(فلاش باك)
اليمن | صَنعاء
مَدرستي ..
طابور الصَباح
"الله .. الوطن .. الثورة"
ونبدأ في تغني نشيدنا الوَطني*
"رَددي أيتها الدنيا نَشيدي .. رَدديه وأعيدي وأعيدي
وأذكري في فرحتي كل شهيد .. وامنحيه حللًا من ضَوء عيدي ……."
ويتبعها بـِ كُل حماس
"تحيا الجمهورية اليمنية"
.
وَطن ..
كلمة تملأ الفاه عند نطقها .. وقعها على مسامعنا له رَهبة مُحببة ..
مَن ليس لهُ وَطن .. ليس لهُ وجود ..!
كَيانٌ مُقدس .. ألا يكفي بأننا نتبعهُ بعد اسم الجلالة في هتافاتنا ..!
.
نَشيدنا الوَطني
مُفعم بالوفاء والحَماس والولاء والفخر والتشبث والإيثار ..
وغيرها من الصفات الرائعة المُحفزّة ..
أعترف بـِ إنني في الصِغر كُنت أردده دون التمعن في كلماته ..
كان بالنسبة لي روتين قاتل .. خاصة لأنني أحفظه وأردده فقط دون فهمه ..
ولكن حينما زارني الفضول يومًا ما وحلّلت كلماته .. حينها فقط أصبحت أنشده بـِ كُل حماس
وكأن كل ذَرة في جَسدي تُغنّي .. حينها فهمت لِما يبدأ بـِ "رَددي أيتها الدنيا نَشيدي"
لأنه نشيد عَظيم .. نَشيد يتحدث عَنّي وعَنهم.. فَرددوه معنا ..!
.
"تحيا الجمهورية اليمنية"
يحيا وطننا ونموت لأجله .. فهو الأهم ..!
.
.
(الآن)
تكسّرت جميع تلك المفاهيم .. بَل تحطمت وتهشمت .. تبلدنا ..!
لماذا ..؟
ظلم وظلام .. كَبت وفَساد .. ثَورة وانقسام ..
استقرار كاذب .. طَمع وجوع .. فقر وقهر ..
دَمار وضحايا .. انفجار ودَم ..
ثُم موت وموت وموت و ………
.
نَشيد بلادي الوطني الذي أفتخر بكلماته وما بين سطوره ولحنه ..
هل كَذِب علينا ..؟!
"يا بلادي نَحن ابناء وأحفاد رجالك"
رجالٌ على حق ..!
"سوف نحمي كل ما بين يدينا من جلالك"
نحمي لا ننهب ولا نسلب الأمن من قلوب الخائفين
"كل صخرٍ في جبالك .. كل ذرات رمالك .. كل أنداء ظلالك ..
ملكنا .. إنها ملك أمانينا الكَبيرة"
أحقًا مِلكُنا يا يَمن ..؟! كيف ونحن نُلفظ من أرضنا ..!
.
هذا هو بعض من نَشيدنا الذي نعتزّ به ولا نتغنى به فقط ..
بَل ونأخذه كتاريخ ومنهج ودستور لحياتنا ..
النشيد الذي تأتي خاتمته بـ "رَددي أيتها الدنيا نَشيدي" .. رَددوه معنا افخروا معنا يا عالم ..!
ولكن ..! من وسط الوَجع والقهر والحروب انشق من نَشيدنا نَشيد آخر ..
ولكن هَذه المرة .. تُنشده أصوات مُكبّلة بالألم والضَياع .. أصوات باكية مَكسورة
.
"رَدت الدنيا سَلامي ونَشيدي"** .. فما الذي حدث ..؟
"مزّقت فجري لأشقى من جديد .. حاصرتني بـِ الطُغاة وبـِ العَبيد .. أحرقت قلبي على اليمن السعيد"
هَل من حقنا أن نُسمّيها إلى الآن "اليمن السعيد" .. ؟!
"رَدت الدنيا سَلامي ونَشيدي"
وبدأت هُنا الأصوات تستغيث وتتسائل وتلوم ..
"يا بلادي نحن راهنّا على أوفى رجالك .. فلماذا يُتركون اليوم طُعمًا للمهالك .. ولماذا لاتَكفُّ يَد الجرائم عَن قِتالك .. وسألنا كيف ذلك .. دون جدوى من سؤالك"
فهل من مُجيب ..؟!
أصابنا العَجز .. والعمى والصَمم ..
"حالنا كالليل حالك .. هاهنا يَستغِرُّ الظلم لا يخشى مصيره .. وهُنا يُسحق المظلوم لايلقى نصيرًا"
تَشتتنا .. تبّخر الآمان .. ضاع الأمل ..
"يا بلادي .. هل تخلى حُضنكِ السَبئي عنّا .. أم تُرانا مَن تخلى عَنكِ حقًا وأضعنا ..؟!"
ورُهقت أرواحنا المُرهقة بـِ الفعل ..!
"يا بلادي .. ما استرحتِ من العذاب ولا استرحنا .. شاحبٌ مرأى جمالك .. نحن نذوي من خلالك .. والرُبى تبكي كذلك .. فـ متى ننجو من البؤس الدنيء ..؟"
جميعكم تروننا ولكن لا أحد يسمعنا .. جميعكم تَدعون .. ولكننا بغير العَمل لَم ولَن نصير كيانًا واحد .. ومَن أتى ليمد يده .. نسى بها البُندقية والخَنجر فمُزّقنا أكثر ..
فـ "باعت الدنيا سَلامي ونَشيدي" …
.
ويَظل شعارنا
"تحيا الجمهورية اليمنية"
اعتدنا بأن نموت لتحيا .. ولكن الآن نموت وفقط ..!
.
.
غادة مُحسن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* النشيد الوطني الرسمي للجمهورية اليمنية
"رَددي أيتها الدنيا نَشيدي"
تأليف: عبدالله عبدالوهاب نعمان
ألحان: أيوب طارش
للاستماع
** نَشيد "رَدت الدنيا سَلامي" ..
أغنية مُستوحاه من النشيد الوطني ..
غناء: عبد العزيز عبد الغني .. أحمد سيف .. سهى المصري
تأليف: عجلان ثابت
ألحان: أيوب طارش
للاستماع وباقي المعلومات هنا
https://www.youtube.com/watch?v=zH7QQ6jStPk