استمرارا لحالة الرفض الدولي للقانون الذي وافق عليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أخيرا، أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء 19 أغسطس / أب 2015 قانون مكافحة الإرهاب الجديد، والذي "يقوض" الحريات في البلاد.
نديم حوري، نائب المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية قال إنه "بتبني هذا القانون الجديد، خطا الرئيس المصري خطوة كبيرة نحو فرض حالة الطوارئ كقانون يحكم البلاد.
وأضاف إن "الحكومة جهزت نفسها بصلاحيات أكبر للاستمرار في القضاء على منتقديها ومعارضيها في إطار مُسمى الحرب على الإرهاب الفضفاض الذي ما فتئ يتسع أكثر فأكثر".
الحكومة المصرية ترد
ومن جانبها ردت الحكومة المصرية بقوة على الانتقادات الأجنبية التي وجهت إليها بسبب القانون.
وزارة الخارجية المصرية شددت في بيان لها "على ضرورة احترام استقلالية القرار المصري".
وقالت إن مصر لم تتدخل في شؤون أيا من الدول يوما ما، وكذلك لم تعترض على قوانين مشابها سنتها دول أخرى لمكافحة الإرهاب في الوقت الذي يعتبر الكثيرون من مواطني تلك الدول أن هذه القوانين مقيدة للحريات.
قلق أمريكي من القانون
وكانت الإدارة الأميركية نددت الثلاثاء بالقانون واعتبرته مقيدا للحريات وحقوق الإنسان.
المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيربي، أعرب عن قلق بلاده من تأثير ضار محتمل لبعض إجراءات القانون الجديد على حقوق الانسان والحريات الأساسية.
مشيراً إلى أن التغلب على الإرهاب الذي تدعم فيه الولايات المتحدة الموقف المصري، يتطلب استراتيجية كاملة، على المدى البعيد، تشيع مناخا من الثقة، بين السلطات والرأي العام، خاصة عبر السماح لمن يختلفون مع سياسات الحكومة بالتعبير عن رأيهم بشكل سلمي.
وزير الخارجية الاميركي جون كيري، كان قد دعا خلال زيارته للقاهرة في بداية الشهر الجاري النظام المصري إلى ايجاد "توازن" بين التصدي المسلح للجهاديين و"حماية حقوق الانسان.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أقر الأحد الماضي مشروع "قانون مكافحة الإرهاب".
انتقادات للقانون
وتعرض القانون لانتقادات من قبل حقوقيين وسياسيين، قالوا إنه يكرس لحالة طوارئ دائمة، ويحد من الحريات، ويفتح الباب لمزيد من القبضة الأمنية، وينتهك حقوق المواطنين التي ضمِنها الدستور.
وعارض مشروع القانون كل من نقابة الصحفيين، ومجلس القضاء الأعلى، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وعدد من المنظمات الحقوقية.
وتسبب القانون في حالة من السخط في أوساط الصحفيين المصريين، بعد أن غلظ العقوبة في جرائم النشر، إذ يُعاقب الصحفيين بغرامة تتراوح من مئتي ألف إلى خمسمئة ألف جنيه مصري (بين 25 ألف دولار و63 ألفا تقريبا) إذا قاموا بنشر "أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع"، بحسب ما ورد في المادة الخامسة والثلاثين منه.
أما المادة التاسعة والعشرون منه فتنص على عقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا إلكترونيا "بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية".
ترحيب بالقانون
يأتي ذلك في الوقت الذي رحبت فيه صحف مصرية بعضها حكومي، وأخر مستقل مقرب من الحكومة، إذ رحبت جريدة الأهرام الرسمية المصرية أمس بالقانون في افتتاحيتها تحت عنوان "أمن مصر".
وقالت الجريدة: "مع إقرار الرئيس قانون مكافحة الإرهاب، تدخل مصر مرحلة جديدة ليس فقط في مجال مواجهة هذه الآفة اللعينة، التي تستهدف تدمير الأوطان، وإنما أيضاً حماية الشعوب."
وتضيف: "كان لابد لمصر أن تتبنى قانون مكافحة الإرهاب بعدما عانت تعنتاً من الولايات المتحدة وبعض العواصم الأوروبية في وضع تعريف ثابت للإرهاب".
وقال ابن الدولة في جريدة اليوم السابع المقربة من الحكومة : "يحتاج السادة المتخوفون أن يضعوا في اعتبارهم أن هناك ضرورات تفرض إجراءات قد تكون صعبة"، محذراً من عواقب التهاون في محاربة الإرهاب التي أدت إلى "حالة مستعصية" في بعض الدول العربية.
القانون يجرم الصحافة
من ناحية أخرى، قال الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار نقلاً عن"الجزيرة" إن "ممارسة الصحافة في مصر أصبحت جريمة بفعل هذا القانون"، مشيراً إلى أن مصر تغرق أكثر فأكثر في استبدادية مريعة، لم تعد تكتفي بالتحكم في المعلومات واعتقال صحفيين".