حذر المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني من خطر تقسيم العراق ما لم تمضي حكومة حيدر العبادي في تنفيذ إصلاح حقيقي لمكافحة الفساد.
وفي رد على أسئلة الوكالة الفرنسية، حمل السيستاني السياسيين "الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية" مسؤولية تفشي الفساد، والذي اعتبره عاملا ساهم في سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من البلاد في يونيو/حزيران 2014.
وكان العبادي أعلن في 9 أغسطس/آب، حزمة إصلاحية وافق عليها البرلمان، بعد أسابيع من التظاهرات ودعوة السيستاني رئيس الحكومة ليكون أكثر جرأة ضد الفساد ويطبق إصلاحات إضافية.
وقال السيستاني "اليوم، إذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الأصعدة، فإن من المتوقع أن تسوء الأوضاع أزيد من ذي قبل، وربما تنجر إلى ما لا يتمناه أي عراقي محب لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله"، بحسب ما قال مكتب السيد السيستاني للوكالة الفرنسية ردا على أسئلة وجهت إليه.
نفاذ صير العراقيين
ويعد الموقف الأحدث للمرجع الشيعي الذي يتمتع بموقع وازن في السياسة العراقية، أبرز تحذير من الأخطار التي قد يرتبها تعثر العملية الإصلاحية.
وشدد السيستاني على أن "المرجعية العليا طالما دعت الى مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العامة، وحذرت أكثر من مرة من عواقب التسويف وما إلى ذلك".
وأضاف "في الأسابيع الأخيرة لما نفذ صبر كثير من العراقيين واحتجوا على سوء أوضاع البلاد وطالبوا بإصلاحها، وجدت المرجعية الدينية أن الوقت مؤات للدفع قويا بهذا الاتجاه عبر التأكيد على المسؤولين – وفي مقدمتهم السيد رئيس مجلس الوزراء بصفته المسؤول التنفيذي الأول في البلد – بأن يتخذوا خطوات جادة ومدروسة في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية".
السياسيون مسؤولون عن الفساد
واعتبر "أن السياسيين الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحملون معظم المسؤولية عما آلت إليه الأمور، فإن كثيرا منهم لم يراعوا المصالح العامة للشعب العراقي، بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية، فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقا لذلك لا على أساس الكفاءة والنزاهة والعدالة، ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع، فأدى ذلك كله – بالإضافة إلى غياب الخطط الصحيحة لإدارة البلد وأسباب أخرى – إلى ما نشهده اليوم من سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات العامة.
وفي إشارة إلى تداعيات الفساد على الوضع العراقي، رأى السيستاني أنه "لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ولا سيما المؤسسة الأمنية، ولولا سوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر لما تمكن تنظيم داعش الارهابي من السيطرة على قسم كبير من الأراضي العراقية".
إصلاحات شجاعة
وكان السيستاني دعا العبادي في 7 أغسطس/آب إلى أن يكون "أكثر جرأة وشجاعة" في الإصلاح ومكافحة الفساد، في ما اعتبر جرعة دعم لأسابيع من التظاهرات الشعبية الحاشدة في بغداد ومناطق أخرى، طالبت بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين وتحسين مستوى الخدمات العامة.
وحض المرجع الشيعي في حينه رئيس الوزراء على ألا يكتفي "ببعض الخطوات الثانوية"، وأن يتخذ "قرارات مهمة وإجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية".
وفي 9 أغسطس/آب، أقرت الحكومة حزمة إصلاحات لمكافحة الفساد، وافق عليها البرلمان بعد يومين، مضيفا إليها حزمة برلمانية قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إنها "مكملة" للإصلاحات الحكومية، وتضبط بعض ما ورد فيها ضمن إطار "الدستور والقانون".
وأكد العبادي الأسبوع الماضي أن مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد "لن تكون سهلة"، وأن المتضررين منها سيعملون بجد "لتخريب كل خطوة".