يبدو أن لبنان الذي اعتاد العيش على الروائح الصادرة من ملفات تتصارع فيها مختلف القوى السياسية، لم يعد يطيق يوماً واحداً رائحة النفايات التي خلّفتها هذه الصراعات في مختلف شوارع بيروت والتي بدأت تنتقل إلى مدينة لبنانية أخرى، وظهر شباب يحرسون مدنهم ليلا خوفا من تحولها إلى مكب للنفايات.
بعد أن يئست البلديات والمتعهدون من تحرك الحكومة وحل أزمة تراكم النفايات في الشوارع، بدأوا بنقلها من بيروت ومحيطها إلى مدن أخرى وتهريبيها ليلاً لطمرها سراً.
طرابلس كبرى مدن شمال لبنان كانت إحدى وجهات المهربين، الأمر الذي دفع مجموعة من الشباب أطلقوا على أنفسهم اسم "حراس المدينة"، للانتشار ليلاً في شوارع المدينة مقيمين حواجزاً لملاحقة تلك الشاحنات المحملة بنفايات بيروت.
عدد السيارات التي تمّ إيقافها حتي اليوم تجاوز العشرات، وعن ذلك يقول "محمد السعيد" أحد المتطوعين مع "حراس المدينة" إنه "تم تسليم الشاحنات إلى القوى الأمنية"، وأضاف
لـ "عربي بوست" بقوله إننا "مستمرون في عملنا ولن نسمح لهم بنقل هذه النفايات وطمرها في مدينتنا وتحويلها إلى مكب وتلويث البيئة، فهذه مسؤولية الدولة في تأمين مكب للنفايات، ولن نتحمّل أخطاء الآخرين".
اعتصام مفتوح أمام القصر الحكومي!
وشهدت بيروت تصعيداً من قبل نشطاء المجتمع المدني متمثلاً بمجموعة أطلقت على نفسها اسم "طلعت ريحتكم" دعت إلى اعتصام مفتوح أمام القصر الحكومي حتى موعد عقد الجلسة الوزارية، والتي تم تقديمها ليوم الاثنين عوضاً عن الثلاثاء وذلك حسبما أعلن وزير البيئة اللبناني محمد المشنوق.
سقط خلال هذا الاعتصام الذي بدأ السبت 22 أغسطس/ آب 2015 جرحى إثر مواجهات مع عناصر من الأمن اللبناني الذي اعتقل عدداً من المعتصمين.
لافتات وطلبات كثيرة رفعت في ساحة الاعتصام أهمها حسبما أشار ربيع شحادة أحد المشاركين لـ "عربي بوست" بقوله "نحن تجمّعنا هنا بعدما شعرنا بأن هذه الدولة غير مهتمة بمشاكلنا، وبعدما لمسنا بأن المسؤولين فيها همهم الوحيد هو تأمين مصالحهم وليس مصالح المواطنين".
وأضاف "لن نغادر هذه الساحة قبل تحقيق مطالبنا والتي حددناها أولاً بمعالجة قضية النفايات وجمعها من شوارع العاصمة وإطلاق سراح كافة الذين اعتقلتهم القوى الأمنية أمس ومحاسبة من أطلق الرصاص علينا وتعامل معنا بعنف".
وطالب المتظاهرون وزير الداخلية بالاستقالة موجهين له اتهاماً بأنه من أعطى الأوامر للقوى الأمنية بالتعامل بعنف مع المتظاهرين.
أولاً إيجاد حل لقضية النفايات، وثانيا استقالة وزير الداخلية وبعدها الحكومة وإجراء انتخابات نيابية" هذه هي المطالب التي لخصها "ربيع مراد" أحد المعتصمين.
وأضاف أن "السلطة اللبنانية أثبتت فشلها في معالجة الملفات الحياتية للمواطنين، وهي عاجزة عن اتخاذ أي قرار بسبب الصراعات الحاصلة داخلها على تقاسم المشاريع وعلى سرقة المواطنين، ونحن بدأنا ولن نتراجع حتى تحقيق كل مطالبنا، وهي إسقاط هذا النظام الفاسد".
أطراف كثيرة في الحكومة اللبنانية حاولت استغلال هذه القضية لتصفية حسابات سياسية، وهو ما كان أشار إليه وزير الداخلية والبلديات "نهاد المشنوق" والذي قطع سفره للخارج الأحد ليعود إلى لبنان لمتابعة التطورات الحاصلة.