بعد التوقيع على الاتفاق التاريخي بين إيران والغرب حول برنامج طهران النووي، اعتبر إيرانيون أن ذلك جاء تتويجا لمجهوداتهم في تطوير مستواهم العلمي والتكنولوجي وسعيهم على مدي عقود للحاق بركب الدول المتقدمة، رغم كل العراقيل أمام هذا البرنامج أو حتى تعطيله.
"عربي بوست" تعرض لأبرز العلماء الذين ساهموا في تطوير البرنامج النووي الإيراني، سواء الباقون على قيد الحياة أو الذين جرى اغتيالهم في ظروف غامضة:
1 – محسن فخري زاده مهابادي:
"فخري زاده" (مواليد 1961)، ضابط في الحرس الثوري الإيراني، وأستاذ الفيزياء في جامعة الإمام الحسين بطهران، تعتبره عدة تقارير غربية الرجل الأول في البرنامج النووي الإيراني الحالي، والمسؤول المباشر عن تطوير برامج نووية قد تكون ذات طبيعة عسكرية.
"فخري زاده" من أبرز العلماء الإيرانيين المكلفين بالخدمات اللوجستية التي تعمل لحساب وزارة الدفاع والقوات المسلحة، وعمل كرئيس سابق لمركز الأبحاث الفيزيائية، وطلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء مقابلة معه حول أنشطة مركز البحوث، لكنه رفض.
خضعت أصوله المالية للتجميد بعد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتم فرض قيود على تحركاته بعد رفض إيران السماح باستجوابه، وفى نفس الوقت سلمت طهران وثائق عن عمله للوكالة الدولية.
أجهزة المخابرات الغربية تعتبره المسؤول الأول عن "المشروع 111″، الذي يهدف حسب قولها لتطوير أسلحة نووية، لكن إيران تقول إن المشروع يهدف إلى إنشاء برنامج نووي مدني، وأن المعلومات التي نشرتها أجهزة الاستخبارات الغربية غير صحيحة.
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن تقارير سرية أعدتها وكالة الاستخبارات الأميركية تفيد بأن "فخري زاده" يقوم بتصميم رأس حربي نووي، ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تضغط عليه باستمرار وتفرض قيودا على تحركاته.
صحيفة صنداي تايمز من جانبها قالت إن فخري زاده مسؤول عن عمليات نشر التكنولوجيات المتقدمة الإيرانية، وعن خطة من 4 سنوات لتطوير بادئ "نيوتروني" لـ"ديوترايد اليورانيوم".
يعيش حاليا في إيران تحت حراسة أمنية مشددة خوفا من اغتياله، لكن تقارير صحفية تشير لزيارة سرية قام بها إلى كوريا الشمالية في إطار تعاون محتمل بين البلدين لتبادل الخبرات في المجال النووي خاصة الشق العسكري منه.
2- فريدون عباسي:
"عباسي" (مواليد سنة 1958)، وهو عالم نووي شغل منصب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بين سنتي 2011 و2013، نال الدكتوراه في الفيزياء النووية، وكان أستاذا لها بجامعة شهيد بهشتي الإيرانية، ويقال إنه عضو بالحرس الثوري الإيراني منذ سنة 1979.
ترأس "عباسي" قسم الفيزياء في جامعة الإمام الحسين في طهران، وكان مكلفا حسب تقارير غربية بتنظيم البحوث النووية في هيئة الطاقة الذرية الإيرانية قبل تعيينه في منصب رئيس المنظمة نفسها.
تعرض "عباسي" في 29 نوفمبر/ تشرين ثان 2010 لمحاولة اغتيال فاشلة نجا منها بأعجوبة، بينما قتل في نفس المحاولة العالم النووي "مجيد شهرياري"، واتهمت طهران وقتها جهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف العملية.
أثناء توليه منصبه، قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تقريرا في مايو/ آيار 2011 عن وجود أبعاد عسكرية محتملة للبرنامج النووي الإيراني.
وتلقى "عباسي" رسالة من مدير الوكالة الذرية آنذاك، "يوكيا أمانو"، حول المخاوف من وجود بعد عسكري لبرنامج إيران، كما جرى اتهامه أيضا باستخدام معهد الأبحاث الفيزيائية كواجهة لإخفاء أنشطة سرية تهدف لتصنيع سلاح نووي.
ترك "عباسي" منصبه سنة 2013، ليخلفه علي أكبر صالحي المستمر في شغل إدارة هيئة الطاقة الذرية الإيرانية حتى الآن.
3- شهرام أميري:
"أميري" (مواليد سنة 1977)، وهو عالم نووي إيراني متخصص في النظائر المشعة، اشتهر اسمه في "حرب تجسس" وقعت بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.
اختفى أميري في السعودية في يونيو 2009 خلال أدائه لمناسك العمرة، واتهمت طهران الرياض وواشنطن بالضلوع في اختطافه، قبل ظهوره بشكل مفاجئ في السفارة الباكستانية (المكلفة بتسيير الشؤون الإيرانية) في الولايات المتحدة بعد سنة كاملة في يوليوز 2010.
وقتها قال أميري إنه نجح في الفرار من قبضة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ولجأ إلى سفارة إسلام أباد.
كان أميري يزود الجانب الأمريكي بمعلومات مهمة ومستفيضة حول تقدم البرنامج النووي الإيراني الذي تشك واشنطن في سعيه لصنع سلاح نووي سري.
لكن عودته إلى طهران وعدم ملاحقة السلطات الإيرانية له أكد ما قيل في تقارير استخباراتية إسرائيلية وغربية عن تمكن "أميري" من خداع الأمريكيين لكونه عميلا مزدوجا، زود الاستخبارات الأمريكية بمعلومات مضللة توحي ببطء تقدم برنامج بلاده النووي.
4- علي أكبر صالحي:
"علي أكبر" (مواليد 1949)، وهو عالم نووي وسياسي إيراني، عمل كأستاذ وعميد لكلية شريف للتكنولوجيا في إيران، ويشغل حاليا منصب مدير هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بعدما تولى حقيبة وزارة الخارجية الإيرانية بين ديسمبر 2010 ونوفمبر 2013.
درس "علي أكبر" بالجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية، قبل أن يحصل على الدكتوراه في الهندسة النووية من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1977 كأحد أعضاء فريق كونته واشنطن لإنشاء برنامج نووي إيراني بالتعاون مع الشاه محمد رضا بهلوي كرمز للصداقة بين البلدين.
ليتحول الأمر فيما بعد إلى درس في العواقب غير المحسوبة بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979.
في 26 يونيو/ تموز 2012 تم اعتقاله من طرف شرطة المطارات في قبرص، وذلك لإدراج اسمه في قائمة الشخصيات المحظورة بالاتحاد الأوروبي، قبل أن يتم إطلاق سراحه بعد تدخل وزارة الخارجية القبرصية.
علماء إيرانيون تم اغتيالهم
بالإضافة إلى ما سبق، هنالك علماء آخرون ساهموا في تطوير البرنامج النووي الإيراني قبل أن يتم اغتيالهم في ظروف غامضة، وتتهم طهران الموساد الإسرائيلي بقتلهم، نذكر منهم على سبيل المثال:
1 – مصطفى أحمدي روشن:
"أحمدي روشن" عاش بين (1980-2012) وأحد خريجي جامعة شريف، كان خبیرا كيميائيا ومتخصصاً في صنع الأغشية البولیمیریة للانتشار الغازي، وهي جزء من العملية اللازمة لتخصيب الیورانیوم، كما كان أحد مسؤولي الشؤون التجارية في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.
قتل هو وسائقه في انفجار دراجة نارية ملغومة في طهران يوم 11 يناير/كانون الثاني 2012، ووقعت العملية بعد يوم واحد من إعلان قائد الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتز للجنة البرلمانية من أن "سنة 2012 ستكون سنة حاسمة بالنسبة لنووي إيران".
2- مسعود محمدي:
"مسعود محمدي" عاش في الفترة بين (1959-2010)، كان عالما في "فيزياء الجسيمات" أحد تخصصات الفيزياء الرياضية، صدر له أكثر من 50 مؤلفا وبحثا في الدورات العلمية، وقيل إنه يتعاون مع الحرس الثوري الإيراني في مشروعات بحثية متعلقة بالبرنامج النووي.
قتل في 12 يناير/كانون الثاني 2010 بعدما استهدفه انفجار أثناء خروجه من منزله متوجها إلى الجامعة، وتم القبض على متهم يدعى "مجيد جمالي" اعترف بارتكابه جريمة الاغتيال، وتلقيه دعما من الموساد الإسرائيلي، وحكم عليه بعدها بالإعدام.
3- مجيد شهرياري:
"مجيد شهرياري" عاش ما بين (1966-2010)، وهو عالم فيزيائي نووي مختص في "الفيزياء الكمية"، عمل كأستاذ بجامعة شهيد بهشتي، وتخصص في نقل النيوترونات، وهي العملية الأساسية في السلسلة النووية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.
اعتبرته تقارير غربية من بين كبار العلماء العاملين والمشرفين على البرنامج النووي الإيراني، وهو أحد تلاميذ علي أكبر صالحي.
اغتيل يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 بعد استهدافه في انفجار قنبلة زرعت في سيارته، واتهم الرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد تل أبيب بالوقوف وراء العملية.