ديسمبر عام 2007، رجل الأعمال الهندي الشهير "رتن تاتا" مالك شركة تاتا العالمية، خرج من مكتبه بعد شعوره ببعض التعب متجهًا إلى منزله وكانت الأجواء ممطرة، وفي طريقه شاهد رجًلا وزوجته وطفلين يقعان من دراجة نارية بسبب المياه التي تملأ الشوارع، وتعرضا لإصابات شديدة.
شعر "رتن تاتا" بالحزن من أجلهم وظل يفكر بأنه في حال كان هذا الشخص الفقير يملك سيارة لما تعرض وأسرته لهذه الإصابات، ورأى أن واجبه الإنساني والوطني يحتم عليه أن يساعد الفقراء في امتلاك سيارة ولو كانت صغيرة حتى يتفادوا الحوادث القاتلة التي تشهدها شوارع الهند يوميًّا وضحاياها من الفقراء.
طلب "تاتا" من سائقه العودة فورًا إلى مكتبه وهناك أعلن اجتماعًا عاجلًا مع المهندسين والمستشارين وكبار الموظفين وطلب منهم أن يصنعوا سيارة صغيرة تكون قيمتها رخيصة وآمنة واقتصادية في الوقود حتى يتمكن الفقراء من امتلاكها والتنقل بها بسلام.
بدأ المهندسون والفنيون والخبراء بدراسة الفكرة وتمكنوا في ظرف ثلاثة أشهر من إنتاج أول سيارة للفقراء وبمميزات جيدة.
في بداية الأمر، غضب رجل الأعمال بشدة من القائمين على المشروع بعد أن لاحظ أن السيارة غير آمنة بشكل كاف ومظهرها غير مناسب وأمر بتصنيع سيارة أكثر أمانًا وبمميزات أفضل، وخلال 20 يومًا تمكن الخبراء من تصنيع سيارة مناسبة المظهر وأقوى وأكثر أمانًا واقتصادًا في الوقود والقيمة.
وبعد عامين تقريبًا بدأ إنتاج سيارة الفقراء وطرحها في الأسواق رسميًّا بسعر مناسب جدًّا وباتت أرخص سيارة في العالم لا يتجاوز سعرها 2000 دولار، بها جميع المميزات الموجودة في السيارات الأخرى، وارتفع الطلب على السيارة داخل الهند وخارجها بشكل لم يكن يتخيله "رتن تاتا " نفسه.
وبفضل سيارة الفقراء ارتفعت أسهم شركات "تاتا" وتضاعف دخلها أضعافًا مضاعفة، وبالتالي أسهم في توظيف مئات الشباب والشابات، وأيقن بأن مساعدة الفقراء هي سبب ازدهار تجارته وحب الناس له، فقام بخطوة أخرى هي دعم مئات الأعمال الخيرية في الهند وإنشاء عشرات المدارس والمستشفيات بعضها مجانية وبعضها برسوم رمزية، وما زال من خلال دخل سيارات الفقراء يدعم العديد من الشباب والأسر في مشاريع تجارية صغيرة تسهم في رفع مستواهم الاقتصادي وتوفر الوظائف للعاطلين.
أتمنَّى أن تكون قصة ابن الهند "رتن تاتا" ملهمة لأصحاب رؤوس الأموال في وطني خاصة في هذا التوقيت.
كل مواطن يتمنى أن يرى سيارات وأجهزة جوالات وكمبيوترات وتليفزيونات وكل التكنولوجيا القادمة من خارج الوطن تصنع داخل الوطن "صنع في السعودية"، شريطة أن تكون منافسة في جودتها ومظهرها وسعرها لتكون في متناول جميع الطبقات وهو ما سيرفع من مبيعاتها بشكل كبير ليس في الداخل فقط بل في الخارج أيضًا، كما أن ذلك سيوفر آلاف الوظائف.
كما أن الأثرياء السعوديين وأصحاب رؤوس الاموال الكبار كثيرًا ما يتصدرون قوائم الأثرياء في الشرق الأوسط والعالم العربي ولا تخلو القوائم العالمية منهم، وفي آخر قائمة لنادي الاثرياء العرب والتي تضم 50 شخصية عربية فاحشة الثراء سنجد أن 26 شخصية منهم سعوديين.. فهل من "رتن تاتا" سعودي يا محسنين؟!