هل يمكن علاج ” السرطان ” بـ ” حبة أسبرين ” ؟!

الكثير من فتاوي المتقدمين والمتأخرين أثبتت أن المسلمين اليوم وكل يوم بحاجة للعلم أكثر من الاجتهادات البشرية، فالفتاوى الخاطئة لا يتجاوزها الزمن إلا بـ "العلم" سواء الشرعي أو الدنيوي.

عربي بوست
تم النشر: 2015/09/04 الساعة 06:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/09/04 الساعة 06:47 بتوقيت غرينتش

ألمانيا في عام 1440م شهدت ثورة غير مسبوقة مع اختراع أول مطبعة، وهي الفترة التي بدأت فيها أوروبا تتجه نحو الكتاب ونشر العلوم وحفظها، في حين كان علماء المسلمين يصدرون الفتاوي التي تحرم وتعارض هذا الاختراع خوفًا على الكتب الدينية من التدليس أو التحريف كما برروا لاحقًا.

واستمر التحريم نحو 252 عامًا قبل أن يتمكن العالم إبراهيم مفرقة الذي تحول من المسيحية إلى الإسلام من إقناع شيخ الإسلام آنذاك "الشيخ يكيشهيرلي عبدالله أفندي" وعلماء آخرين من خلال كتابه "وسيلة الطباعة" بضرورة الطباعة وحاجة المسلمين لمطبعة تحفظ لهم كُتبهم ومعارفهم من الضياع والحرائق والإتلاف.

وهذا الحظر الديني على المطابع كان أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى تراجع علوم المسلمين لـ252 عامًا، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا قد حققت قفزات علمية هائلة في كل المجالات.

وفي أمريكا خلال الفترة بين 1955 – 1957م، اكتشف العالمان اليهوديان جوناس سولك وألبرت سابين لقاح شلل الأطفال، ورغم مرور 60 عامًا على اكتشافه وإنقاذه لملايين الأطفال سنويًّا من الإعاقة والموت، ما زالت فتاوى تتناقل على التلفزيونات الرسمية وإذاعات الإف إم بتحريمه في بعض المناطق في أفغانستان وباكستان والسودان ونيجيريا وفي مصر وغيرهم من بلاد المسلمين.

ويبرر من يعارض لقاح شلل الأطفال بأنه مؤامرة يهودية وأمريكية لقطع نسل المسلمين، لإضعاف القدرة الجنسية لدى الأطفال وحرمان الإناث من الحمل، إضافة إلى فتاوى تعتبره لقاحًا يعارض مشيئة الله الذي قد أراد للمولود أن يكون مشلولًا أو مشوهًا أو ميتًا.

في عام 1514 اعتبر العالم البولندي نيكولاس كوبرنيكوس أول من طور وصاغ نظرية دوران الأرض، التي اكتشفها وسبقه إليها بـ 200 عام العالم المسلم "ابن الشاطر"، ورغم كل الأدلة العلمية التي قدمت والتي اكتشفت بعد ذلك وبرهنت على دوران الأرض، ما زالت الفتاوي منذ 7 قرون تصدر بتحريم قول "دوران الأرض"، وما زال علم الفلك من العلوم المشكوك فيها لدى كثير من المسلمين لتراكم الفتاوى منذ قرون حول هذا العلم.

وهكذا ما زالت الكثير من الفتاوي الخاطئة تصدر في بعض الدول المسلمة منها ما يحرم حتى اللغة، وقد تشدد البعض في شرق آسيا إلى أن أفتى بكره مس الكتب المكتوبة باللغة الإنجليزية، وقد سبقهم إلى تحريم لغات العجم علماء عرب برروا ذلك من كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية (يرحمه الله) والذي جاء فيه "فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، ولا يصح لمسلم التكلم بغيره".

إضافة إلى ما ينقل عن الإمام أحمد بن حنبل (يرحمه الله) حين سئل عن الدعاء في الصلاة بالفارسية، فكرهه، وقال: "لسان سوء ولا يصح الحلف بها ولا الصلاة وسائر العبادات" .

الكثير من فتاوي المتقدمين والمتأخرين أثبتت أن المسلمين اليوم وكل يوم بحاجة للعلم أكثر من الاجتهادات البشرية، فالفتاوى الخاطئة لا يتجاوزها الزمن إلا بـ "العلم" سواء الشرعي أو الدنيوي، الذي نحاول من خلاله معالجة أخطاء الماضي وتخلفنا في الشرق عن جيراننا في الغرب.

لذا قبل كل ذلك على المسلم أن يعي أن "الفتوى" ليست "وحيًا" إنما رأي واجتهاد بشري قد يخطئ وقد يصيب، وما يخطئ منها قد يتحول إلى "سرطان" لا يمكن علاجه بـ "حبة إسبرين".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد