطر، وقالت إن أزمة اللاجئين تمثل أولوية الحكومة الآن.
ألمانيا التي تطبق قوانين لجوء ليبرالية نسبيا وإعانات اجتماعية سخية أكبر دول الاتحاد الأوروبي استقبالا للفارين من الحرب في الشرق الأوسط والمهاجرين لأسباب اقتصادية من جنوب شرق أوروبا.
عدد قياسي من طالبي اللجوء بلغ 104460 شخصا دخلوا ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا في أغسطس/ آب، كما تتوقع ألمانيا وصول نحو 800 ألف لاجئ ومهاجر هذا العام أي ما يزيد 4 مرات عن مستوى العام الماضي.
وفي ضوء هذا التدفق تعتزم الحكومة الألمانية تطبيق ميزانية تكميلية لتخصيص أموال للاجئين ولمساعدة البلدات التي تقع في خط المواجهة والتي تواجه صعوبة بالفعل لتمويل إقامة الوافدين الجدد وتوفير الرعاية الطبية لهم.
ميركل وعلى المستوى الأوروبي كررت دعوتها إلى ضرورة توزيع اللاجئين بشكل أكثر تساويا على دول الاتحاد الأوروبي في إطار استراتيجية مشتركة لمواجهة أزمة المهاجرين غير المسبوقة في أوروبا.
أولي الحافلات تصل حدود النمسا
وانطلقت أولى الحافلات من محطة بودابست صباح السبت الباكر، ووصلت أولى هذه الحافلات إلى الحدود مع النمسا، وعلى متنها 50 مهاجرا نام الكثير منهم لفرط التعب، وبين من لم يناموا لم تبد علامات فرح ولايزال بعضهم يخشى نقله إلى مخيم مجري، لكن القلق أخذ في التبدد مع تقدم الحافلة غربا.
واصطف المهاجرون المرهقون في طوابير طويلة وقد لفوا أجسادهم بالبطانيات وأكياس النوم لتحميهم من المطر.
وكان بعضهم يحمل أطفالا ونزلوا من الحافلات على الجانب المجري من الحدود ثم توجهوا للنمسا سيرا على الأقدام واستقبلهم عمال الإغاثة بالفاكهة والمياه.
وحمل بعض النمساويين الذين كانوا بانتظارهم لافتات كتب عليها "مرحبا أيها اللاجئون".
الطفل الغريق
وفي الأثناء وعلى بعد 2000 كلم، دفن الطفل السوري آلان شنو الذي قضى غرقا في تركيا خلال محاولته الفرار من الحرب وهزت صورة جثته العالم، الجمعة مع عائلته في مدينة عين العرب (كوباني) السورية ذات الغالبية الكردية.
صورة جثة الطفل البالغ الـ3 من العمر ممددا على بطنه على رمال شاطئ بودروم جنوب غرب تركيا أثارت لدى نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم على الصفحات الأولى للعديد من الصحف الأوروبية، صدمة حقيقية وموجة تأثر في العالم.
ولا تزال المجر التي وصل إليها في شهر أغسطس/ آب أكثر من 50 ألف مهاجر، تدفع ضريبة هذه الأزمة.
وعصر الجمعة، قضى باكستاني (51 عاما) في ظروف لم تتضح بعد حين فر 350 مهاجرا من قطار متوقف منذ الخميس قرب بودابست بعدما أبدت السلطات رغبتها في نقلهم إلى مخيم.
تشديد القوانين المجرية
كما فر 300 مهاجر من مخيم قرب الحدود الصربية، ما دفع بودابست غلى إغلاق أحد المراكز الحدودية البرية موقتا وجزئيا.
في هذه الأجواء، سارع البرلمان المجري إلى إقرار قوانين جديدة مشددة على صعيد الهجرة كان اقترحها رئيس الوزراء فيكتور أوربان، وتعزز هذه القوانين إمكان نشر الجيش على الحدود وتعاقب أي مهاجر غير شرعي بالسجن 3 أعوام.
وكررت الدول الـ4 في مجموعة فيسغراد (تشيكيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا) الجمعة في براغ رفضها مبدأ الحصص التلقائية للاجئين، فيما اقترحت براغ وبراتيسلافا إقامة ممر للسوريين بين المجر وألمانيا إذا وافقت بودابست وبرلين على ذلك.
تصريحات حول أزمة اللاجئين
الأوروبيون يتعرضون لمزيد من الضغوط لإظهار تضامن وتعاطف مع عبور أكثر من 300 ألف شخص البحر المتوسط منذ بداية العام قضى منهم أكثر من 2600.
ودعا المفوض الأعلى للاجئين في الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الأوروبيين إلى مساعدة إيطاليا واليونان والمجر عبر توزيع 200 ألف طالب لجوء وصلوا إلى الدول المذكورة في بقية الدول الأعضاء الـ24.
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ يان أسلبورن الجمعة لدى وصوله إلى اجتماع للاتحاد تستضيفه بلاده إن "المشاعر يمكنها أيضا تحريك السياسيين وقد حان الوقت الآن".
بدوره، علق وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير من لوكسمبورغ "لا يحق لأوروبا أن تنقسم على نفسها في مواجهة تحد مماثل".
ورأى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن التباينات داخل الاتحاد "بين الشرق والغرب" تكشف قارة ممزقة بين تبني التشدد لمواجهة التدفق الكبير للاجئين على حدودها الخارجية والدعوات إلى التضامن.
وقال المسؤول الثاني في المفوضية الأوروبية فرانز تيمرمانز خلال زيارته جزيرة كوس اليونانية "نعيش لحظة حقيقة في التاريخ الأوروبي. نستطيع أن ننجح معا وموحدين، أو نفشل كل على طريقته داخل بلاده أو في جزره".
وستطرح المفوضية الأوروبية على الدول الـ28 الأعضاء تقاسم عبء 120 ألف لاجئ وصلوا أخيرا إلى اليونان والمجر وإيطاليا.
ويبحث رئيس المفوضية أيضا إمكان طلب تعويضات مالية لفترة غير محددة ولأسباب موضوعية" من البلدان التي ترفض استقبال لاجئين على أراضيها، بحسب مصدر أوروبي.
وتظاهر مئات الاشخاص مساء الجمعة في مدريد وبرشلونة للمطالبة بالمزيد من المساعدات للمهاجرين.