وهكذا تربعنا على عرش الحكم في المملكة ، ودانت لنا جنباتها الممتدة من غرف النوم جنوبًا حتى التراس شمالًا بالولاء والطاعة، وأقر لنا سائر الرعية بالبيعة. وآن لنا الآن أن ننظم شئون الملك وأن نضع دستورًا يحدد شكل المملكة ويبلور طبيعة العلاقة بين أفراد المملكة وبين الأفراد والحكام.
كوب من النسكافيه (قطيعة الكيف بيذل) وقلم رصاص وورقة بيضاء والتكييف وأنا، شكلوا الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد. وضعت ديباجة مفاداها "أن فاقد الشئ لا يعطيه، وبناءً عليه لازم الزعيم يتظبط عشان يقدر يظبط الرعية". وجعلت هذه المادة هي المصدر الرئيس للتشريع في المملكة. ومنها استلهمت البند الثاني في الدستور، شكل علم المملكة، وجعلته بمبي مسخسخ/ لون المستقبل الواعد الذي ينتظر المملكة في عهدنا السعيد، وعلى رقعة العلم رسمت عصا وجزرة لتكون إشارة واضحة تعبر عن طبيعة الحكم في المملكة.
ثالثًا: للديموقراطية أنياب، لذا قررنا ألا تدخل عتبات المملكة، وألا تعكر صفو الود بين الرعية و الحكام (اللي هم إحنا طبعًا).
رابعًا: الديكتاتورية ويا لهذا النظام المسكين الذي عانى طويلًا من الأباطيل ومن تشويه السمعة. إن الديكتاتورية تعني ببساطة أن شخصًا واحدًا يشيل الليلة (أي المسئولية) والديكاتورية تكليف لا تشريف، وقد قررنا تحمل هذه المسئولية كاملة نيابة عن الشعب، ورفع عبء الحكم و همومه و مشاكله عن كاهل الرعية ، خلي الشعب يعيش (على رأي كبير الفلاسفة المطرب ريكو).
خامسًا: المعارضة رجس من عمل الشيطان، وربنا ما يجيب معارضة بيننا أبدًا، ويجعلنا على وفاق دائمًا وأبدًا، وعلى رأي المثل: الباب اللي تجيلك منه المعارضة سده واستريح.
سادسًا: ليس بالبرلمان وحده يحيا الإنسان. مصاريف ودعاية انتخابية ويفط وبدل جلسات واجتماعات وتضييع وقت. بينما الديكتاتور العادل (اللي هو إحنا) يقدر يصدر قوانين حلوة وأد كده وبسمسم. وطازة بنار الفرن حسب ما تقتضيه الحاجة ولا الحوجة لبرلمان.
نظرت لدستوري بإعجاب وامتنان للدماغ الأصلي التي صاغته. وصدقت عليه واعتمدته بعد قراءة سريعة لبنوده على أفراد الشعب في "الليفنج بارك".
وبقي أخيرًا توزيع الحقائب الوزارية لتسيير أمور الحكم في المملكة. والتي كانت كالتالي:
وزارة المواصلات: كان مرشحًا لها محمد السواق أو ولدنا الكبير، وانتصرت مشاعر الأمومة لصالح ولي العهد (وأهو برضه بينفعنا أنا وإخواته في المشاوير حال غياب السواق).
وزارة الإعلام دمجناها مع المخابرات العامة في حقيبة واحدة (حد ليه شوق في حاجة ؟!) وطبعًا كانت من نصيب آخر العنقود وهي خبرة لا يستهان بها في المجالين.
وزارة السياحة والترفيه كانت من نصيب البنت الكبرى.
وزارة الدفاع طبعًا كانت من نصيب الملك (منتهى العدل له وكرم أخلاق مننا وكدهون).
واحتفظت لنفسي بحقائب المالية والخارجية والتموين والتعليم والصحة والعدل والشباب و
الرياضة (امنع الضحك).
وزعت الحقائب الوزارية على مستحقيها ودعوتهم لحلف اليمين الدستوري، فتبادلوا نظرات تشبه نظرات حسن البارودي في فيلم "باب الحديد" وهو يخاطب يوسف شاهين" قناوي يا ابني، تعال وهاجوزك هنومة " .
لكنني عملت ودن من طين والأخرى من عجين وخرجت رافعة الرأس واثقة الخطوة أمشي ملكًا.
(يتبع)
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.