قرار الزواج ليس بالأمر السهل وخاصة بما يحمل معه من التزامات يعتبرها البعض خطوة صعبة، ولكن ما يزيد من تعقيدها في المجتمع السعودي تكلفتها المادية حتى قبل دخول قفص الزوجية بدءاً من المهر الذي أصبح عند عدد كبير من السعوديين غاية لا وسيلة!
ومن هنا جاءت مبادرة أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل لتخفيف أعباء الزواج على الشباب، حيث وجه محافظي منطقة مكة المكرمة بعقد لقاء عاجل بشيوخ القبائل لإعداد وثيقة تعالج ارتفاع المهور والحد من الإسراف في مناسبات الزواج، وجاء في نص البرقية التي وجهها أمير منطقة مكة المكرمة للمحافظين أنه "عطفاً على ما لوحظ في الآونة الأخيرة من غلاء في المهور عند بعض الأسر ما أسهم في ارتفاع معدلات العنوسة، فإن الأمر يستدعي التقاء محافظي المنطقة بشيوخ القبائل لسنّ وثيقة تحديد مهور الزواج، يتم تصديقها من محاكم المحافظات، والرفع بها لأمير المنطقة "، وذلك بتحديد مهر العروس البكر 50 ألف ريال، و30 ألفاً للثيب.
وجاء هذا القرار بسبب مبالغة بعض القبائل والعائلات السعودية بطلب مهور عالية والتي قد تتراوح في بعض الأحيان بين 100ألف و150 ألف ريال سعودي.
المهر حسب أعراف المجتمع!
ناقوس الخطر يدق في الأوساط الاجتماعية وخاصة مع ارتفاع نسبة العنوسة بين السعوديات التي من المتوقع تصل إلى 4 ملايين فتاة العام الجاري، بعد أن كانت مليون ونصف المليون في عام 2010 وذلك وفق دراسة أجراها الدكتور علي الزهراني عضو التدريس في الجامعة الإسلامية، ويرى المتخصصون أنّ غلاء المهور هو سبب من أسباب العزوف عن الزواج.
ولكن من جهتها ترى المحامية السعودية نواف العيد أنّه من "الصعب تحديد المهور، وخاصة في ظلّ ارتفاع الأسعار وكثرة متطلبات العروس واحتياجاتها، وكذلك اختلاف طبقات المجتمع فمن الصعب تحديد حد أدنى أو حد أقصى، لأنّ المهور تتبع العرف في كل مجتمع".
والسؤال الأهم الذي طرحته "العيد" والذي ما يزال هناك التباس حوله "هل سيكون هذا القرار ملزماً، وهل سيقوم الجميع بتطبيقه دون اللجوء إلى طرق ملتوية تحول دون ذلك؟".
الشباب السعودي مستهتر!
إن تحديد المهر يحمل معه تساؤلات كثيرة بين السعوديات، ومنهن "وفا" التي أشارت لـ "عربي بوست" إلى أنّه "في حال وافقت الفتاة على تخفيض مهرها هل يوجد شباب سعودي جاد يرغب بالزواج، من وجهة نظري أغلبهم مستهترين لا يرغبون بالالتزام ولا بالزواج".
أما "لمياء" التي كانت أقلّ حدّة في رأيها من وفا تقول إن تحديد المهر مرتبط بشكل أو بآخر بالعادات والتقاليد، وكلّ حسب إمكانياته المادية ويجب عدم تحميل الطرف الآخر أعباء تفوق طاقتهم بالتحمّل.
ومن جهتها ترى السيدة "نجوى" أنه سواء كان هناك قرار يلزم في تحديد سعر المهر أم لا، فإن الأمر يجب أن يكون قابلاً للنقاش من قبل الطرفين وكلّ حسب قدراته المادية، ومن المهم الاتفاق على كل تفاصيل الزفاف على سبيل المثال من سيتحمل تكاليف أهل الفتاة أم الشاب.
هروب العريس السعودي إلى الخارج!
تتفاوت تكاليف الزواج من مدينة لأخرى في السعودية ولكنها في نهاية الأمر تبقى عالية، والسبب كما يراه الدكتور "توفيق السويلم"، رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية "أواصر"، يعود إلى الرغبة في المفاخرة والتباهي في حفلات وتجهيزات الزواج الأمران اللذان دفعا العائلات إلى طلب مهور عالية في تزويج بناتهم، لينتهي الأمر بـ "هروب الشباب السعودي خارج المملكة والبحث عن زوجة تراعي وضعه الاقتصادي" على حدّ قول السويلم.
وتسعى جمعية أواصر إلى الحد من ظاهرة العنوسة وتسهيل الزواج من خلال تنظيم أعراس جماعية، لأنها كما يقول السويلم "تساهم في تقليل التكاليف المادية، وتساعد على بناء أسر السعودية من خلال مساهمات أفراد مهتمين بالعمل الخيري والاجتماعي ".
وأكد "السويلم" لـ "عربي بوست أن ما تقوم به الجمعية يعتبر خياراً أفضل من خيار القروض وخاصة أنّ "هناك من يلجأ للحصول على قرض الزواج عله يساعده على تحمّل تكاليف الزواج، ولكن المشكلة التي تكمن فيما بعد الحصول على القرض لأنها تعين الشاب السعودي في مرحلة معينة ثم تتحوّل إلى عبء يثقل كاهله" على حدّ قول السويلم.
الزواج أم القروض!
إنّ غلاء المهور وعدم الاستقرار المادي والمتطلبات الزائدة التي تفرضها العادات والتقاليد عند العائلات السعودية، إلى جانب مصاريف الزواج من المنزل وشهر العسل وتكاليف العرس المبالغ فيها كلها شكلت دوافعاً للبعض من أجل التقدم لقروض تثقل كاهل الزواج، الأمر الذي رفضه "مشعل البلوشي" شاب سعودي مقبل على الزواج، وبحسب رأيه "من الأفضل تأخير سن الزواج عوضاً عن الحصول على قرض".
وقد بلغ إجمالي قروض الزواج بالمملكة لعام 2014 (102.628) ألف قرض بقيمة تجاوزت (5.917.000.000)، وذلك بحسب تصريح المتحدث الرسمي للبنك السعودي للتسليف والادخار "عبد العزيز الناصر" والذي أشار إلى أن "الإقبال على قروض الزواج في تزايد، وكما هو معلوم فإنّ شريحة المستفيدين من القروض الاجتماعية بشكل عام توسّعت، وذلك بعد رفع الحد الأعلى لدخل الفرد من (8000) ريال إلى (10.000) ريال".