تظاهر العشرات في تونس مساء الثلاثاء 1 سبتمبر/ أيلول 2015، احتجاجا على مشروع قانون "المصالحة" الذي ينص على وقف محاكمة رجال أعمال وموظفين كبار في الدولة متورطين في جرائم فساد مالي شرط أن يعيد هؤلاء الأموال المستولى عليها.
المتظاهرون في مشهد يعيد للأذهان أيام ثورة الياسمين قبل 4 سنوات تجمعوا أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، وأطلقوا هتافات بينها "لا للمصالحة مع الفاسدين" و"لا، لن نسامح!"، في حين انتشر في المكان عدد كبير من رجال الشرطة.
متظاهرون: الحكومة تريد تبييض الفساد
"لطيفة سلمي" إحدى المشاركات في التظاهرة قالت إنها جاءت تلبية لدعوة جرى تناقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مضيفة أن "الحكومة تريد حماية السارقين وتبييض الفساد، هذا القانون لن يمر! لن يمر إلا على أجسادنا!".
المحامي "شرف الدين قليل" العضو في حركة "لا لن نسامح" التي تأسست إثر الإعلان عن مشروع قانون "المصالحة" الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، قال إن "هذه التظاهرة ليست سوى بداية تحرك" احتجاجي.
مضيفا أن الهدف هو "رفض هذا النص الذي يرسخ الفساد في البلاد"، معتبره مشروع قانون "يتعارض مع الدستور والعدالة والمسار الديموقراطي".
وكانت منظمة الشفافية الدولية دعت الاثنين البرلمان التونسي إلى "عدم المصادقة" على مشروع قانون "المصالحة"، محذرة من أنه في حال اقراره "سيشجع" على الفساد و"اختلاس المال العام".
مشروع حكومة الصيد
وفي منتصف يوليو/ تموز الماضي، تبنت حكومة الحبيب الصيد "مشروع قانون أساسيا يتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي" وأحالته على "مجلس نواب الشعب" للمصادقة عليه.
ويقضي مشروع القانون بوقف محاكمة رجال أعمال وموظفين كبار في الدولة متورطين في جرائم فساد مالي شرط أن يعيد هؤلاء الأموال المستولى عليها.
ولم يحدد البرلمان تاريخا للنظر في مشروع القانون الذي رفضته المعارضة ومنظمات غير حكومية و"هيئة الحقيقة والكرامة"، وهي هيئة دستورية مستقلة مكلفة تطبيق قانون "العدالة الانتقالية" الذي صادق عليه البرلمان في 2013.
هيئة الحقيقة والكرامة: القانون يشجع على الفساد
وكانت سهام بن سدرين رئيسة "هيئة الحقيقة والكرامة" أكدت أن "محاسبة" المتورطين في الفساد المالي وإجراء "مصالحة" معهم هي "صلاحية (قانونية) حصرية" للجنة "التحكيم والمصالحة" وهي إحدى لجان الهيئة.
وحذرت بن سدرين من أن مشروع القانون الذي قدمه الرئيس التونسي "تطغى عليه الرغبة في تبييض الفساد، و(تكريس) الإفلات من العقاب، ولا يضمن عدم تكرار جرائم الفساد بل يشجع عليه".
وينص مشروع القانون على أن "تلغى جميع الأحكام المتعلقة بالفساد المالي والاعتداء على المال العام" من قانون "العدالة الانتقالية" الذي صادق عليه البرلمان التونسي في 2013 وأحدثت بموجبه هيئة الحقيقة والكرامة.
وكان فساد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وعائلته وأصهاره، من أبرز أسباب الثورة التي أطاحت به في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.