وسط حالة من الفزع، استيقظ سكان أهالي حي شبر الخيمة، أحد أقدم أحياء القاهرة وأكثرها ازدحاما، في منتصف الليل على انفجار شديد سمعه قاطنو أحياء أخرى تبعد عشرات الكيلو مترات.
بعضهم استيقظ بسبب الصوت القوي، بينما استفاق آخرون فزعين نتيجة الاهتزاز العنيف الذي كاد أن يتسبب في انهيار أبنية الحي، كما كادت الأتربة الناجمة عن التفجير والتي كست المنازل والطرقات أن تصيب أهالي الحي بالاختناق.
29 مصاباً بينهم 6 حالات خطرة خلفها التفجير الذي استهدف مبنى مقر الأمن الوطني بشبرا الخيمة، واستخدمت فيه سيارة مفخخة بحسب ما قاله تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عن مسؤوليته انتقاما لتنفيذ "أحكام الإعدام بحق المتهمين في قضية عرب شركس".
أحد السكان الحي قال "كنا نعلم فقط أن المقر جهة أمنية، فالمتاريس الأسمنتية وأبراج المراقبة والحراسة الدائمة للمبني كانت الإشارة الوحيدة لذلك، لكنه ظل بلا لافتة تحدد هويته".
وداخل منزل أحد السكان، رفض ذكر اسمه، تناثرت بقايا زجاج نافذته المهشم فوق أثاث منزله المحطم داخل الحجرة المتواضعة بالمبنى المتهالك الذي يسكنه ،ليعلق قائلا "ده خراب بيوت، ومين هايسأل عننا دلوقتي بعد ما كل شيء في البيت اتحطم، وابني من وقت الحادث يبكي من آلام الأذن التي أصيبت جراء الضغط الهائل والدوي المفزع الذي استيقظنا على إثره".
الشرفات والنوافذ القريبة للمبنى بدت محطمة، والمنزل المقابل للمبنى المستهدف دُمرت واجهته أيضا.
أحد المجندين المسؤولين عن برجي المراقبة المحطمين انطلق مسرعا ليبلغ عن مشتبه به ترك سيارته أمام المبني وأدعى أنها تعطلت وأنه بصدد الذهاب لأحد الميكانيكيبن ليحضره لإصلاحها، وسرعان ما فر هاربا بمساعدة شخص آخر كان يقود دراجة نارية. وانفجرت السيارة المفخخة وأصيب معها الجندي وأميني الشرطة الذين كانوا قرب مكان الانفجار.
حالة رعب
وعلى الشبكات الاجتماعية تنوعت البوستات والتدوينات، لتعكس حالة الانزعاج والقلق إلى جانب السخرية.
"محمد صفاء" أحد سكان مدينة أكتوبر كتب على صفحته علي فيسبوك "مين سمع الانفجار"، ليبدل العبارة بأخرى جديدة بعد ما يقرب من نصف ساعة قائلا "مين ماسمعش الانفجار".
سمير حسين زعقوق، دون شهادته وقال إنه تصور أن الانفجار صوت شيء ثقيل وقع مثل البرميل، وتصورت زوجته أنه صوت "رعد" حتى علم من جارته أنه صوت انفجار قنبلة.
وكتب على فيسبوك يروي قصة الحوار بينه وبين زوجته حول سبب هذا الصوت الصاخب حتى سمع جارته تنادي: سمعتوا صوت القنبلة؟.
مراتي : سمعت صوت الرعد؟أنا : مش رعد يا حبيبتي ، ده صوت تنك ، أو برميل وقع من السطحمراتي : تنك إيه ؟ وبرميل إيه؟أنا : …
Posted by سمير حسين زعقوق on Wednesday, August 19, 2015
فيما كتب محمد أبو المجد والذي يسكن بالقرب من مقر الانفجار متحدثا بشيء من التفصيل عن أكثر اللحظات رعبا، وقال "اعتقدنا فور حدوث الانفجار أن البيت ينهار" وقال إنه لم يستطع خلال لحظات رؤية زوجته وابناءه، الذين كانوا يجلسون إلى جواره، نتيجة الأتربة التي غطت المكان.
الزمان: حوالي الواحدة ليلاالمكان: منزل حماتي بدمنهور شبرا خلف مبنى أمن الدولة بـ 150 متر تقريباأجلس في صالة المنزل بج…
Posted by Mohamed Abo El Magd on 20 أغسطس، 2015
البعض يسخرون
وقال آخرون إنهم لم يسمعوا صوت الانفجار أصلا، وسخروا من قدرتهم السمعية أو كيفية سماعهم هذا الصوت الذي سمعه من هم أبعد منهم بعشرات الكيلو مترات.
انا ساكن فى شبرا الخيمة وماسمعتش حاجة ليه !
هو انا مش قد المقام ولا ايه
#صوت_الانفجار #شبرا pic.twitter.com/3t3PfFCWVQ
— Mina; (@7MinaTawdros) August 20, 2015
انا مسمعتش #صوت_الانفجار
ولا حسيت بأي زلزال حصل قبل كدا
السؤال هنا :
انا دا طبيعي ولا انا الي محتاجه اتطمن علي نفسي !؟
— just one (@drnoursalem) August 20, 2015
وتناوله أخرون بطريقة هادئة معتبرين أن من فوائده أنه أيقظهم لصلاة الفجر حيث حدث التفجير قبل الصلاة بقرابة ساعة.
صباح الخير 🙂
صحيت ع #صوت_الانفجار قولت ايه ده اكيد الملائكه بتصحينى عشان اصلى الفجر
وفعلا قمت صليت وشوفت الصبح بيشقشق و العصافير بتزقزق
— hala (@HalaElZieny) August 20, 2015
وسخر شبان من تبادل الاتهامات بين المصريين فور سماع الانفجار ما بين من يتهم "داعش" أو "الاخوان" أو "المخابرات"، بالمسئولية.
#صوت_الانفجار ردورد الأفعال:شباب تظيم الدولة هيتبنوا.شباب الإخوان هيقولوا مخابرات.شباب السيسي هيلبسوها في الإخوان.شباب الثورة سمعني بودعك
— نحن نصنع التاريخ (@fox_king70) August 20, 2015
ولم تخل التعقيبات من انتقاد صمت التلفزيون الرسمي، وعدم بثه للحادث، والاكتفاء ببث الرقصات الشعبية والاغاني مثل "حلاوة شمسنا وخفت دمنا".
التلفزيون المصرى
حلاوة شمسنا وخفة ظلنا الجو عندنا تفجييير طول السنة? ?
#صوت_الانفجار pic.twitter.com/L1RqP0ZUQX
— مصطفى™ (@mostafa_ragab77) August 20, 2015
مصير المعتقلين
بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي انشغلوا بمصير المعتقلين المحتجزين بمقر الأمن الوطني، والذي يكتظ بالمئات منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي من الحكم.
بعض النشطاء تساءل، هل من بين الـ27 مصاباً أي من المعتقلين المحتجزين داخل مقر الأمن الوطني، وأشار بعضهم إلى أن ذلك المقر يتكدس بالمعتقلين الذي ينتمون إلى أغلب محافظات الدلتا.
ودللوا على هذا بأنه في أيام 9 و10 و11 أغسطس/آب مع اشتداد الموجة الحارة، أعلن قسم أول شبرا الخيمة وفاة 3 سجناء قال إنهم "لقوا مصرعهم إثر تعرضهم لأزمات صحية" وأعلنت مديرية الأمن لاحقا عن نيتها تركيب تكييف في السجن ومراوح لمنع وفاة سجناء يتكدسون داخل القسم.
بالفيديو : مشهد غير آدمي من داخل حجز قسم شبرا الخيمة 😮 حسبي الله ونعم الوكيل… http://t.co/nKxIy9KjyD
— نجوم مصرية (@misrstars) August 18, 2015
الآثار لم تسلم من التفجير
د. ممدوح الدماطي وزير الآثار، أشار إلى أن القصر الآثري لمحمد علي باشا، بحي شبرا، تعرض لأضرار، وأصيب ببعض التلفيات، فتحطم بعض النجف، وحجرة الصالون وحجرة الطعام، وسقوط 21 شباكا، وتحطم الزجاج الملون والمعشق وشروخ خطيرة بأرضية وحوائط وأسقف السراي.
شهادات حية
وقالت إحدى الساكنات التي تضرر منزلها لموقع "مصراوي": "كنا نايمين الساعة 2، وفجأة حسينا الدنيا بتقع علينا، وجريت على العيال مش عارفين ننزل أو نطلع ولقينا الدنيا كلها دخان، ومش عارفين في ايه وجوزي اتعور وفي كدمات في جسمه".
وقال أحد أبناءها: "كنا نايمين وبابا كان في البلكونة وبعد ما دخل بـ 5 دقائق، حصل الانفجار، صوتنا من الخضة كلنا، ولقينا العمارة كلها نازلة تجري على الشارع، وجارتنا اللي تحت ازاز الشقة فرقع في وشها، واصيبت بكدمات كثيرة".
تراخي أمني
شاهد عيان بمحيط الانفجار، الذي وقع بمبنى الأمن الوطني بمحافظة القليوبية، قال لإحدى الفضائيات المصرية، أن حالة التراخي الأمني السائدة بالمكان أحد أهم أسباب وقوع الإنفجار.
وقال إنه "يقطن بأحد العقارات المحيطة بمبنى الأمن الوطني، وشاهد سيارة ربع نقل تقف أمام المبنى، وترجل منها شخص، وترك السيارة "ومحدش سأله رايح فين".
وتطابقت شهادة الشاهد العيان مع أمين شرطة يدعى محمد صلاح، يعمل بمبنى الأمن الوطني، والذي قال لصحف مصرية: "أبلغونا بأن هناك سيارة نصف نقل بيضاء تقف بالخارج عند سور المبنى وعندما خرجنا حدث الانفجار ولم أتذكر شيئا بعدها حتى وجدت نفسي في المستشفى".
الشرطة تفرق مظاهرة للأهالي
وتجمع عدد من سكان شبرا الخيمة عقب الانفجار، ورددوا هتافات ضد جماعة الإخوان المسلمين – التي عادة ما تحملها الدولة المسؤولية عن أي تفجير- كان من بينها "الشعب يريد إعدام الإخوان"، و"الجيش والشعب إيد واحدة".
قوات الأمن المتمركزة في محيط الانفجار قامت بإبعادهم وفرضت قوات الأمن طوقاً أمنياً، حول مقر الأمن الوطني.